طلبت مني قناة تلفزيونية فضائية جديدة في اليمن اسمها " سبأ " ، أن اشارك ضمن قافلة من الكتاب والمشاهير في اليمن في تقديم سبع دقائق حديث من القلب الى الشباب اليمني والعربي والمسلم اليوم . واخترت موضوع العمل ليكون نقطة الأساس في حديثي .وبدون شعور وجدت أنني خاطبت شباب اليمن .حدث ذلك بالرغم من أن القناة فضائية، وهو أمر يحول العولمي الى محلي بدلاً من أن يستفيد من المحلي لتوجيه خطاب عولمي . وعندما أعدت التفكير عن أسباب ما حدث، وجدت أن المذيع كان مهموماً بمشاكل الشباب اليمنيين وقدم لي ورقة أولية عن وجهة نظره لكيف يجب ان يكون الحديث من القلب الى الشباب اليمني، فتأثرت بدون أن أتنبه بالخطاب المطلوب وشاركت دون إدراك في قصر خطاب عام موجه لكل الناس وحولته الى خطاب خاص موجه الى عدد قليل من المشاهدين . الأمر أشبه بأن تكون في صالة تغص بالحضور من كل مكان، وتفتح الميكرفون وتخاطب عشرة من الحضور قادمين من قرية معينة .تكون النتيجة أن يدرك بقية الحضور أنهم غير معنيين بالخطاب فيخرجون من الصالة أو يلتفتون الى بعضهم ويبدأون الحديث فينتهي صوت المتحدث في المايكرفون ويفقد حتى أهل تلك القرية إمكانيات سماع الصوت . المحلي والعولمي : تفتح قناة عولمية تتحدث عن حادثة مرور أو قطة صعب عليها النزول من فوق شجرة، فتجد الطريقة التي يتم بها التعامل مع الحدث وكأنه خبر يهمك شخصياً كمشاهد وموجه اليك بغض النظر عن المكان الذي جئت منه، وهو استخدام ذكي للوسيلة تدفعك للمتابعة والاهتمام . أما القنوات العربية الغالبة فحالها مثل حال قناتنا الجديدة تخاطب جمهوراً وهمياً بعينه عبر وسيلة واسعة النطاق فتنتهي دون ضمان أن تصل الى ذلك الجمهور مستمعاً أو مشاهداً، وبسهولة تحول بنفسها دون اجتذاب مساحة كبيرة من المتفرجين . زمان كانت محطات التلفزة محاطة بحدود سيادة الدولة الجغرافية، فكان الحديث منطقياً الى أهل تلك البلاد .أما اليوم فالمحطات الفضائية قد جعلت الأرض كلها موقع مشاهدة، وصار الخطاب عاماً غير محصور بمكان ولا زمان ولا لغة .وعملية الحصر له تهدر مساحات إمكانياته وقدراته، وتقلل من مساحة متابعيه، فتتحول هذه القنوات الى مواقع محلية مرسلة لكل الناس، لكنها غير مرحبة بهم ولا موجهة اليهم، وهم جمهور حساس يبادلونها نفس الشعور فيعبرونها بأجهزة التحكم الآلية في ايديهم دون أن يتوفقوا، والنهاية خسارة للجميع . قبل السكوت : الشهر الفضيل يقترب، ويحتاج الى خطاب خاص يشبه الصوم عن الأكل والصوم عن الخطأ، والى كلمات نقية من أجل الروح الباحثة عن التطهر .لذا اسمحوا لي أن أتوجه اليكم جميعاً، بالتهنئة باقتراب شهر رمضان، طهر الله فيه جميع الأرواح، وأنزل فيه السكينة والرضا على كل القلوب، وكل عام وانتم بخير . raufah@hotmail .com