الحلقة الاولى اسائل نفسي دائماً ما الذي جد علينا بعد أن كنا أمة من خير الأمم وأقواها وأصبحنا بحال يرثى لها .لا أحمل ذلك على الغزو الذي تكالب علينا بأنواعه الفكري والإعلامي والأخلاقي وما الى ذلك ولكن اتمثل بقول الشاعر : نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا أقول ذلك وأنا واثق كل الثقة بأن هذا البيت وبكل أسف ينطبق علينا بشكل دقيق ولعلي لا أبالغ اذا ما قلت بأن الشاعر كان دقيقا في وصفه منصفا لمن قال فيهم شعره .ولا أخاله الا معانياً منهم أشد المعاناة بل وأشد من معاناة أكثرنا .والحقيقة أن هناك خللاً اجتماعياً وراء كل تلك المعاناة يتمثل في تعاون المنزل مع المدرسة الأمر الذي نعتبره سبباً وراء كل مشاكلنا .لماذا لان التوجيه والوعظ والارشاد بالكاد يكون غير مفقودين وهنا أقول إنها قمة المشاكل وأعظمها واذا أردنا أن نتحدث عن أسباب حدوثها فنقول إن ذلك يتمثل في انعدام الوعي والتوجيه التربوي عند الوالدين مما ينتج عنه عادة من انحراف سلوكي يأخذ ببراعمنا الى الانخراط في أنفاق الرذيلة ومنعطفات المخدرات التي تعصف بمجتمعنا في أتون أمراض اجتماعية لا علاج لها . وفي الوقت نفسه تكون انعكاساتها على المجتمع بأسره وتتمثل تلك الانعكاسات فيما نعانيه من سرقات وتعاطٍ للمخدرات وما الى ذلك التي اصبحت حديث الناس والساعة عند مختلف طبقات المجتمع وأخص بالذكر المخدرات وأركز عليها اذ أنه ما يكون منها إلا انحطاط في السلوكيات ولا أخفي القارئ الكريم اذا ما قلت انه بعد احصاء دقيق ثبت بأن مرتكبي هذه الآفات الاجتماعية أقل نسبة في المدينةالمنورة من أي مدينة اخرى وهذا مؤشر يوحي بأن ما كانوا عليه من تربية قوى لديهم جهاز المناعة ولا يزالون بخير وأن معظم المصابين هم من الوافدين اليها سكناً ومهاجراً ولا يزال أهلها بخير حتى يوم الناس هذا . ولا بد ان يكون لهذه الحماية اسباب ومن اهمها جوار الحبيب صلى الله عليه وسلم وما حظى به الشباب من تربية وتوجيه ولا شك ان هذا ضرب من ضروب الأدب الذي أتمنى ان يكون شباب هذه الأمة عليه لذا فمن واجبنا ان نبني جسوراً نزرع عليها مختلف الفضائل بين براعمنا حتى تكون تنشئته مناسبة وما كنا عليه ومثلاً يحتذى عند الغرب بل وعند العالم بأسره . ويجدر بي وأنا أتحدث من هذا المنبر أن أناشد كل غيور على أمته ان يكون كما قال الله سبحانه وتعالى فيهم " كنتم خير أمة أخرجت للناس " فلا نفقد هذه الخيرية التي وهبنا الله إياها بسوء اعمالنا وتقليدنا الأعمى لكل ما يرد إلينا وتأثرنا بالفكر الغازي لنا وذلك بتخلينا عما كنا عليه في سالف أيامنا من محاسن الحياة سواء ما كان منها اجتماعياً او حضارياً أو ما الى ذلك .وأملنا كبير في الآباء والأمهات والمدرسين والمدرسات ان نرى اثراً لتغيير موازيننا الحياتية على ايديهم ان شاء الله قريباً . ولعلي أقول بأن أهل المدينة ان لم يكونوا معصومين من هذه القبائح والرذيلة فلا شك فإن نسبتهم بالإصابة منها قليلة وهذا ما يمتازون به بين شعوب باقي المدن والى لقاء آخر ان شاء الله .