يهل علينا شهر عظيم يحمل معه الحب والرفعة والسمو والرحمة، يعلن عن فضائله الكريمة وروحانياته المباركة : فأهلا بشهر الخير والبركات، شهر الرحمة والمحبة والغفران، شهر التكافل والتعاضد والمشاعر، شهر الأمة الإسلامية كلها، شهر الاحترام والقداسة والزهد والبر والتقوى . فيه ليلة خير من الف شهر، فيه كل معاني الخير والمودة والبركة، فيه تغيير يجب ان نشعر به في السلوك والتعامل والانجاز والعمل بجد واريحية، وان نبتعد عن التكاسل والتأفف والاعذار بحجة الصيام وعدم القدرة .وليكن لهذا الشهر لغتة وايقاعاته الروحانية، ولنعرف كيف نتواصل معه ونتعامل مع بعضنا بعضاً، وكيف ننظم اوقاتنا واعمالنا، وكيف نكون اجود الناس واحنهم قولا وفعلا وعملا، وكيف نحارب الجهل والجهالات والالحاد والملحدين والزنادقة والمفطرين، وكيف نحافظ على خيره ونسائمه واجوائه الطيبة، ونبتعد عن العجلة والسرعة والنميمة والتجريح، ونغتنم اوقاته في الاخلاص لمعانيه ايمانا واحتسابا .ونتذكر الفقراء والمساكين تكافلا وتعاضدا واحتراما . اهلا بشهر القرآن والتوبة والرحمة والغفران والاحسان والدعاء، شهر المسرات والصبر والايمان، شهر الارتقاء النفسي والسمو الروحي شهر الوجدان وابواب الجنان، شهر يجب ان تتضاعف فيه همم المسلمين للخير والعطاء والمصالحة وإطفاء الغضب والعداوات، لأن الله لا يقبل صياماً من مسلمين بينهم خلافات ومشاحنات وبغضاء وتحاسد . اهلا بشهر الله عز وجل قال تعالى : كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وانا اجزي به .هذه هي خصوصيته، لانه عبادة بغير حركة الجوارح والله وعد بالثواب المعدود من الواحد الى عشرة امثالها وفي رمضان بسبعين ضعفا . رمضان اجواؤه ورياحنيه وتراويحه ووصله وتراتيله وتحميداته وحكمه على المسلمين كافة .ولذلك علينا ان نمضي فيه وقد اعددنا انفسنا خيرز اعداد، نؤدبها عن الشهوات، ولا نخضع لاوامر المعدة ورغباتها وتدريبها على تحرير الارادة من حشو المعدة بالطعام، ولذلك جاء الصوم درساً لمحاربة الخضوع وتحرير الارادة الانسان لاحكام العقل، فهو صحوة للعقل والضمكير والانتباه للفقراء والمساكين والمحتاجين .ولنكن معهم كل حسب قدراته وامكاناته بما نملك من قليل او كثير، حتى يكون الله عز وجل معنا .وليكن شعارنا الجد والاجتهاد والعمل والفعل الطيب .فإهلا به وجعله الله خيرا عميما وطريقا رحيما وسبيلا لوحدة الامة العربية والاسلامية . شهر رمضان المبارك شهر الطاعات والعتق من النيران، وهو شهر اوله رحمة واوسطه مغفرة واخره عتق من النار، ولقد خطب الرسول عليه السلام في آخر يوم شعبان، وقال ايها الناس لقد اظلكم شهر عظيم مبارك، فيه ليلة خير من الف شهر، من حرم فيه الخير فقد حرم الخير كله، وهو شهر يزداد فيه رزق المؤمن وفيه ليلة خير من الف شهر، وهو شهر القرآن والصدقات والاحسان .وافضل الصدقة صدقة في رمضان حيث ان الصدقة على القريب صدقة وصلة رحم، وان لله في كل ليلة عتقاء وذلك كل ليلة وفي آخر يوم من رمضان يأمر الله سبحانه وتعالى الجنان ان تتزين للعباد، ويعطي الله سبحانه الاجور والحسنات، ذلك ان العامل يوفي اجره اذا انهى عمله . جعلنا الله واياكم من عتقاء شهر رمضان المبارك، ونسأله سبحانه ان يعيده علينا وعليكم وعلى الاسرة السعودية الواحدة، وكل عام وبلادنا المملكة العربية السعودية الغالية ومليكنا المحبوب بألف خير .