تجربة مررت بها وأحببت عرضها لعل أحد يستطيع عمل شيء تجاه هؤلاء. أردت شراء بعض المواد الغذائية، وكنت في عجلة شديدة ذلك اليوم وعلي ارتباطات هامة يجب أداؤها، دخلت لمتجر كبير لبيع الجملة لحاجتي إلى كميات كبيرة، كان كثير من العمال بزيهم الموحد يقفون وبجانب كل منهم عربة لنقل ما يتسوقه الزبون، يقفون في انتظار المشتري ليساعدوه، "ذكرني ذلك بالمطارات في بلادنا مع فارق نوعية ما يحملونه؟. استعنت بأحدهم ليقوم بتحميل ما أرغب في شرائه، وطفت بين ممرات المتجر مسرعة يلاحقني العامل واخترت ما أردت في مدة وجيزة، كان المتجر خالياً من أي تبريد! بسبب وجود بوابتين كبيرتين مفتوحتين على مصراعيهما سامحة للغبار أن يتراكم فوق البضائع المرصوصة على الأرفف، والحر الذي يؤذي الشاري ويُفسد الأغذية في نفس الوقت. ذهبت إلى المحاسبة على البضائع وفرحت بقيام أحد شبابنا السعودي بذلك، كان العامل يحمل له كل نوع تم شرائه ويقوم هو بتسليط الجهاز لتدوين الأسعار على الشاشة أمامه، ثم يضع العامل ما انتهى منه في عربة أخرى أتى بها عامل آخر! انتهت الكمية وإذا بالموظف السعودي يتجه برقم في يده إلى الطرف الآخر من المتجر لوافد من جنسية عربية وقد اصطف أمامه عدد غير بسيط من المقاعد ليجلس عليها الزبون حتى ينتهي "المُراجع رقم اثنين" من مهمته، ثم طُُلب مني التوجه مرة أخرى للمحاسب لدفع ثمن ما اشتريته؟. سددت الفاتورة وأنا أتنفس الصعداء على انتهائي من تلك المُعاناة وقد بدأ صبري في النفاد وإذا بي أُفاجأ عند مُغادرتي من ذلك المتجر "بشخص ثالث" آسيوي يقف خارج المتجر يحمل في يده قائمة بكل ما تبضعته وبدأ يراجع "مرة ثالثة" على مُشترياتي! لا أكياس وضعت فيها الأشياء الصغيرة، ولا كراتين تم جمعها فيها!! لاحظت كل من في هذا المكان يعمل بلا مبالاة وعلامات الاكتئاب والوجوم تعلو جميع الوجوه. لم يكن لدي دقيقة واحدة انتظر فيها المُراجع الثالث ليقوم بعملية التدقيق، فكل ما كنت أحتاجه قد تمكنت من جمعه في دقائق قليلة ومسلسل التدقيقات الذي أهدر وقتي تماماً قد فجر غضبي وكان السبب في مُطالبتي باسترداد نقودي، وأنا أتساءل عن كل هذه العمليات التي لا أجد لها سبباً فالأجهزة الإليكترونية لا تدع مجالاً للخطأ ولا تحتاج إلى مدققين "وأسطول" كامل من العمال الآسيوين الذين يمكن الاستغناء عنهم وبالتالي إيجاد فرص عمل لشبابنا السعودي ورفع أجورهم التي لو فكر صاحب العمل أن ذلك سيوفر عليه الكثير بما فيه ثمن التأشيرات وأجور العمالة المستوردة وإسكانهم وما يجلبون معهم إلى بلادنا من أمراض ومشاكل لا تعد ولا تُحصى، ويترك أبناءنا عرضة للضياع وسلبيات الفراغ الذي قد يصل إلى ما لا يُحمد عقباه. ٭ همسة: يحتاج شبابنا فقط لقليل من الثقة والتدريب والإيمان بقدراتهم وإعطائهم الفرصة لإثبات ذلك، وغرس حب العمل فيهم الذي هو أساس كل نجاح فمتى نمنحهم ذلك؟ أما آن الأوان لنفعل؟ ليلى عناني