يقع هذا الكتاب (تاجر الموت) في (480) صفحة وصدر في أمريكا عن دار ( Walleye) عام 2007 بقلم صحفيين أمريكيين ويدور الكتاب حول شخصية روسية تعمل في تجارة السلاح واسمه فكتور بوت Fictor Bout، ويتهمه الكاتبان بأنه وراء شهوة المال أصبح يصدر السلاح حيث كان هناك سوق . ويتتبع الكاتبان نشاطات فكتور في عالم تسويق السلاح في رواندا عام 1994م عام الإبادة الجماعية وفي سيراليون وعاصمتها فري تاون ، وفي ليبيريا وانجولا ، وأفغانستان وشرق أوروبا. ولكن يفاجأ الكاتبان بأن فكتور لا يعمل مجرد تاجر سلاح ولكن كذلك وظفته الإدارة الأمريكية لخدمة أغراضها(في غزو العراق) وتشوين الجيشين الأمريكي والبريطاني هناك ، بما يفيد ان فكتور لم يعمل فقط تاجر سلاح- تحت سمع وبصر الاستخبارات العالمية في مناطق الحرائق - وإنما ارتبط اسماً بالنظام الدولي الذي وظفه لخدمة أهدافه في العراق وأفغانستان . ولكن من هو فكتور؟ المولود في 13 يناير 1967م في جوشين عاصمة جمهورية طاجكستان، والتي كانت إحدى الولايات في الاتحاد السوفيتي سابقاً، من أب ميكانيكي وأم متعهدة مكتبة كتب . وعمل بعد تخرجه في الجامعة في سلاح الجو الروسي. وخدم في إطاره في موزمبيق لمدة عامين وأنّ زوجته تعمل موظفة في ال (KGB) اي الاستخبارات الروسية ويتكلم فكتور عدة لغات بطلاقة منها الإنجليزية والفرنسية والالمانية بالإضافة إلى الإلمام بالأردية والفارسية والزولو والهوسا . ونجح فكتور في الاستحواذ على إسطول من الطائرات الروسية ، في ظروف تفكك الاتحاد السوفيتي على الأخص في الفترة من 1993الى 1997م. ودخل كتاجر سلاح على مصانع الأسلحة الروسية الممولة ، والتي لم تدر الى من تبيع ما يتكدس فيها من سلاح وذخائر. السلاح الذي كان يسرق أو يسحب عياناً بياناً ليباع بأرخص الأثمان لمن يريد، في ظرف أصبح فيه (14) ألف طيار وخمسة آلاف طائرة تابعة لسلاح الجو الروسي عاطلة عن العمل وتبحث عن سيد. ونجح فكتور في توظيف جزء من هؤلاء في إمبراطوريته، بقصد توفير السلاح لمن يريد في إفريقيا وآسيا وغيرهما من مناطق الصراعات .واستناداً الى التمويه وباستخدامه (5) جوازات سفر مختلفة. وكان يقايض السلاح مدعوماً من الاستخبارات الروسية في الكنغو بمعدن الكولتان (Colton) والذي يستخدم في صناعة الهواتف والقنابل الموجهة وأجهزة الكمبيوتر في الكنغو ويقايض ذلك بأدوات التنقيب أو الماس أو الذهب وغيرها من المنتوجات ، ويشير الى ان فكتور عمل كذلك في السودان ومع منظمة اسمها منظمة إغاثة العالم الثالث ، كما عمل في ليبيا ومع حماس والقاعدة وفي الصومال ومع حاكم ليبيريا شارلس تايلور. كما قام بتزويد ثوار أنجولا بقيادة جوسامبي بالسلاح أيام كان مدعوماً من الاستخبارات الأمريكية . كما قام بتسليح الهوتو في رواندا أيام معارضتهم ضد التوتسي ، كما قام ببيع السلاح لموبوتو سيسيسيكو حاكم الكنغو وكذلك باعه هوفيه بونيه حاكم ساحل العاج وصديق فرنسا وعن طريق ساحل العاج كان السلاح يصل لثوار أنجولا وليبيريا تحت سمع وبصر الاستخبارات الفرنسية. ويشير الى الصلة العضوية بين أجهزة الاستخبارات ومنظمات المجتمع المدني ووكالات الإغاثة التي أصبحت تغطي الفجوة والفراغ الحادث نتيجة للتخفيض الكبير في حجم ضباط الاستخبارات في مناطق الصراعات في إفريقيا . ويشير الى علاقات فكتور