البروتوكول الإضافي هو ملحق لمعاهدة منع الانتشار النووي التي دخلت حيز التنفيذ سنة1970 يهدف الي احكام رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي البرامج النووية للدول غير النووية الأعضاء في الاتفاقية.فقد اكتشفت الدول الغربية أن نظام التفتيش في الاتفاقية به ثغرات سمحت لدول بتطوير قدرات نووية رغم انضمامها الي الاتفاقية. ومن ثم ابتدعت فكرة' البروتوكول الاضافي' سنة1997 ينص البروتوكول علي حصول الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي معلومات كاملة عن أي أنشطة نووية في الدولة المنضمة اليه, بما في ذلك الصادرات والواردات من المواد النووية. كما ينص علي حق مفتشي الوكالة في الوصول الي أي مكان لتفتيشه( حتي ولو قالت الدولة إنه لاصلة له به بالأنشطة النووية), وذلك في فترة زمنية قصيرة قد تصل الي ساعتين علي أن يشمل ذلك حق مفتشي الوكالة في الدخول الفوري الي الدولة والتوجه مباشرة الي المكان المطلوب تفتيشه. وهو ما يعني أن البروتوكول الاضافي يضع الدول غير النووية الموقعة عليه تحت الوصاية الفعلية للوكالة الدولية للطاقة الذرية. ولما كانت الدول العربية قد أعلنت عن انشاء برامج نووية في العامين الأخيرين, فان الدول الغربية تشترط عليها أن توقع البروتوكول الاضافي وتصادق عليه لكي تتعاون في تلك البرامج وقد بدأت بوادر هذه الاشتراطات الغربية تتوالي. ففي حديثه مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون ضبط التسلح والأمن الاقليميين والمنشور باحدي الصحف اليومية في11 أبريل رفض أحمد أبو الغيط, وزير الخارجية,' أي محاولات لوضع مشروطية اضافية علي الدول الأطراف في معاهدة منع الانتشار النووي', في اشارة غير مباشرة الي الطلب الأمريكي من مصر توقيع البروتوكول الاضافي كشرط لتمرير البرنامج النووي. كذلك تحدث الدكتور هشام فؤاد, رئيس هيئة الطاقة النووية الأسبق مشيرا الي العراقيل التي تضعها الولاياتالمتحدة أمام البرنامج النووي المصري وحرصها علي ألا تحصل مصر علي أي خبرة نووية حتي اذا تمت اقامة البرنامج بحيث يتم انشاء البرنامج بنظام' تسليم المفتاح', بما في ذلك أنها منعت شركات محلية من توريد أجهزة كمبيوتر لأنها كانت ستورد لهيئة الطاقة الذرية المصرية. أضاف أيضا أنه' قلق من أن يجرونا الي التوقيع علي البروتوكول الاضافي كشرط لقبول البرنامج النووي. واستمر يقول' ساعتها يمكن لنا أن نوقع علي البروتوكول ولكن يجب ألا نكرر خطأ الثمانينيات عندما صدقنا علي معاهدة منع الانتشار النووي ولم نكن قد حققنا شيئا من برنامجنا النووي السلمي. لابد أن يكون هناك ثمن للتوقيع علي أي التزامات دولية أخري في المستقبل.'وفي الوقت ذاته تم اعلان خبر توقيع دولة الامارات العربية المتحدة في8 أبريل في فيينا علي البروتوكول الاضافي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية, وهو ما عد أول توقيع لدولة عربية ذات مشروع نووي للبروتوكول. وقبلها وقع العراق علي البروتوكول ذاته في26 سبتمبر الماضي رغم أن العراق ليس له أي برامج نووية. كانت مصر قد صادقت علي معاهدة الانتشار النووي في فبراير سنة1981 كشرط لتزويدها بالمفاعلات التي كان منصوصا عليها في المشروع النووي الذي بدأه الرئيس السادات. وتم التصديق علي انضمام مصر الي المعاهدة في شكل مهرجان سياسي اعتبر أن التصديق علي المعاهدة عمل قومي من الطراز الأول. وفي جلسة التصديق حذر ابراهيم شكري أن مصر يجب أن تتريث الي حين توقيع اسرائيل عليها, ولكن كمال حسن علي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك طمأنه بأن اسرائيل قد صوتت