من حق ذلك الإنسان القابع أمام شاشة "التلفزيون" وهي تنقل إليه تلك الدماء المنسابة على الرمال وتلك قطع "اللحم" الملتهبة أو "الشايطة" من حقه أن يسأل هل هذا هو طريق السلام الذي بُشرنا به؟ وإن كل تلك الصراعات التي ملأت حياتنا وذلك "الكلام" المعسول الذي كنا نسمعه قد ذهب إلى غير رجعة؟ إن أولئك الذين يملأون عيوننا وأسماعنا بل ووجداننا بذلك الوعد القادم من "السلام" مع هؤلاء "الإسرائيلين" بما يكتبونه في أعمدة الصحف وأنهارها بمقالاتهم هل كانوا في غفلة عن عقلية "الإسرائيلي" ومدى صدقه مع حقيقة السلام؟ ولهذا فهل قالوا وما زالوا يقولون وهم "غافلون" أم هو "العناد" الذي يصل بالإنسان إلى أبعاد خطيرة في مسلكيته، وإلا بماذا فسر هؤلاء تلك الأنهار من الدماء التي سالت على ثرى غزة؟ إن ذلك المتابع لما يجري أمامه على "الشاشة" تحولت تلك المشاهد إلى مخارز تفقأ العيون؛ تلك العيون التي أصبحت محتارة هل تبكي على ما جرى أو على هؤلاء الذين يأخذوننا كل يوم إلى أنهر "العسل" الصهيوني "الوهمي" لنلعق في كل مرة صِبرًا مرًا "بدل عسل مصفى" وأن كل هذا الذي يلوح في الأفق ما هو إلا سراب في سراب. إن ما جرى في – غزة – كان كافيا لكي يعود هؤلاء عما اعتقدوه وعملوا على تثبيته في عقول الآخرين. ولكن يبدو أنهم لا زالوا يواصلون أخذنا إلى متاهات من الأحلام بأن هناك في آخر الطريق نفقاً لا بد من الوصول إليه، ناسين أو متناسين تلك العقلية "الإسرائيلية الصهيونية" ولا أقول اليهودية بأنها لا تؤمن بشيء اسمه السلام لأنها تعرف أن ذوبانها وتلاشيها يكمن في السلام.