الذهب يواصل صعوده القياسي    محافظ الطائف يستقبل رئيس المؤسسة العامة للرّي    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    "هيئة الأفلام" تطلق مبادرة «سينماء» لتعزيز المحتوى المعرفي السينمائي    متوقعة جذب تدفقات قوية في المملكة.."فيتش": 1.3 تريليون ريال حجم «إدارة الأصول» في 2026    موجز    "البريد": اتفاقيات لتصنيع الطرود    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    إيران على مسافة قصيرة من العتبة النووية    العراق: انتهاء الاستعدادات لتأمين القمة العربية الشهر المقبل    في نصف نهائي كأس آسيا تحت 17 عاماً.. الأخضر يسعى للنهائي من بوابة كوريا الجنوبية    في نسختها الخامسة بالمملكة.. جدة تحتضن سباق جائزة السعودية الكبرى للفورمولا1    في الجولة ال 28 من دوري روشن.. اختبار شرقاوي.. الاتحاد والنصر ضيفان على الفتح والقادسية    أنور يعقد قرانه    أسرة العبداللطيف تحتفي بزواج مشعل    مجلس «شموخ وطن» يحتفي بسلامة الغبيشي    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    وفاة محمد الفايز.. أول وزير للخدمة المدنية    سهرة فنية في «أوتار الطرب»    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    الأفواج الأمنية تشارك في معرض المرور بمنطقة نجران    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    الأمير سعود بن جلوي يرأس اجتماع المجلس المحلي لتنمية وتطوير جدة    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    "التعليم" تستعرض 48 تجربة مميزة في مدارس الأحساء    "الملك سلمان للإغاثة" يواصل دعم المجتمعات المحتاجة    أمين الرياض يزور مشروع المسار الرياضي    1.695 مليار ريال قيمة صادرات التمور السعودية عالمياً    "ليلةٌ دامية" في غزة ومفقودون لا يزالون تحت الأنقاض    كودو تعلن عن شراكة استراتيجية مع فريق «مهرة» السعودي المشارك في سباقات أكاديمية الفورمولا 1    حوار إستراتيجي بين دول «الخليجي» وآسيا الوسطى    ملتقى الثقافات    توصيات لمواد وألوان عمارة واحات الأحساء    الرياض أكثر مناطق المملكة في شاشات السينما    تدشين برنامج «سمع السعودية» لزراعة القوقعة للأطفال الفلسطينيين    قطاع الأعمال السعودي يدعم صندوق تمكين القدس    إنترميلان يتخطى بايرن ويضرب موعداً مع برشلونة بنصف نهائي «أبطال أوروبا»    أمير نجران يطّلع على تقرير أداء الوكالات المساعدة وإدارات الإمارة    468% نموا في سجلات النزل السياحية    خمس جهات حكومية ترسم مستقبل الحج والعمرة    الرياض تستضيف كأس الاتحاد السعودي للكرة الطائرة    القبض على إثيوبي في الباحة لترويجه الحشيش والإمفيتامين    ما كل ممكن يسوغ    الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    عملية قلب مفتوح لسبعيني في القصيم    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    الأرصاد: هطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    أمين المدينة: تأهيل 100 موقع تاريخي بحلول 2030    صندوق تمكين القدس يدعو إلى إغاثة الشعب الفلسطيني    ولي العهد يعزي رئيس وزراء ماليزيا في وفاة عبدالله بدوي رئيس الوزراء الماليزي الأسبق    رُهاب الكُتب    الأول من نوعه في السعودية.. إطلاق إطار معايير سلامة المرضى    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    توقيع اتفاقية تمويل "رسل السلام" بقيمة 50 مليون دولار    "القدية للاستثمار"شريك مؤسس لسباق جائزة السعودية الكبرى StC للفورمولا 1    العالم على أعتاب حقبة جديدة في مكافحة «الجوائح»    فرع الإفتاء بجازان يختتم برنامج الإفتاء والشباب في الكلية الجامعية بفرسان    أمير نجران يعتمد الهيكل الإداري للإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي بالإمارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعيير بالذنب.. ذنب أكبر
نشر في البلاد يوم 18 - 01 - 2009

يتفاوت الناس فيما بينهم، غنى وفقرًا، سعادة وحزنًا، جمالاً وقبحًا، صحة ومرضًا، ويتفاوتون أيضا من حيث طاعتهم لله عز وجل ومعصيتهم له سبحانه.
وكما لا تجيز الشريعة الإسلامية أن يعيِّر واحدٌ من الخلق أخاه بنقص اعتراه في المجالات الدنيوية المختلفة، أو يستطيل عليه بتفوقه في هذه المجالات، كذلك – بل من باب أولى – فإنها تحرم أن يعيِّر المسلم أخاه بمعصية وقع فيها، ويتفاخر عليه بتقواه لله عز وجل وطاعته له، فضلاً عن أن يفضحه أو يشهِّر به.
