ضروب شتى.. وأنماط متباينة.. تغطي اليابسة.. وفي قاع البحر لها طحالب ورخويات.. صنفها علماء النبات ووضعوا لها أصولاً وسلالات.. مميزات وخصائص لكل صنف ونوع .. أضعفها ذلك المتسلق الذي لا يرى الشمس إلا على أكتاف غيره.. منها المتسامق الوارف الظلال بل منها الضخم ضخامة عمتنا النخلة. وهل الناس إلا كذلك؟ فيهم الغض النضير.. والقوي الصلب يستمدون خصائصهم من تلك النفوس.. النفس المطمئنة.. النفس اللوامة.. النفس الامارة.. إلى ما شاء الله منها.. وكل ذلك ينعكس سلوكاً وممارسات يومية .. تأخذ وتعطي سلباً وايجاباً.. عذوبة في لهو بريء أو غير بريء.. وعمل مضن فيه الخير والصلاح.. جحود ونفاق.. ورع وتقوى.. حسبما تكون الأرض سبخة أو معطاة.. ومنها ما لا ينبت إلا الشوك والحسك.. ومنها ما يتضوع شذى كالورد ينفح بالشذى حتى أنوف السارقين .. والنفس الطيبة هي التي تملي على صاحبها بعظائم الأمور: وإذا كانت النفوس كباراً تعبت من مرادها الأجسام والرجل هو سلسلة أعماله.. فهو العارف بدخائل نفسه.. الواقف على علمه وعمله.. وفوق ذلك استبقاءً لماء وجهه لا يقصر في حق اعتماداً على مودة الآخرين.. لا ينهى عن معروف.. ولا يطلبه من غير أهله.. لا يكثر من الكلام.. وقديماً قيل إن في الصمت كلاماً.. فالصمت بلاغة من غير تلف.. فالعقل مكيال يزن الأمور قسطاساً ولا يختلج في صدره عقوق أو نكران.. بل خير يحمله بين ضلوعه يواجه به الخطوب بالقوة يقوي قلبه.. وبخوفه من الله تعالى يكون الردع والتوبة..والترفع عن ضرر الآخرين..فهو بذلك لم يحتج إلى ناصر أو سند في حياته.. لأنه جعل مخافة الله عز وجل قربى.. واستحى وسعى للخير وبالخير بقدر المستطاع.. لا يكلف الله نفساً إلا وسعها. ففساد العزيمة وختل الرأي والانسياق وراء كلمات غير مجدية تولد هبوط القدرة على ايصال ما يختمر في الفكر.. وفوق هذا وذاك ايمان بصبر ومعرفة بالنفس.. فمتى عرفنا أنفسنا اشتغلنا بإصلاحها عن عيوب الآخرين.. ص.ب 52986 جدة 21573