هَمُ الأمة وهمومها .. آمالها وأمانيها .. وحدة صفها وَلَم شملها ودعم مسيرتها ووفاقها .. كان هاجساً وحملاً ثقيلاً جاثما على صدر كل عربي بل وكل مسلم .. فمن منا لم يَسعد ويطرب لهذا النبأ .. وهذه البشرى الكبيرة .. ومن منا لم يحس الدفء ينساب في قلبه وبين حنايا صدره والعافية تملاً جوانحه .. حين سمع نبأ قد تَشوّق إليه كثيراً ومكث ينتظره ويرقبه ملياً .. حتى ظن أن لا أمل بل اعتبره ضرباً من المحال وأنه مطلب عسير يئست عن تحقيقه الأجيال .. حتى مَنّ الله تعالى لهذه الأمة بأن قَيّضَ لها رجالاً جعلوا المستحيل ممكناً ولموا الصف وأزالوا الخلافات العربية .. ففرحت القلوب وتعافت الصدور وشفيت فالحمد لله .. ثم الدعاء والشكر لهم خالصاً يدوم ويطول ويبقى ما بقيت الشهور والدهور. ذلك أن الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام حيث جاء في إحدى الصحف على لسان صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل والذي اعتبر أن الخلاقات العربية قد دًفنت وذلك إثر زيارة نظيره السوري للمملكة الحبيبة .. كما أكد سموه خلال مؤتمره الصحفي في باريس مع نظيره الفرنسي على ما ذكره خادم الحرمين الشريفين عن الخلافات العربية في قمة الكويت : ( بأننا حفرنا لها حفرة و دفناها ، ولا عودة إلى الماضي لأن الحفرة عميقة ). وإزاء غمرة الفرح الذي يعيشه العالم العربي بهذه المصالحة التي لامست قلوبهم لتجاوز الخلافات وعودة الصف العربي ،يأتي الترحيب الرسمي والشعبي المنقطع النظير برسالة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يحفظه الله التي بعث بها للرئيس المصري محمد حسني مبارك والتي بارك له فيها جهود مصر في لملمة الصف الفلسطيني قائلاً : (أن اتفاق المصالحة الفلسطينية تأكيد لدور مصر التاريخي ، وأنه قد آن الأوان أن يقول الفلسطينيون للأمة والعالم إنهم أكبر من الجراح وأعلى من الخصومة ) . بهذه الكلمات التي سيسطرها التاريخ بماء من ذهب والتي جاءت صادقة من قلب صادق وصاف يحس بهموم الأمة فوقعت على كل القلوب الصادقة برداً وسلاماً ، وعكست الروح التي يعيشها هذا المليك يحفظه الله عن الأمة ،والنبض الذي يحس به نحو نبضات قلب الأمة .. ولو رأيت - عزيزي القارئ - إذ جاءني أحد الزملاء من أبناء هذا الوطن الأوفياء متأثراً يحكى في فرح ونشوة كيف كان وقع كلمات خادم الحرمين الشريفين وصداها وصدقها على قلبه وقلب من يعرفه ممن حوله عن تلك الرسالة التي بعث بها للرئيس المصري محمد حسني مبارك عن دور مصر التاريخي واتفاق المصالحة الفلسطينية، حتى أنه لم يتمالك نفسه لصدق الرسالة وما حوته من معان أصيلة وهمم عالية وكبيرة تتجسد فيها معنى الوحدة كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً ففاضت عيناه تأثراً بوقعها وصدقها .. فلله دره .. ولله درها من رسالة .. قال تعالى : {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }آل عمران103 . قال الشاعر : تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحاداً فالحمد لله تعالى أن رأب الصدع .وجلا الغًمّة .. والحمد لله على تفضله وإنعامه بتوفيق قائد هذه الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز .. فله الشكر الجزيل على مواقفه التاريخية المشرفة ولإخوانه القادة العرب على حسن تجاوبهم وتجاوزهم تلك الخلافات ، وعودة الصف العربي قوياً شامخاً فقد صدق المتنبئ حين قال : ( على قدر أهل العزم تأتي العزائم ) والشكر موصول لمصر ولدورها التاريخي في اتفاق المصالحة .. والحمد لله من قَبلُ ومن بَعد .. y_alyousof&yahoo.com