كانت مدينة جميلة كما كنا نراها أو نتخيلها.. أرض بلا حدود.. ينساب فيها الغدير عبر أودية عطشى واشجار الزيتون وفلاح بسيط يلطخ كفيه بعبق الطين وأطفال صغار يمرحون على اعتاب البيوت الهادئة وأمهات يغزلن الأمل في عيون شبابها وقصص تعبر عن بطولات، إنها غزة تلك المدينة الجريحة والتي أصبحت جزءاً مذبوحاً من أرض فلسطين. إنها غزة التي غيرت صورة الفلاح والأرض والأفراح وحولت ساحتها إلى مشاهد ومجازر ودماء تروي أرض نهمة لا تشبع أبداً، فقد بدأت احتفالية الشياطين.. هم المحتلون اعداء كل ما هو جميل.. اعداء السلام.. الصهاينة الذين اسقطوا من حساباتهم صور الأطفال الأبرياء وجثث واشلاء سقطت على الطرقات.. هكذا بلا رحمة.. حين تتحول معركة المحتل الظالم الى معركة محسومة مسبقاً للطرف الأقوى الذي يمتلك امام الابرياء قوة الجنازير والدبابات ليطحن كل أمل وليبدأ تلك المعركة غير العادلة والمتكافئة ليكون صاحب الموقف والشاهد على مجزرة يسجلها التاريخ ايضا عليه. ففي كل يوم غزة تعيش أياما عاصفة ورعباً يسكن بيوتها ويقتل فيها آخر الآمال بأن تكون هذه المدينة آمنة ولو لبعض حين.. لقد اعتصر قلبي ألماً كما الآخرين على ما نراه كل يوم من اعتداء آثم وسافر لمحتل بغيض على أناس لا يمتلكون أي شيء الا هذه الأرض التي يتشبثون بها حتى آخر القطرات.. فهي مستقر ووطن وآخر ما تبقى من ممتلكاتهم..فهم بذلك مغامرون رغم العجز الذي قهر الرجال أبطالها.. حين يكون عدم القدرة عن فعل أي شيء يكف يد العدوان عن غزة التي تموت مع ابنائها في كل يوم.. آه يا غزة لو كان تأثير الخطب والحديث عنك.. يقف في وجه ظالم بغيض.. آه يا غزة لو كان الاشفاق عليك يعيد لك الآمان والسلام ليت ما نفعله لك أكثر من ذلك.. فنحن اشخاص متعاطفون فقط بما يخالجنا من ألم ورغبة في البكاء والدموع بينما قادرون على أن نفعل اكثر من ذلك فالتعاطف وحده لا يكفي بل توحد قوتنا وكلمتنا وافعالنا ضد هذا العدوان وضد الظلم الذي سيتحول يوما إلى عدالة منصفة بحق مدينة تعيش الآن لهيب الحرب والدمار.. آه يا غزة لو كان بيدي فعل أي شيء. em/[email protected]