الحقيقة أنه سبق ان كتبت عن هذا المؤلف الملفت والمهم لأهمية ما يتحدث عنه من موقع كان له شأن في يوم من الأيام إلى درجة أن اتفاقات ومعاهدات سياسية قد عقدت على أرضه وداخل مبانيه التاريخية، وأقصد ميناء العقير..لقد اطلعت على كتاب "العقير وادواره التاريخية والتجارية والسياحية" تأليف الصديق الدكتور سعد بن عبدالرحمن الناجم والاستاذ خالد بن احمد الفريدة، وهو بلا شك كتاب قيم يتحدث باسهاب عن ميناء العقير في الماضي وفي الحاضر. وتشير مقدمة الكتاب إلى أن ميناء العقير كان له دور كبير في حياة الاقوام الذين استقروا على شواطئه وفي مقدمتهم الكنعانيون الذين نزحوا إلى منطقة الخليج العربي في الألف الثالث قبل الميلاد. ويذكر فيلبي: أن بعض القبائل من نجد ومن الخرج والافلاج استوطنت ساحل الخليج العربي وكانت أول من نقل الحضارة إلى المقيمين على ضفاف دجلة والفرات.. والحقيقة أن الكاتبين الكريمين قدما بحثا تاريخيا ممتازاً عن العقير يشكران عليه. وقد لاحظت كغيري بعد قراءة هذا الكتاب أنه اهمل سنوات من تاريخ المنطقة المحيطة بالعقير. فياليت بعضًا من كاتبينا يحذون حذوهما ونرى مؤلفات جديدة عن مناطق مختلفة في المملكة مثل مكةالمكرمة والمدينة المنورة وأبها ورابغ والجبيل وعن شمالها وجنوبها. وعموماً فأنا لا استطيع بهذه العجالة أن أذكر كل ما يستحقه "العقير" من اشادة به والاقوام العربية التي سكنت على شواطئه وأقامت فيه تجارة وحضارة وحياة مزدهرة منذ زمن بعيد لأن المجال لا يتسع لذلك. ولا بد من قراءة الكتاب قراءة متأنية واستيعاب ما جاء فيه من معلومات غزيرة. أما في العهد السعودي، فيذكر الكاتبان أن العقير استمر كميناء له اهميته العسكرية والتاريخية للاحساء وجنوب نجد عبر التاريخ ولكن أهميته ازدادت بعد أن دخل الملك عبدالعزيز الاحساء واصبح ميناء العقير هو المنفذ الوحيد الملائم للدولة السعودية الحديثة بعد انهاء الوجود العثماني وترحيل القوات التركية عن طريق العقير. والواقع ان حكومة المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله تعمل الآن وبشكل جاد على النهوض بميناء العقير ليكون مبنى تجاريّاً مهمًّا وليكون منتجعاً سياحيّاً في المنطقة الشرقية. وأتمنى على القراء والمثقفين والمهتمين بالتاريخ بشكل خاص قراءة هذا الكتاب عن العقير وعن الاحساء ففيه كل ما يدهش وما يدل على أن هذه الجزيرة العربية غنية بالأماكن الثرية بالحضارة قديماً وحديثاً، وفي مقدمة هذه الأماكن ميناء العقير التاريخي العريق! والذي نأمل أن تمتد له يد الاصلاح التي شملت الكثير من جوانب بلادنا الناهضة والغالية.