بعض القنوات الفضائية العربية المنتشرة في فضاءات عالمنا العربي تطرح موضوعاً للحوار في أكثر الأحيان سياسيا أو فكريا أو دينيا مختلفا عليه، الصواب يعتمد فيه على الحجة والبرهان، وليس التصويت ممن لا علم له به، ويزداد الأمر سوءاً إذا صيغت عباراته بصورة ملتبسة، تجعل عباراته تتجه قسراً إلى اجابة محددة لا تتجاوزها، فمن يسأل جمهوره وهو قليل جدّاً، ولو أنه استطاع أن يحصى من يتابعون برنامجه لما وجد عدداً يصل إلى المائة ممن يهتمون لمتابعته، ثم يقول: هل يمكن أن يتعاون الليبراليون والاسلاميون؟ ومن يتابعون القناة التي تطرح السؤال جميعهم يعادون الليبرالية قبل أن يعرفوها على حقيقتها ويروها كفراً بواحاً، فلن تكون لهم إجابة سوى أن هذا التعاون يستحيل. والغريب أن المطروح عليهم السؤال وجلهم يدعون أنهم الاسلاميون وحدهم لا يعرفون ما يدل عليه هذا اللفظ أصلاً، بل ومقدم البرنامج نفسه لا يعرف عن الليبرالية إلا قشوراً كما هو حاله مع العلم الديني ولكنه يتصدى لقضايا من هذا النوع، ومن يطرح سؤالاً في حوار غير مجد أصلاً، لأن أحد طرفيه يعيش زمناً مضى، كان المسيطر فيه مرتفع الصوت مثله، ويصدغ مقدم الحوار السؤال بصورة ملتبسة فيقول: من هم صناع الكوابيس؟ ويخير من يدعوهم للتصويت، وهي طبعا فئة مخصوصة تتابع لونا من الاعلام ينتمي لمن يقسمون المجتمع إلى اسلاميين وضدهم، أو كما جاء على لسان أحدهم حزب أهل الدين، وحزب أهل الدنيا، اعتباطاً فليس في هذا المجتمع من هم أهل الدين وسواهم أهل دنيا إلا في وهم أمثال هؤلاء، الذين اغتروا بأنفسهم ولم ينصتوا لصوت العقل، ويخيرهم بين المتدينين ومن أسماهم التغريبيين، وجمهوره له موقف من صنف موهوم له اسمه التغريبيون، فكانت الاجابة كما يهوى التغريبيون هم صناع الكوابيس.. وابحث عنهم تجدهم في مخيلته هو ومن على طريقته. والمعلوم أن مثل هذه الاجابات لا تنبئ عن واقع، ويمكن التلاعب بها بسهولة، فهي خطيئة هؤلاء في حق جمهورهم لأنهم يزرعون في رؤوسهم الأوهام حتى يزدادوا بعداً عن الواقع، والاحصاء علم له أصوله وقواعده، ولا يؤدي إلى كشف الواقع إلا إذا روعي ذلك كله فيه، وأجراه متخصصون مخلصون، لا هواة اعلام لا تخصص لهم البتة لا في اعلام ولا في احصاء، ولا حتى دراسات اجتماعية يمكن أن يعتمد على نتائجها لو أجريت، وهؤلاء هم من أفسدوا الاعلام وشوهوا ثقافة المجتمع، لأنهم يهرفون بما لا يعرفون وهم للأسف اليوم يجدون لهم منابر في دكاكين الفضاء المسماة قنوات فضائية عربية، خاصة منها ما نعت بالدينية، والدين منها براء، إنما تنشر الفرقة المؤدية إلى فتن، ويجب على العقلاء في مجتمعنا مواجهتها بفكر معقول وسطي يفتح للأمة آفاق النهوض والتقدم، لا هذا الفكر المتحيز المضلل، الذي تبثه أسوأ هذه القنوات ويباشره أسوأ من سموا اعلاميين في هذا العصر. فهل وعينا الحقائق؟!!