أصبح من المسلَّم به أن تحقيق الأمن بمعناه الجامع الشامل لا يمكن أن يكون مسؤولية الجهات الأمنية فقط ، مهما بلغت كفايتها وقدرتها ، وذلك لأن كل جريمة أو انحراف سلوكي ، يسبقه نوع من الانحراف الفكري ، أو خلل في التفكير ، أو قصور في التربية . ومن هنا تزايد الاهتمام بما يسمى الأمن الفكري، سعياً إلى حماية الفكر من أي انحراف قد يتحول إلى سلوك إجرامي يهدد الأمن . وفي هذا الاتجاه نتوقف بكثير من التقدير عند مبادرة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ، ودعمه للكرسي البحثي الذي يحمل اسم سموه للأمن الفكري بجامعة الملك سعود .. باعتبارها خطوة رائعة لنشر ثقافة الأمن الفكري في المجتمع السعودي ، وتوظيف البحث العلمي المتخصص في صيانة هذا الأمن ، وبالتالي إغلاق الباب أمام الجرائم الناجمة عن اختلال التفكير ، أو الانسياق وراء دعاوى ضالة ومضلة . وقد يتصور البعض أن مثل هذه المبادرات الرائدة لحماية الأمن الفكري ، تستهدف فقط محاصرة الأفكار المغذية للتطرف والإرهاب ، لكن الحقيقة أنها تستهدف حماية العقل من كل انحراف في التفكير ، سواء كان باتجاه التطرف والغلو ، أو الانحلال الأخلاقي ، والخروج على ثوابت المجتمع وأخلاقه .. فالشخص الذي يقدم على تعاطي المخدرات، يعاني من خلل في التفكير ، والشخص الذي يستسلم لوساوس شياطين الإنس لارتكاب المحرمات لا يختلف في انحراف تفكيره كثيراً عمن ينساق وراء الأفكار الجافية لوسطية وسماحة الإسلام . ويبقى التساؤل الذي يجب أن نطرحه جميعاً على أنفسنا ، هو : من المسؤول عن حماية الأمن الفكري في بلادنا ؟ والإجابة الموضوعية : أننا جميعاً شركاء في المسؤولية ، فالتربية الإسلامية الصحيحة هي حجر الزاوية في منظومة جهود حماية الأمن الفكري، وهي مسؤولية الأسرة بالأساس .. تليها المؤسسات التعليمية والجامعات ، ثم المؤسسات المعنية بالدعوة ، والإعلام ، والعمل الاجتماعي ، والثقافي ، والجهات الأمنية وغيرها .. فجميعنا مسؤولون عن حماية عقول أبنائنا وشبابنا من أي محاولات لتخريبها ، وذلك لأننا لا نستطيع أن نحمل رجال الأمن فقط مسؤولية الرقابة على العقول ، ولا يمكنهم وحدهم ذلك في عصر لا يستطيع كثير من الآباء مراقبة ما يتعرض له أبنائهم عبر شاشات الفضائيات ، ومواقع الإنترنت. alomari 1420 @ yahoo . com