إنّ لدينا من يصنع اختلافاً بيننا لغاية في نفسه ، علَّه يجد له مكاناً تحت الشمس ، فيلتحف بمن يظن أنه يبلغه المكانة التي إليها يسعى ، وعند فئة حرمها الله من أن تعرف حقيقة الدين ، ما أسهل أن تبلغ مكانة لست أهلاً لها ، إن أظهرت تديناً شكلياً ، وأكثرت من الاعتراض على كل ما في المجتمع من تصرفات ومناشط بحجة أن في هذا وذاك مخالفة للشريعة بحسب فهمكوفهم من ترجو أن يبلغك المكانة التي تريد لنصوص الدين ، وقد تجد بين من هم مثلك التقدير الذي أصبحنا نسمعه اليوم من المتماثلين في إضفاء الألقاب المشعرة بعلو المكانة على الخلق لمجرد دعوى يدعونها لا تثبتها حجة ولا برهان ، وهذه فئة تجد لها كل يوم موضوعاً تدعو من خلاله إلى إشاعة اختلاف بين أهل الوطن الواحد ، مرة عبر تقسيم أبناء الوطن إلى إسلاميين يناهضون آخرين من أبناء الوطن العداء ويصنفونهم حيناً بالليبراليين وحيناً بالعلمانيين ، وثالثاً بالعصرانيين ، وقد يشيع بعضهم عن أفراد من المجتمع بارزين أنهم منافقون وأبعد من ذلك ، لمجرد الشهوة في أن يشيعوا في المجتمع الآمن المستقر الفوضى ، وهو من المجتمعات النادرة في هذا العصر الذي لا يوجد بين مواطنيه من هو غير مسلم ، ولكن هؤلاء يأبون عليه هذه الوحدة فيخترعوا لمواطنيه أدياناً أخرى ، وقد بذل قادة الوطن ورموزه العقلاء من جميع الاتجاهات والتيارات غاية الجهد في النهي عن هذه التصنيفات فأبى هؤلاء إلا استخدامها ، لشعور العقلاء بخطر هذه التصنيفات على المجتمع ، الذي أصبح بسبب شيوع استخدامها منقسماً على نفسه يُعادي بعضه بعضاً ، وتنهكه الاختلافات التي لا طائل تحتها ، ولا تؤدي إلى خير قط . ولكن بعض قومنا سادرين في غيهم ، لا تردهم تقوى فتمنعهم من ظلم الخلق ، ولاغيرة لهم على الوطن أن يدخل دائرة الفتن ، التي تأتي فيه على الأخضر واليابس ، فهم يفتعلون خلافاً واختلافاً بين من أسموه إسلامياً وآخر يظنونه غير مسلم ، سواء ألقبوه بتصنيف مما ذكر ، أم كانوا يدعون عليه كفراً بواحاً ، وهم اليوم يؤكدون أن بين العالم والمثقف اختلافاً بل هوة سحيقة لا تردم ، وهم يعلمون أن عالم الدين إذا اتسع أفقه كان من أعظم المثقفين نفعاً لمجتمعه ، وأن المثقف إذا جهل الدين لم يكن يستحق هذا اللقب . وهم يفتعلون الاختلافات ويدفعون الناس إليها دفعاً ، والوحدة الوطنية ليست من اهتماماتهم ، لذا فهم يثيرون مواقف حادة بين طوائف المجتمع ، حتى يُمكنهم ممارسة فعلهم السيء في التحريض المؤدي إلى فتنة حقيقية حتماً ، ورغم أن كل العقلاء في هذا الوطن يحاولون إبعاد شبح هذه الطائفية المقيتة عن مجتمعهم بكل ما أوتي كل منهم من قوة ، وفتنة الأشرار توقد نارها ، وتلقي فيها ما يزيدها اشتعالاً ، هم لا يريدون لمجتمعنا استقراراً أو ازدهاراً فلندرك هذا فهو خير لنا قبل فوات الأوان فهل نحن فاعلون ، هو ما أرجوه والله ولي التوفيق. ص.ب 35485 جدة 21488 فاكس: 6407043 [email protected]