جريدة البلاد الغراء بلغت ال 79 من عمرها المديد.أسسها الاستاذ محمد صالح نصيف رحمه الله في 27-11-1335ه الموافق 4 ابريل 1932م تحت اسم ( صوت الحجاز)، ثم عاودت الصدور باسم (البلاد السعودية) في 1-4-1365ه الموافق 4-3-1946م، ثم حملت اسم (البلاد السعودية) عرفت باسم (البلاد) في 16-7-1378ه الموافق 26-1-1959م. هكذا أطفأت صحيفة المملكة العربية السعودية الأولى شمعتها التاسعة والسبعين من عمرها المديد في خدمة المواطن ، الأرض والإنسان معاً، وهي مناسبة تثير لدى النفس شؤوناً وذكريات يتسنم عبقها السعوديون قاطبة في صحراء الوطن ومدنه وقراه وأريافه وبواديه. فمن منا لا يملك مع (البلاد) قصة ولم ينسج لها حكاية. وكم منا تحسس للقهوة مذاقاً آخر حين ارتشف فنجان الصباح مع الجريدة، البلاد الغراء. فهذه الصحيفة التي تضم مجلة اقرأ بين دفتيها وتخبئها في عيون أبنائه، قد اصبحت لسانه الذي يذود عن حماه ومرآته التي تعكس وجهه المشرق، وهي لم تتربع على هذه القمة الشماء من نجاحها الفريد، لهذه النخبة المميزة من العاملين الأوفياء الذين نذروا انفسهم للصحافة هذا النفر المخلص من أبناء الوطن الذين يقضون في دوحة (البلاد) ضعف ما يقضونه من وقت بين اطفالهم وأسرهم، فقد نمت بينهم اواصر الولاء وتوثقت عرى التآلف والمحبة التي اصبحوا يحملونها وتحملهم أنى توجهت بهم السبل وأينما ضربت بهم الأقدام، تقرأُها في عيونهم المتفحصة وعلى جباههم المقطوطبة، وفي التحية التي يتبادلونها أو يلقونها عليك، وتجدهم بين اسطرها وعلى الصفحات المضمخة بأنفاسهم اللاهثة خوفا عليها. إنها مؤسسة عصرية بالمعنى الحديث للكلمة، فقد اكتملت فيها عناصر التفوق الرئيسة من انسان مبدع، وآلة حديثة وادارة متطورة تتجاوز تخوم المعتاد واليومي والسائد الى آفاق أبعد جديدة ومبتكرة وهي بناء الروحية المميزة والهوية الخاصة والتي من شأنها غرس احساس عميق لدى العاملين بأنفسهم فيها أمراء وليسوا أُجراء، وانها لهم قبل ان يكونوا لها. جريدة (البلاد) نشأت معنا كجزء من حياتنا اليومية، وبكل فخر واعتزاز نقول انها كونت لدينا ابجديات ثقافتنا ابتداء من مرحلة المدرسة الى الجامعة فالوظيفة. في هذه المناسبة نعود ادراج الذاكرة الى مطلع الثلاثينيات الميلادية، مرحلة الاقتناء اليومي الفعلي للصحيفة، كانت كحقيبة المدرسة وما زالت تسكن فينا بذلك العنفوان الوطني الشامخ، نقلب صفحاتها فتختصر لنا الوطن فنحمد الله على أمنه واستقراره وتطوره وازدهاره وتألقه. فهي الجريدة الشامخة التي ما خذلت القائد بل كانت معه على الدوام، تستجيب للرؤى وتشرح الرؤية وتفسر النظرة حتى غدت خلف الملك عبدالله تدفع التنمية وتدير عجلتها الى الامام، وتناقش شؤون الوطن (المملكة) وهمومه وقضاياه انطلاقا من يقينها ومعرفتها بعبء الأمانة وشرف الواجب الذي يقع عليها نحو المجتمع الذي نعيش فيه والوطن الذي ننتمي إليه. الآن وبعد (79) عاما لا تزال "البلاد" في اوج قدرتها تمتلك سلاح الولاء والانتماء لثرى هذا البلد الطيب، وتصل الى كل بقعة من أرياف ومدن وبوادي المملكة، وهي إن تأخرت لا قدر الله يهز الشوق اليها ابناءها ، ويرقبون عودتها لتشيع في ربوعهم الخضراء النور واليقظة والرخاء، ولا عجب فهي التي تصدت لرسم البدايات وترتيب الاولويات، وهي التي عززت في الناشئة حب الوطن وغرست في نفوسهم القيم الوطنية الصحيحة التي اسهمت في تحديد الهوية ورسمت ملامح الشخصية الوطنية السعودية، وهي التي أضفت روح التفاؤل والايجابية في الحياة وساندت جهود خلق المواطن السوي الذي يبذل بسخاء في سبيل خير مجتمعه الذي منحه العزة والكرامة والدور الرائد البناء. اننا حين نتحدث عن عيد جريدة البلاد الغراء، انما نقارب الحقيقة حين نقول ان من بين رحمها انطلقت قوى الابداع البناء مؤسسات الوطن العصرية، وأنها وبروح فريقها الواحد وتعاون رجالاتها الأوفياء الصادقين شدت آمال الوطن والأمة، وفتحت النوافذ للعالم والعلماء وللفكر الانساني الخيّر الحديث. "البلاد الغراء" أدت رسالة الوطن المبارك، وتحركت بكل فخر واعتزاز على كل ساحات العمل والتقدم والخدمة، هي في حبة العين نمت وترعرعت وكبرت، كما كبر فينا حب الملك والولاء للقيادة السعودية في سبيل رفعة الوطن ومنعته ومجد أمته. جريدة البلاد الغراء كانت في الطليعة ولا تزال في المقدمة، فهي الفارس السعودي الشجاع، سلاحها الإيمان، والرأي الحصيف والكلمة الجريئة، والموقف الثابت في خدمة وطنها وأمتها. إن اهم ما في تجربة (البلاد الغراء) الناجحة انها تحوّلت من مؤسسة عادية الى نموذج يحتذى، وحاضنة لتفريخ القيادات الصحفية والثقافية بعد أن تفوقت كوسيلة إعلام مؤثرة. ملاحظة: بدأت نشر مقالاتي في جريدة البلاد ابتداء من عام 1951م وأواصل مشواري إلى يومنا هذا. مدير عام وزارة التخطيط / متقاعد هاتف 6829052 فاكس 6658393