شماتة مرفوضة
إن التعيير بالذنب نوع من إظهار الشماتة بالمسلم، وهذا مما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "لا تُظْهِرِ الشَّمَاتَةَ لأَخِيكَ فَيَرْحَمَهُ اللَّهُ وَيَبْتَلِيكَ" (رواه الترمذي). والمتأمل في هذا الحديث الشريف يجد النهي الواضح عن إظهار الشماتة بالمسلم، والترهيب والتحذير لمن يفعل ذلك، ومن أهم ما يدرَك من الحديث: التخويف من أن الشماتة أو التعيير قد يكونان سببًا في ابتلاء المعير أو الشامت بالعيب أو النقص الذي عيَّر به أخاه.
إن الله عز وجل قد يعافي أخاك من المعصية التي وقع فيها، وقد يغفر له تقصيره وذنبه، ويهيئ له سبل التوبة والعودة والإنابة، ولكنك لا تدري إن ابتلاك الله عز وجل بمثل ما وقع فيه أخوك، هل ستعافَى أم لا؟ هل ستتوب أم لا؟ هل سيغفر لك الله ويقبل توبتك أم لا؟.
ومما روي من روائع الإمام ابن القيم قوله:" إن تعييرك لأخيك بذنبه أعظم إثمًا وأشد ذنبا من المعصية ذاتها، وذلك لأنه يحمل في طياته معاني التكبر والغرور بالطاعة لدى صاحبه، ويعبر عن تزكية النفس وشكرها، ووصفها - ضمنيًّا- بالبراءة من الذنب، والتنزه عن المعصية".
ويضيف ابن القيم: "ولعل كسر نفس أخيك بسبب ما وقع فيه من ذنب، وما حدث له من الذلة والخضوع، بسبب ما اقترف من معصية، وتخلصه من مرض الكِبر والعُجب، ووقوفه بين يدي الله منكس الرأس، خاشع الطَّرْف، منكسر القلب، لعل هذا أنفع له وخير من صولة طاعتك وزهوك بها، والمن بها على الله وعلى خَلقه".
ومما أثر من حكم ابن عطاء الله السكندري قوله: "رب معصية أورثت ذُلاً وانكسارًا، خير من طاعة أورثت عزًّا واستكبارًا". وكلام ابن عطاء الله يتسق مع ما قاله ابن القيم من أنه "ما أقرب المذنب العاصي من رحمة الله، وما أقرب المغرور المتكبر من مقت الله! إن الذنب الذي تَذِلُّ به لله عز وجل، أحب إليه من طاعة تمُنُّ بها عليه سبحانه، فإنك إن تبيت نائمًا وتصبح نادمًا، خير من أن تبيت قائمًا وتصبح معجبًا، فإن المعجب لا يصعد له عمل، وإنك إن تضحك وأنت معترف، خير من أن تبكي وأنت مُدِل، وأنين المذنبين أحب إلى الله عز وجل من زَجَل المسَبِّحين المدِلِّين".
أيكون الذنب دواء؟!
ومن رحمة الله بنا أنه قد يجعل في الذنب نذنبه دواءً لمرض عضال لا نقوى على مواجهته، وهذا المعنى هو ما أكده الإمام ابن القيم في روائعه حين قال: "ولعل الله قد سقى أخاك بهذا الذنب دواءً استخرج به داء قاتلاً هو فيك ولا تشعر، فلله في أهل طاعته ومعصيته أسرار لا يعلمها إلا هو، ولا يطالعها إلا أهل البصائر، ولا يأمن كَرَّات القدر وسطوته إلا أهل الجهل بالله".
لذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لوم وتقريع المذنبين حتى ولو كانوا من أصحاب الكبائر، وبيَّن أن أقصى ما يملكه المجتمع حيال هؤلاء هو إقامة حد الله عز وجل عليهم، وليس للناس من سبيل عقاب على هؤلاء خلاف ذلك، لا قبله ولا بعده. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا" (رواه البخاري)، أي لا يعيِّرها ولا يوبخها، فقد نالت عقابها الذي كتبه الله عز وجل عليها، والسوط الذي ضُرِبَت به إنما كان بيد مقلب القلوب، والقصد هو إقامة الحد، لا التعيير والتثريب، وليس لسيدها أن يلومها أو يعيرها، وإن فعل فقد تعدى على حكم الله عز وجل بالإضافة والزيادة.
وذاك دأب وخلق جميع أنبياء الله، ومنهم يوسف - عليه السلام – الذي رغم ما فعله إخوته معه، ورغم قسوتهم وافترائهم عليه، ورغم تهيئة الله عز وجل لموقف يستطيع فيه الانتقام منهم أو على الأقل توبيخهم وتقريعهم، إلا أنه عليه السلام قال لهم: "لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" ( يوسف: 92)، ولاحظ معي تذييل تسامحه معهم بالدعاء لهم بالمغفرة، وتأميلهم في رحمة الله عز وجل.
إن الفتنة لا تؤمن على حي، ولتأكيد هذا المعنى في نفوس المؤمنين، قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء؛ وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق به سبحانه وتعالى وأقربهم إليه وسيلة؛ : "وإن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وإذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً . ولَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً . إذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا" ( الإسراء: 73-75). وقال صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ قَلْبٍ إِلا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ"، وكان صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَا مُثَبِّتَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ" (رواه بن ماجة).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.