يطول الليل .. ويمتد .. وتصبح المواويل هي الضفيرة الزاهية لكل النجوم التي تصاعدت في عيون السهاري حتى غدت النجوى.. ويأتي - الفجر - ينبثق مثل وردة ندية في الكف الجميلة .. تماماً مثل الغشقة الحافلة بالهتاف .. ينسدل على الشواطئ فهدهد أحلامها.. وعلى أوراق الشجر فيمسح تعب السهر عنها .. ويلامس الأحداق ينقيها من التعب ويزرع فيها الأمل! هذا - الفجر - كان لنا معه هذا الحوار: . سألناه : تأتي كأنك الحلم .. كأنك المفاجأة.. وكأنك الساعد الذي يهدهد تعب الناس ومعاناتهم بعد ليل طويل .. من أنت أيها الفجر؟! .. قال : أنا هذا الحضور الجميل . الذي يأتى لحظة أن نكون كل الاشياء قد تعبت من ركضها الشهي طوال الليل.. أنا الذي أبدد ظلمة النفس مثلما أبدد ظلمة الكون ..ثم تأتي الاشراقة لتكون الفاصلة الأحلى في دفتر العشاق.. .سألناه: ماذا أيضا أيها الفجر؟! .. قال : لحظة أن اكلل حياة الناس بالحضور ..تبدأ المشاعر في الخفق ..وتبدأ ملايين الأحلام في الهجرة الى اضلوع التي تحنو عليها حتى لا تقلق !! .سألناه: ولكن .. مجموع المعاني المدهشة التي تحملها لحظة ان تطل على الدنيا والناس .. كيف تراها؟! .. قال : القيمة الجمالية للاشياء تختلف من انسان الى آخر .. الانسان نفسه هو الذي يمنح بعض الجمال القيمة .. وهو الذي يحد نسبة تألقه وازدهائه .. فالجمال ليس قيمة مطلقة بل أنه يرتبط بقدرة التلقي لدى الانسان .. احيانا تصبح الاشياء اجمل .. وأحلى .. واشهى لأن العيون التي تراها هي الجميلة .. وهي الذواقة .. وهي النقية الصافية. .سألناه: لكن هناك بالطبع حدا واضحا كل الحدود الجالية في عيون كل الناس؟! .. قال : طبعا .. فما يختلف عليه الناس لا يمكن ان يتخطى الحدود المألوفة .. والعامة .. لكن هذا الخلاف لا يجعل الاشياء أبعد مما هي عليه إطلاقاً!! سألناه: ونعود إلى سؤالنا عن المعاني المدهشة التي تحملها اطلالتك على الدنيا .. والناس؟! .. قال: كل الاشياء التي تزرع في الناس التلفت .. الراحة .. والامل .. تبدو جميلة .. وقادرة على الاقناع.. أجئ دائماً محملاً بالأحلام.. والأماني .. واقف على الكف المسكونة بالتطلع .. أحاول أن أكون - التلفت الأصلي - ..وأن أكون الانتقالة الأجمل - ..وأن أبدو كما أريد .. الحضور الأزهى.. . سألناه: وأنت يافجر عندما تكون كل هذا الحضور الحافل بالفرح .. والأماني .. والتطلع .. الا يشوبك الحزن مرة؟! ..قال: بها مرات .. فحين أطل على انسان تعيس لم يأت الحظ بعد ليطرق على بابه .. أو أكل على انسان يئن من الألم لم تنته رحلته مع الوجع بعد .. اصبح ثقيلاً .. كأني التأكيد على أن الزمن يمضي دون فائدة .. أو كأني اشعار بالاستمرار للمعاناة الفادحة. . سألناه: إذاً .. أنت مثل كل الاشياء التي لها وجهان بين الفرح والحزن. بينن الأمل واليأس ؟! ..قال: هذا صحيح .. لأن الانسان في حياته أبداً يعيش بين الفرح والحزن وبين الامل واليأس .. ليس هناك فرحاً دائماً لكل الناس .. وليس هناك حزن مستمر لكل الناس. .سألناه : وأنت تأتي أيها الفجر تكون هذا الرمز الكبير لبهاء الطبيعة تكاد تكون أجمل ما يأتي؟! ..قال: ربما الأحلى .. والأجمل .. كما قلت لكم ترتبط بالانسان نفسه .. .سألناه: وماذا تحب؟! ..