ثلاثة أنشطة ثقافية تنتظر محبي الأدب وذلك بمقر مركز أبو بكر سالم بالفقيه .. ويعد المركز واجهة ثقافية وحضارية يستحق صاحبه الشكر والتقدير إذ بناه على نفقته الخاصة .. ويحتوي المبنى على قاعات وصالات واسعة في الدورين فضلاً عن المسرح المصمم على أحدث الأساليب . في القاعة العلوية نظمت أمسية قصصية شارك فيها أحمد القاضي وجار الله العميم وكاتب السطور وأدارها الشاب الإعلامي بدر الراشد بحضور وكيل الوزارة لشؤون العلاقات الدولية الدكتور أبو بكر باقادر وسعادة نائب السفير السعودي في اليمن .. وعدد من المهتمين في اليمن ، أعقبتها مباشرة أمسية شعرية ناجحة للشعراء حسن الزهراني ، الدكتور محمد الحميد ، سعد الثقفي ، أدارها الإعلامي خالد الطويل . وشهد المساء عرضاً سينمائيا وفقرات غنائية وفلكلورية وعرضاً مسرحياً بعنوان اللعب على خيوط الموت إخراج الفنان سلطان الغامدي وتقديم الفرقة المسرحية بجمعية الثقافة والفنون بمنطقة نجران . أما الأصوات الغنائية فقد تمازج الفن الحجازي واليمني في وصلات غنائية بثها الفنانون من حناجرهم لتلهب القاعة تشجيعاً بعدها استجاب الوفد لدعوة كريمة من رجل الأعمال الشيخ عبدالله بقشان في قصره الفاره بمحاذاة ساحل بحر العرب وكان الدكتور عبدالله باخشوين في مقدمة المستقبلين لأعضاء الوفد.. بعد وجبة العشاء .. قدمت فرقة شعبية يمنية العديد من أنواع الفلكلور الذي يتميز به الحضارمة.. واستمر الطرب والإيقاع إلى ساعة متأخرة من الليل كان للمكان بهجته نسائم عليلة تأتي من فوق مياه بحر العرب .. وكرم فياض من صاحب القصر .. خرج الوفد شاكراً للشيخ عبدالله بقشان على كرمه وضيافته . الشعر كان له موعد مع الثبيتي الذي يعيش لحظات التجلي .. ليس لأن الشعر يحسن الاختيار أو أن الثبيتي يقبض بيديه جمرة الشعر .. ليس لكل هذا فحسب بل لأن المكلأ تعيش فرائحية الشعر ببحرها المائس في الجمال و نوارسها البيضاء المحلقة والبشاشة التي تعتلي وجوه سكانها .. ابتسم الشعر حين استهل الثبيتي فاتحة الأصبوحة بقصيدة الرقية المكية صبحتها والخير في أسمائها مسيتها والنور ملء سمائها حبيتها بجلالها وكمالها وميمها وكافها وهائها وغمرت نفسي في أقاصي ليلها فخرجت مبتلا بفيض بهائها وطرقت ساحات النوى حتى ظمئت إلى ثمالات الهوى فسقيت روحي سلسبيلا من منابع مائها وكتبت شعري عند مسجد جنها وقرأت وردي قرب غار حرائها. أعقبها قصيدة ثائرة بعنوان ( بوابة الريح) أدِرْ مهج الصبحِ صبَّ لنا وطنًا في الكؤوسْ يدير الرؤوسْ وزدنا من الشاذلية حتى تفيء السحابة أدِرْ مهجة الصبح واسفح على قلل القوم قهوتك المرْةَ المستطابة واستمر الثبيتي يغرف من نبيذ الشعر أجمله .. تغريبة القوافل ، التضاريس ،وضاح ، .. وغيرها .. وقتها كان الحضور أذانا مرهفة افتتنوا بعذوبة الشعر وجماليات المعنى .. وواصل الثبيتي يغدق بعطاء شاعرية وفيض قرائحه