أنعم الله علينا نعماً كثيرة لا نحصيها واجلها واكبرها وكفى بها نعمة وهي نعمة الاسلام التي اختص الله بها من شاء من خلقه وحرم منها من شاء بحكمته ..وهو احكم الحاكمين يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو اعلم بالمهتدين ومن النعم التي انعم الله علينا بعد نعمة الاسلام هي بلوغ شهر رمضان الكريم الذي جعله الله سبحانه احد اركان الاسلام وجعل صيامه واوقاته وايامه من افضل الاوقات والايام، وجعله من افضل المواسم حيث يتنافس فيه المتنافسون ويتبارى فيه المتسابقون الى طاعة الله والى الفوز برضوانه وجناته قال تعالى : " وسارعوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والارض اعدت للمتقين " وشهر كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يبشر اصحابه بقدوم حبيب طال انتظاره وضيف كريم ينتظره اهل الايمان بشوق وحنين كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يبشرهم بهذا الشهر ويقول عليه الصلاة والسلام " جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب عليكم صيامه فيه تفتح ابواب الجنة وتغلق فيه ابواب الجحيم وتصد فيه الشياطين وفيه ليلة خير من الف شهر، شهر كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يشحذ الهمم لاصحابه بأن يستغلوا هذا الشهر لرفع الدرجات وكسب الحسنات وحط السيئات والفوز بجنته، والعتق من نيرانه، كان من دعائه عليه الصلاة والسلام اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان، ان بلوغ شهر رمضان من اكبر النعم التي أنعم بها على العبد المسلم وذلك بالعودة الى الله من المعصية الى الطاعة ومن الغفلة عنه الى الذكر المتواصل ومن البعد عنه الى الانابة ومن ترك المنكرات الى فعل الخيرات والطاعات التي تقربه الى فاطر السماوات والارض ان بلوغ رمضان نعمة على كل مسلم بعد ان حرم منها اناس كانوا يتمنون ان يدركوا رمضان ولكن؟ حيل بينهم وبين ما يشتهون كان معنا احبة لنا من الاهل والاقارب والجيران صاموا معنا العام الماضي وافتقدناهم في هذا الشهر الكريم فاجأهم الاجل كانوا يأملون ويتمنون ان يصوموا معنا هذا العام ولو يوماً واحداً او يصلوا معنا ولو صلاة واحدة او يسبحوا الله ولو تسبيحة واحدة ولكن ..ولا ادل على ذلك من نعم الله علينا من بلوغ هذا الشهر العظيم في قصة النفر الثلاثة الذين انطلقوا الى الجهاد في سبيل الله فاستشهد اثنان ورجع الثالث وبعد فترة مات الثالث على فراشه، فرئي في المنام سابقاً لهما منزلة ورفعة في الجنة فقال النبي صلى الله عليه وسلم في تفسير ذلك " أليس صلى بعدهما كذا وكذا صلاة وادرك رمضان فصامه، فو الذي نفسي بيده ان بينهما لأبعد مما بين السماء والارض، لقد كان السلف الصالح في ايامهم وشهورهم كلها رمضان فكانوا يدعون ستة اشهر بأن يبلغوا شهر رمضان وستة اشهر بأن يتقبل منهم رمضان، وكانوا رحمهم الله يقولون من رحم في رمضان فهو المرحوم؟ ومن حرم هذا الشهر فهو المحروم، وقال الحسن رضي الله عنه ان الله جعل شهر رمضان مضمار الخلق يتسابقون فيه بطاعته الى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا .اقبل هذا الشهر الكريم واقبلت التجارة الرابحة مع الله سبحانه وتعالى فليتنافس فيها الصالحون حتى يحصلوا على الارباح العظيمة وعلى مغفرة الذنوب والعتق من النار في اخر الشهر الكريم ان اصحاب التجارة في هذه الدنيا يستعدون لشهر رمضان قبل دخوله بأشهر عديدة حتى يحصلوا على ارباح ما حصلوا عليها خلال العام، الا في هذا الشهر تجدهم لاهين عن التجارة مع الله سبحانه طيلة هذا الشهر الا من رحم الله فخسروا التجارة الرابحة مع الله ونجد ايضا طائفة اخرى والعياذ بالله جعلت شهر رمضان عندهم كسائر الشهور واصبح همهم الاول في ذلك في النزول الى الاسواق والازدحام مع الناس في شراء ألوان من الطعام والشراب وكأن هذا الشهر الفاضل شهر اكل وشرب فقط ليس شهر التشمير والجد والاجتهاد في طاعة الله بل تجدهم في النهار على فرشهم نائمين واضاعة للاوقات بالليل، وربما حرصوا على طاعة ولكن يؤدونها على عجل دونما خشوع واستحضار لعظمة الله فيا خسارة هؤلاء يا خسارتهم اذا ربح الطائعون ويا حزنهم اذا فرح المؤمنون ويا شدة بؤسهم اذا وجدوا صحائفهم خالية من مواسم الخير والبركات، يا من طالت غيبته عنا قد قربت ايام المصالحة يا من دامت خسارته قد اقبلت ايام التجارة الرابحة، يا من بعد عن رحمة الله اقترب من المولى عز وجل في هذا الشهر حتى تتعرض لنفحة من نفحات الايمان وتفوز برضوان الله، ومن لا يربح في هذا الشهر، ففي اي شهر يربح؟ .