إيقاع الحياة المتسارع، وطبيعتها تجعلنا نرضى بأن نكون تحت عجلة الضغوط المزمنة التي تؤثر على نفوسنا فيغرق المرء في بحر الهموم والضغوط المتلاحقة التي تؤثر على كل مكونات الجسم، ويضاعف من خطورة هذه الضغوط المزمنة أن تأثيراتها تتسلل في الخفاء وتعمل بصورة تدريجية وغير ملحوظة بحيث لا يدرك الإنسان حجم ما أصابه من خسائر إلا في نهاية المطاف، فلا يستطيع تداركها لأن الوقت قد فات، فتصاب الأعصاب، والمشاعر بنوع من الانحراف الذي يتولد عنه نوع من القلق والتوتر، فالضغوط لها آثار جسدية ينتج عنها أمراض القلب وقرحة المعدة والقولون العصبي، بالإضافة لزيادة نسبة حدوث داء السكري ومضاعفاته، وتأثر جهاز المناعة وزيادة في معدل حدوث الأمراض السرطانية المختلفة، ولها آثار نفسية تشمل الوسواس والاكتئاب واضطرابات النوم المختلفة، وقد أوجدت الدراسات الطبية سبل عديدة للتخفيف من هذه الضغوط المزمنة مثل تدريبات الاسترخاء والتأمل والتخيل واليوجا وفلسفتها، وأكدت الأبحاث المختلفة مدى فعالية هذه الوسائل في التقليل من هذه الضغوط وعلاج آثارها المختلفة، وبالتالي أصبحت هذه الوسائل المختلفة تُدْرَجْ في البرامج التي تُستخدم للوقاية من الضغوط، أو في علاج آثارها السلبية على جسم الإنسان، وبعد إجراء بحوث عديدة أثبتت الدراسات انخفاض مستوى الضغوط والاستجابة لها عند من يشعرون بقدر أكبر من القدرة على التحكم في الظروف المحيطة بهم، وهذه الضغوط ليست حكراً على المواقف السلبية بل تشمل أيضاً الأحداث المفرحة التي ينتج عنها ردود أفعال غير طبيعية، إلا أن الأكثر شيوعاً بين البشر هي الضغوط السلبية التي تؤثر في الحياة وسعادتها، وللتخلص منها ينبغي على المرء التعايش الايجابي معها من خلال الارتباط المباشر مع مولاه تبارك وتعالى، والبعد عن اللجوء إلى الطرق اللا شرعية لما لها من سلبيات أخرى تضاعف المتاعب على النفس، وبرويه لو تمعنا في مفاهيم ديننا الحنيف لوجدناه قد سبق الدراسات الحديثة ووضع الحلول المناسبة لضغوط الحياة المتساوية في النوع المختلفة في مدى استجابة كل إنسان لها، فالصلاة بخشوع واستحضار عظمة المولى تبارك وتعالى تعمل على تهدئة النفس، فالركوع والسجود يعملان على سلامة القلب وتنشيط الدورة الدموية والوقاية من ارتفاع ضغط الدم، ولها دور في استعادة الجسم قدرته المناعية ضد العديد من الأمراض، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا أهمه شيء قال لبلال : (أرحنا بها يا بلال) فالصلاة كانت راحة لرسول الله عليه الصلاة والسلام من كل المشكلات، فما أحوجنا للمحافظة عليها، والمداومة على قرآه كلام الله المبين الذي يعيد التوازن لحياتنا، والتغلب على ضغوط الحياة اليومية {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا} والإنصات عند سماعه من الغير {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فالأمور التعبدية جملة وتفصيلاً كالصلاة المفروضة والسنن الرواتب والدعاء والذكر وقيام الليل.... وغيرها تريح النفس، وتدخل إليها البهجة والسرور، وتبعد عنها الهم والغم، وتجعل الإنسان سعيداً في حياته بعيداً عن الضغوط النفسية التي تسبب له الكدر. همسة : أبذل كل ما في وسعك لكي تستمتع بحياتك. ومن أصدق من الله قيلاً {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}. ناسوخ: 0500500313