قال: الانسان السعيد إنه الروح التي تشعل الدنيا بالبهاء. .سألناه: ومتى تكون أحلى ؟! .. قال : عندما أجيء بعد ليلة حافلة بالهمس .. والنجوى. .سألناه: كيف ؟! ..قال : يكون عندها الانسان على استعداد للالتفاف مع كل الذي يأتي .. ومع كل الذي سيأتي !! .سألناه : وأجمل الأشياء؟! .. قال : أن تكون اطلالتي مع حبات المطر .. عندا أصل قمة الحسن.. والبهاء. .سألناه: وعلى ماذا تأسف ؟! ..قال: على الذين ينامون فلا يرون شيئاً .. ولاينتظرون شيئاً ..!! كلام متعوب عليه آتيك الفارس الذي يلتمع البرق والرعد على حد سيفه ..ويبقى ساعده موشوماً بالحنان والحنين.. على كفى هذا الاحترام الذي ملأني به الجوى.. وفي عينيّ هذا السهر الطويل في ليل الأحلام.. كلما تفاديت النزال .. هزتني مراكب الانتظار .. وأدمتني قوافل الوحدة.. فحملت اشواقي وارتضيت المواجهة!! وتجيئين أنت المهرة الطالعة في وجه القمر .. المجدولة بنور الشموس في الصباحات الرائعة.. تأتي على شفاه الليل السمر الشهي وتسكنين حنايا القناديل حتى تبتهج .. وتزدهر .. تطلعين في القلب عصفورة .. وتأتلقين في الأحداق انبهاراً .. وتكونين هذا النداء الأغلى لكل الفراشات .. والأقمار .. والحلوى وجلسنا معًا .. نعد أحلامنا.. الأول أن يستمر توحدنا .. الثاني أن نحافظ على نبضنا منتشياً .. الثالث .. والعاشر .. والألف أن يكون هذا الزمان لنا وحدنا! ووضعنا أكفنا على الرمال .. وبنينا كوخاً صغيراً .. ما إن دخلناه حتى أوصدنا كل الأبواب والنوافذ .. حتى نظل أبداً معاً!! ورفعنا رؤوسنا صوب النجوم وحتى تكون شاهدة على توحدنا .. فأمطرتنا بالفل والنرجس.. وباركت لنا حلمنا الجميل .. وكوخنا الصغير.. والآن .. تعالَ نهمس في اذن الحلم بأن يشرق ليكون حقيقة وللأمل بأن يزدهي .. حتى يسعد قلبي .. وقلبكِ..!! معنى سلواي في هجير النوى.. هذا القلب الذي ينبض بأنفاسك!! هتاف: ما بين كل المسافات وجهكِ .. هذا الطالع من شمس الصباح لينثر النور والعطر. في الصميم كل الأشياء الحلوة تحتاج الى لحظة تأمل وإلى شعور مرهف!! معادلة كلمة واحدة فقط يمكن أن ترفعنا الى القمر والنجوم .. ويمكن أن تهبط بنا الى اليتم الموحش صارية إذا صبرنا فإننا نداري على الجراحات حتى تفيق لحظة وقد تحولت الى غصن موغل في الاثمار !! لا تغضبي كل الأشياء فيكِ تزدهي بالفرح .. وتتواصل بالابتهاج: عيناكِ جدائلكِ ونبضكِ فلماذا تغضبين؟! لماذا تحولين ابتسامتكِ من مجد عتيق إلى انهزام بالحزن والانكسار ؟! أسألك ألاَّ تغضبي .. ألاَّ تتركي هذا البهاء يفقد مهرجانه الحافل.. ويتوارى بالانفعال.. لا تغضبي فإن الذي يتوسدني حين أراكِ هذا الفرح الطفولي الرائع .. وهذه الابتسامة التي تبنى لكِ الهامة الأعظم.. أحلى الكلام شعر / زكية حاجي سألوني عنكَ .. ومن أنت من أي بقاع تأتيني ولماذا تطرق عالمنا؟! ولماذا حُبك يُشقيني ألأنّك شخص أعرفه أم أنكَ أحلام سنين أسكنتكَ جفنيّ حناناً أسقيتك من ضوء عيوني ووهبتك كلّ عناويني وبثثتك َ شوقي وحنيني سألوني عنك َ .. فمن أنتَ يا بيت قصيدي وشجوني لا لستُ كمن يطوى سرّاً جار .. في نبض شراييني فلتبقَ كما أنتَ الوافي لعهودي .. بل كلّ ظنوني ولتبق كما أنت الآتي لزماني وعداً يبقيني ولطيفِكَ سوف أغنّى له وأغنّى في ليل فتوني