أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله- على الترابط الكبير بين قيادة وشعب المملكة العربية السعودية وعلى اعتزازه بذلك الترابط قائلا “أنا لولا شعبي لا شيء، أنا فرد”. وكشف، أيده الله، عن خلفيات خطابه التاريخي وموقفه الصريح والقوي والصارم خلال قمة الكويت الذي رفض فيه السير في ركاب الخلافات، وأزاح الهم الجاثم على الصدور بقوله: “إخواني.. تحملت هذه المسألة من سنين، وأنا أجابه الشيطان والعقل وتكررت هذه أياما وليالي، والحمد لله رب العالمين قررت أن أستخدم العقل وأنبذ الشيطان، والحمد لله أنني تمكنت من الضغط على النفس، وأنتم تعرفون النفس والشيطان يصعب التخلص منهما، ولكن فوقهما إرادة الرب عز وجل ثم إيمان وإخلاص وثقة بشعبي، وثقة بكل إنسان يحس بمسؤوليته العربية والإسلامية والأخلاقية – والله سبحانه وتعالى هو الذي أعانني والحمد لله تمكنت من الذي سمعتموه، ووالله لا رياء ولا أطلب أي شيء أو أن يقال عني إنني عملت شيئا. هذه هي الحقيقة، وهذه التي صدرت من أخيكم. وشكرا لكم”. وأكد، رعاه الله، خلال حوار اتسم بالصراحة والوضوح دار أثناء استقباله، أيده الله، معالي رئيس مجلس الشورى الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، ومعالي نائب رئيس المجلس الدكتور بندر بن محمد حمزة حجار، وأعضاء المجلس وكبار المسؤولين فيه أمس في قصر اليمامة بالرياض أجاب فيه عن أسئلة الحضور، وتطرق إلى ما تم تقديمه من مساعدات طبية للإخوة الفلسطينيين، وأكد حرصه على الأنفس السعودية والعربية والمسلمة وقال: “ما من شك أن ذلك واجب والمطلوب منا أكثر وأكثر”. ودعا خادم الحرمين الشريفين الإخوة في فلسطين إلى التكاتف ونبذ الشيطان، مشيرا، أيده الله، إلى أن تنافسهم هذا خطأ كبير سيؤدي إلى تفريقهم أكثر مما عملته الصهيونية فيهم: “أرجوهم رجاء مسلم إلى إخوانه المسلمين أن ينبذوا الشيطان ويتعوذوا منه ويلتفوا حول بعضهم، وهو الأمر الذي سيرفعهم ويرفعنا ويرفع العرب جميعا.. أرجو منهم عدم التنافس، عدم الانتحار، عدم حب الذات، لا بد أن ينكروا ذاتهم في خدمة دينهم ووطنهم فلسطين”. وكان رئيس مجلس الشورى ألقى في بداية الاستقبال كلمة جاء فيها: “خادم الحرمين الشريفين أعزكم الله ونصركم وجعل التوفيق حليفكم. لقد شاهدنا وشاهد العالم معنا مفاجأة القائد شاهد التحول الكبير في مسار القمة، فقد كنتم بحق – يا خادم الحرمين – القائد العظيم ذا الحضور الكبير في كل المحافل، يترك أثره الفاعل في كل مجريات الأمور، تقدمون حين يحجم الآخرون. قمة الكويت كانت علامة فارقة في تاريخ القمم العربية الاستثنائية منها والعادية، والطارئة منها والدورية. كان العرب ومن ورائهم العالم كله يترقب لحظة الحقيقة، كل المؤشرات كانت متشائمة، وكانت حالات الحذر والترقب والتوجس وظروف الأمة تحيط بالمؤتمر، وبدت حالة العرب وكأنها حالة مستعصية، فعلى الرغم من الجراح والدماء والقتلى والأشلاء والدمار كانت الثقة مهزوزة، والأولويات مشوشة، والعرب الذين اشتغلوا بالتسميات والتقسيمات في محاور وتحالفات لا يدرون أين يتجهون. في هذه الظروف والأجواء تحدث الكبار، وكان حديثهم حاسما جازما. يعلن قائدنا بصراحة وبقوة وصرامة رفض السير في ركاب الخلافات ويزيح الهم الجاثم على الصدور. وقلتم في نقد مسؤول للذات أمام هؤلاء الأعضاء في افتتاح السنة الرابعة من الدورة الرابعة لمجلس الشورى: (يشهد الله تعالى أنني ما ترددت يوما في توجيه النقد الصادق لنفسي إلى حد القسوة المرهقة كل ذلك خشية من أمانة أحملها هي قدري وهي مسؤوليتي أمام الله – جل جلاله -)، وهذا هو ديدنكم في توجيه النقد الصادق للنفس مستمدين من ذلك عزيمة وقوة تسقط الباطل وتعلي الحق بإذن الله. بدأتم بنفسكم فأسقطتم خلافاتكم مع أي دولة ومع أي نظام. هذه الشجاعة النادرة من قائد عظيم بحجم قمة وقامة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قوة وشجاعة نحسب أنك أبرأت بها الذمة ووضعت الجميع على محك الشجاعة واختبار المصداقية. أطفأتم نيران التوتر وفتحتم الباب واسعا للصلح وجمع الكلمة ووحدة الصف، مجسدين الديانة وصلاح القلب وروح الأصالة والنخوة. إنه خطاب القوي بربه ثم القوي بشعبه وبأمته، لم تقدموا أي تنازل؛ المبادرة العربية مطروحة، ولكنها لن تكون مطروحة إلى الأبد، والسلام خيار ولكنه ليس الخيار الوحيد. كانت كلمتكم في أقل من عشر دقائق ولكنها كانت كافية لقلب الموازين بل لضبط الموازين، غيرتم اللغة فغيرتم المواقف. لقد عد العادون الكلمات بحروفها وزمنها، شخصت الداء ووصفت الدواء. إنها كلمة استثنائية، نعم استثنائية ولكنها ليست استثنائية في قاموس الملك عبدالله ولا في شخصيته ونهجه. وثيقة تاريخية أغلقت باب التدخل الخارجي وأعادت الهيبة وأمسكت زمام المبادرة وغيرت صورة المعادلة في منطقتنا. إنها كلمة رجل الإسلام وفارس العروبة وملك الإنسانية في قيادته الحكيمة ودبلوماسيته الناجحة. كلمات قليلة ليس فيها مراوغة أو محاولة لكسب أو تبرير ليس فيها حديث شخصي ولا منجزات ذاتية كلمات صادقة حكيمة، نابعة من القلب فكان موقعها الرضا والقبول. جاء حديثكم ليقطع الصمت الرهيب وليبدد الهواجس ويمزق التشاؤم، حديث من الفؤاد بنبرة معبرة وعبارات مؤثرة ومشاعر عربية إسلامية صادقة ومصارحة متناهية ومصالحة خالصة”.