ببول كيجامي رئيس جمهورية رواندا وأنّ (70%) من معدن الكولتان الذي يستخدم في صناعة الهواتف النقالة والقنابل الموجهة والإلكترونيات والكمبيوتر المتوافرة في الكنغو،كان في قبضة الجيش الرواندي وينتقل بإسطول طائرات فكتور ، كما ان مديونية فكتور على الرئيس كيجامي بلغت (21) مليون دولار ويشير الى علاقة إمبراطورية فكتور بتجار الأسلحة الإسرائيليين ، كما أصبح إسطول فكتور يقوم بنقل الرؤساء لإقامة المؤتمرات ، كما حدث في يناير عام 2000م ،في مؤتمر القمة الإفريقي بالجابون حينما نقلت طائرات فكتور الرئيس أنجي فليكس باتاسيه رئيس جمهورية إفريقيا الوسطى. وحينما توسط الرئيس القذافي لإطلاق سراح (21) رهينة أوروبية من قبضة ابو سياف الفلبيني كانت الطائرة التي استغلها الرهائن بعد تحريرهم تابعة لإسطول فكتور . وكما يفيد بأن صور إسطول طائرات فكتور تم عرضها على (كوندليزا رايس) العليمة بأنواع الطائرات الروسية . قام مجلس الأمن بإدراج اسم فكتور ضمن الممنوعين من الطيران ولكن مع ذلك واصل نشاطه في بيع الطائرات والسلاح للدول الإفريقية ، كما ان معاونه ريتشارد جيجالكي (Chichalki) ظل يواصل عمله في الولاياتالمتحدة لمصلحة فكتور . كما يشير الى ان إسطول فكتور في عملياته المزدوجة قام بنقل موجودات طالبان بعد الاجتياح الأمريكي لأفغانستان الى باكستان والسودان وإيران ودولة الإمارات العربية المتحدة ، ونتيجة لتورطه في هذه وغيرها قامت النيابة البلجيكية برفع دعوى عليه لإصدار أمر قبض عليه ولكن ذهب ذلك إدراج الرياح فالرجل محمي من أمريكا وحلفائها . يخصص الكاتب فصلاً لنشاطات فكتور مع القوات الأمريكية في العراق بعنوان: (مرحباً في بغداد) وكيف قاوم الدبلوماسيون الأمريكيون والبريطانيون مقترحاً في مجلس الأمن لتجميد أصول فكتور ، بينما كان أسطول فكتور يقوم بتغذية المجهود العسكري الأمريكي في العراق بالخيم والأطعمة المجمدة ومطلوبات الحرب الأخرى بما في ذلك مطلوبات شركة هولوبترن التي يرأسها نائب الرئيس الأمريكي ديك شيني ، وبينما كان المطلوب ان يكون فكتور في قائمة الكتاب الأسود للأمم المتحدة إذا هو في الكتاب الأبيض للولايات المتحدة ، وان فكتور قبض من دافع الضرائب الأمريكي ستين مليوناً من الدولارات لخدماته في العراق . وحينما اشتدت الضغوط أصدر الرئيس بوش أمراً رئاسياً شكلياً في 31 من أكتوبر 2006م وتم فيه وضع بعض أصول فكتور تحت طائلة التجميد – ومع ذلك تظل الدول الغربية بما فيها أمريكا تستفيد من فكتور في تحركاتها وتعاملاتها السرية . وتكشف الدراسة ان الغرب ليس شيئاً واحداً، وإنّه مجتمع تتصارع فيه المصالح المتناقضة وان المصلحة هي سيدة الموقف ، والعقل الغربي عقل مركب ويتسع للتناقضات والمصالح المتضاربة ، وتكشف حرب الصومال عن ازدواجية العقل الغربي الذي شجع امراء الحرب ودعمهم في قرصنتهم على البر الصومالي ، حتى إذا ما نما قطاع الطرق وأمراء الحرب وامتدت نشاطاتهم الى البحر حتى ضج العالم ، لأن الامر ما عاد متعلقاً بأرواح الصوماليين وممتلكاتهم ولكن بالتجارة الدولية ، وغداً حينما يتم أسر القراصنة وقياداتهم قد لا يحاكمون لأن الكثيرين منهم مكتوبة أسماؤهم في السجل الأبيض وفي القائمة التي تدفع مرتباتها أمريكا والسفارات الغربية.. والله أعلم . عن الرأي العام السودانية