لصالح المشروع المصري المقدم الي الجمعية العامة للأمم المتحدة باعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. اعتبر كمال حسن علي أن مجرد موافقة اسرائيل علي المشروع المصري يكفي لطمأنة مصر علي أن اسرائيل قد وافقت بالفعل علي نزع سلاحها النووي. ولكن بعد التصديق بدأت الولاياتالمتحدة في المماطلة حتي تم الغاء البرنامج سنة1986 ولكن بعد أن التزمت مصر اتفاقية منع الانتشار النووي دون أن توقعها اسرائيل. ورغم أن أجل الاتفاقية كان ينتهي سنة1995 إلا أن الولاياتالمتحدة قادت حملة عالمية لتحويلها الي نظام عالمي دائم رغم معارضة مصر واصرارها علي دخول اسرائيل الاتفاقية. وهكذا أصبحت مصر ملتزمة بالاتفاقية الي الأبد دون أي التزام علي اسرائيل. بعد ذلك كانت سياسة مصر إزاء البروتوكول الاضافي أنها لن توقعه ما لم توقع اسرائيل علي اتفاقية منع الانتشار النووي. ولكن الضغوط الغربية بدأت تتوالي علي كل الدول العربية للتوقيع علي البروتوكول الاضافي, وهو ما حمل في طياته مخاطر جسيمة علي الأمن القومي العربي, ما لم تنضم اسرائيل الي معاهدة منع الانتشار النووي والبروتوكول الاضافي. ولهذا فانني أختلف مع الدكتور هشام فؤاد في قوله بأن نوقع البروتوكول الاضافي مقابل تنفيذ المشروع النووي. فعلينا أن ندرس جيدا ملف التصديق علي اتفاقية منع الانتشار سنة1981 لاستخلاص العبر. أما أن نكرر الأخطاء ذاتها وبحذافيرها فانه يعد دليلا علي أننا لانتعلم من دروس الماضي. مصر يجب ألا توقع علي هذا البروتوكول إلا مقابل ثمن واحد لابديل له وهو دخول اسرائيل في اتفاقية منع الانتشار, وأبني هذا الرأي علي خمسة أسباب. الأول هو أنه ليس هناك ما يلزمنا بالتوقيع علي البروتوكول مقابل تمرير البرنامج النووي. أما السبب الثاني فهو أن اسرائيل, الدولة النووية, هي المصدر الأساسي لتهديد الأمن القومي العربي, وورقة البروتوكول الاضافي هي الورقة الوحيدة الباقية في أيدينا للضغط في اتجاه توقيع اسرائيل علي اتفاقية منع الانتشار.وقد بح صوت الدبلوماسية المصرية في مختلف المحافل الدولية مطالبة اسرائيل بالانضمام الي الاتفاقية. ولكن كل ذلك لم يجد لأن الدول لا تتخلي عن سلاحها النووي لأن دول أخري تطالبها بذلك. والسبب الثالث هو أن الدول الغربية مستعدة اليوم لتقديم جميع التعهدات بالسماح بمرور البرنامج النووي المصري اذا صادقت مر علي البروتوكول الاضافي ولكن جعبتها مليئة أيضا بعشرات الحجج التي ستوظفها فيما بعد للنكوص عن تلك التعهدات, كما فعلت بعد فبراير سنة1981 أما السبب الرابع فهو أن الدول الغربية قادرة اذا استطاعت أن تدفع اسرائيل في اتجاه الانضمام الي معاهدة منع الانتشار تماما كما تفعل حاليا باستصدار قراري مجلس الأمن رقمي1718,1695 بالطلب من كوريا الشمالية أن تعود الي المعاهدة رغم أنها لم تعد عضوا فيها, ولكنها اي الدول الغربية ليست راغبة في أن تطلب من اسرائيل الطلب ذاته. أما السبب الخامس فهو أن البروتوكول الاضافي يضع مصر تحت وصاية الوكالة الدولية كما قال الدكتور هشام فؤاد. فقد قال' ان توقيع البروتوكول سيكون كارثة لأن معني ذلك أن أرض مصر جميعها ستكون مستباحة. سييفتشون في المدارس والمستشفيات أو أي منطقة صناعية أو آهلة بالسكان, وفي أي مكان تثير شكهم. وفي الوقت الذي يريدونه هم وليس نحن.' وهذه الصورة تعكس واقع ممارسات الوكالة الدولية مع الدول التي انضمت الي البروتوكول الاضافي ، وهو مايمثل انتهاكا سافرا للأمن الوطني, فضلا عن أن عائده الوحيد سيكون تكريس الاحتكار النووي الاسرائيلي في الشرق الأوسط, وليس انشاء لبرنامج النووي. الأهرام المصرية