ودهشة قصائده حتى ظننا أن المكلأ تكللت بالشعر الثبيتي كانت مديرة الأمسية الدكتورة فاطمة إلياس تنظر إلى أهداب الاندهاش وحين أكمل الشاعر مباهج قصائده .. قال بعض الحضور ليس هناك داع للتعليق أو المداخلة . تناثر الحضور في ردهات وأروقة المركز الثقافي وامتد الحديث عن الأصبوحة البعض منهم قال بأن الثبيتي ثروة شعرية .. وآخرون أصابهم الاندهاش في كون الثبيتي لأول مرة يشارك في منظومة رسمية أحد المثقفين قال بأن الثبيتي أحد أهم المفاصل الرئيسية في القصيدة الشعرية في الجزيرة العربية . و في مدينة المكلأ استمرت الفعاليات حيث قدم الدكتور معجب العدواني محاضرة أدبية استعرض من خلالها المراحل التكوينية الأولى للرواية النسوية السعودية التي بدأت- بحسب قوله - عام 1961م، وكذلك مراحل تطور الرواية السعودية خلال السنوات الماضية وما شهدته من تطور . وامتدت الفعاليات الثقافية في مركز أبو بكر سالم وسط حضور عدد من المثقفين اليمنيين كما تم عرض عدد من الأفلام السينمائية السعودية والتي من بينها فيلم "نسيج العنكبوت"، و"ما بعد الرماد" و"مهمة طفل" وكذلك "نجران في سطور" إضافة إلى عرض مسرحية اللعب على خيوط الموت لتتواصل الفترة المسائية بعدها مع أمسية شعرية للشاعر محمد الحرز والشاعرة اعتدال الذكر الله أدارتها نورة القحطاني لتختتم فعاليات الأيام الثقافية السعودية بحفل ختامي قدم من خلاله عدد من الفنون الشعبية والموسيقية وذلك بمشاركة فرقة يمنية. لمدينة المكلأ جمال أخاذ .. البحر يحتضنها من جانب والجبل يرأف بها من الجانب الآخر .. أصبحت كوردة غضة .. بيوتها القديمة تمتزج بلونين أساسيين هما الأبيض والأزرق .. تغلغلت بنا السيارة في أحشاء المدينة لنقف أمام محلات تجارية لبيع العسل الودعاني .. اندفع رفاق الرحلة في شراء العسل المصفى (منحة الرب) لأهل المكلأ أشهى وأجود العسل .. ليعودوا بأثمن الهدايا .. من نافذة الفندق يمكن مشاهدة البحر بأمواجه ونوارسه .. ويشتم هواءه النقي .. يأنس للهدوء والراحة .. يسافر بناظريه في الأفق البعيد .. حيث يلتصق السماء والبحر كقصيدة شعرية .. أي جمال تخبئه المكلأ وأي حسن يفيض من وجنتيها تخيلت أن ثمة حوريات جميلات يرشقن سيف الشاطئ بلآلئ .. افتر البحر عن ابتسامة وضحكة ملأت جوانحي سروراً .. لا أدري كيف طاف في مخيلتي التجار الحضارمة وهم يجوبون البحار والمحيطات وصولاً بتجارتهم إلى السواحل البعيدة شعرت بأسى حزن لأنني وجدت نفسي كالأحجار الثقيلة .. إذ نكتفي فقط بالتحديق , أما الحضارمة فقد فضوا بكارة البحر وكسروا شموخه وفكوا غموضه ووصلوا إلى مفازات بحرية بعيدة .. بعيدة . أيا بحر المكلأ ما أجملك . أثناء عودة الوفد استرجعت أبياتا للشاعر البردوني يقول فيها : يا أمي اليمن الخضراء وفاتنتي منك الفتون ومني العشق والسهر ها أنت في كل ذراتي وملء دمي شعر تعنقده الذكرى وتعتصر.