العلاقة بين الأرض والإنسان علاقة عضوية تكاملية قديمة فرضتها طبيعة الحياة الاجتماعية التواقة إلى الاستقرار والتطور عن طريق العمل المنتج والابتكار لأهم التقنيات التي من شأنها ستعمل على تقوية علاقة الإنسان بأرضه الخيرة، وتجسدت هذه العلاقة بشكل جلي في ضريبة الدعم التي يقدمها الإنسان رخيصة ثمناً لحياته من أجل بقاء الأرض التي تعتبر مصدر وجوده وهويته وإلهامه طاهرة معطاءة. ويتمثل حب الإنسان للأرض في كثير من الملاحم البطولية والخوارق التي يقدمها الإنسان من أجل أن تستمر الأرض بعطائها اللا محدود، لخيراتها المادية. ومن أجل هذا قدم الإنسان الغالي والرخيص ثمناً لذلك.. فالعودة إلى ذاكرة الماضي، والغوص في أغوار التاريخ مؤشر طيب على طبيعة التلاحم التاريخي العريق في الحضارة اليمنية بين الإنسان وأرضه المعطاءة.. التي شيد عليها واحدة من أعظم وأعرق الحضارات الإنسانية في العالم ولو لم تكن هنالك علاقات جدلية بين الأرض والإنسان لما كانت هذه الحضارة الإنسانية الراقية والعالم يدرك الطاقات البشرية والمادية التي قدمها الإنسان رخيصة من أجل الوصول إلى غاياته الأساسية في التطور والتقدم والازدهار.. وشلالات الدم التي سالت على معظم بلدان العالم من أجل التحرر والانعتاق من مخلفات الاستعمار والعبودية إلا دليلاً مادياً وحضارياً على حب الإنسان لأرضه وثراها الطاهرة ودليلاً أيضاً على ما يتمتع به من روح غالية من أجل الاستمرارية مع ذلك الحب العذري الخالد.. وما قدمه الإنسان من تضحيات جسام في اليمن وفيتنام والجزائر وما يقدمه حالياً في فلسطين ولبنان والعراق، وأفغانستان وغيرها من البلدان خير دليل على ذلك التلاحم البطولي بين الإنسان وأرضه والثورات الاجتماعية والسياسية الإنسانية اللاتي فجرتها شعوب المعمورة أصدق تعبير على توعية الترابط بين الأرض والإنسان في هذا الزمن الصعب. واحتفال الشعب الفلسطيني في 31 مارس من كل عام بيوم الأرض الفلسطيني إلا تعبيراً حياً عن عظمة هذه العلاقة الجدلية بين الأرض والإنسان. ففي هذا اليوم الخالد والذي يعتبر يوماً وطنياً وتاريخياً مشهوداً للشعب الفلسطيني بمختلف اتجاهاته وتياراته الوطنية ومعبراً عن صموده وقوة إرادته وتصميمه على الحرية والاستقلال. ولهذا أصبح هذا اليوم رمزاً لبقية الأيام الفلسطينية التي أصبحت بفضل تصميم هذا الشعب بركاناً فلسطينياً ثائراً تحت أقدام الطغاة والجلادين الصهاينة.. فقد تحول هذا اليوم من يوم أرعب فيه الصهاينة الشعب الفلسطيني البطل من يوم إذلال للشعب واحتلال أرضه ومصادرة حريته واستقلاله.. إلى يوم للتضحية والصمود والمقاومة والانتفاضة.. يوم للطفل الفلسطيني يوم للكرامة العربية والإسلامية واحتفال جماهير الأرض المحتلة بذكرى هذا اليوم المشهود الذي قدم فيه تضحيات نادرة ما هو إلا أبسط مثال يقدمه الإنسان الفلسطيني لأرضه. وتأكيداً على إصراره على مواصلة النضال والتضحيات بالبندقية والكلمة المقاتلة.. بالحجارة والعصا، بكل أشكال النضال والرفض الإنساني من أجل استرداد كافة حقوقه المشروعة تحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني. تحية لهذا الشعب المناضل في ذكرى يوم الأرض يوم الملاحم الوطنية والبطولات والتضحيات الطويلة على طريق الحرية والاستقلال وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.