تفاقمت أعمال الشغب التي أعقبت مباراة مصر والجزائر في التصفيات الأفريقية المؤهلة لبطولة كأس العالم، إلى أزمة سياسية بين البلدين، بعدما أعلنت القاهرة الخميس استدعاء سفيرها بالجزائر للتشاور، كما استدعت السفير الجزائري لإبلاغه بضرورة قيام حكومة بلاده بتحمل مسؤولياتها في حماية المصريين والمنشآت والمصالح المصرية بالجزائر. وعقد الرئيس حسني مبارك اجتماعاً موسعاً مع عدد من كبار المسؤولين في الحكومة المصرية، بينهم رئيس الوزراء ورئيسي مجلسي الشعب والشورى، وعدد من الوزراء، إضافة إلى مدير المخابرات العامة، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، لبحث التداعيات الناجمة عن "الأحداث المؤسفة" التي أعقبت المباراة التي استضافتها العاصمة السودانية الخرطوم مساء الأربعاء. وجاء في بيان صدر عن رئاسة الجمهورية، أن الرئيس مبارك تابع خلال الاجتماع تنفيذ تكليفاته لرئيس الوزراء والأجهزة المصرية المعنية، والتي كان قد أصدرها مساء الأربعاء بعد انتهاء المباراة، لتأمين عودة المواطنين المصريين وبعثة منتخب مصر من السودان، بعد المباراة التي انتهت بفوز المنتخب الجزائري بهدف دون رد، لينتزع بطاقة التأهل لبطولة كأس العالم. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن الرئيس مبارك كلف وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، باستدعاء سفير الجزائربالقاهرة، عبد القادر حجار، لكي ينقل إليه مطالبة مصر للجزائر بأن تتحمل مسئولياتها في حماية المواطنين المصريين الموجودين على أراضيها، ومختلف المنشآت والمصالح المصرية بالجزائر. كما أشارت إلى أن الرئيس مبارك تلقى، خلال الاجتماع، تقارير الأجهزة المصرية حول ما تم من تنسيق مع الحكومة السودانية، حيث أشارت تلك التقارير إلى "عودة غالبية مواطني مصر سالمين، رغم الصعوبات التي واجهتهم في طريقهم إلى مطار الخرطوم، للعودة على طائرات الجسر الجوي المصري." وكانت الخارجية المصرية قد أعلنت في وقت سابق الخميس، أنها استدعت سفير الجزائربالقاهرة، وأبلغته ب"استياء مصر البالغ من الاعتداءات التي تعرض لها المواطنون المصريون، الذين توجهوا إلى الخرطوم، تشجيعاً للفريق الوطني المصري على أيدي المشجعين الجزائريين." وأعربت مصر، بحسب وكالة الأنباء الرسمية، عن "غضبها واستهجانها إزاء استمرار شكاوي واستصراخات أعداد كبيرة من المواطنين المصريين المقيمين في الجزائر، إزاء ما يتعرضون له من ترويع واعتداء، بالإضافة إلى ما تعرضت له المصالح والممتلكات المصرية الرسمية والخاصة من اعتداءات، وتحطيم وسرقة قبل مباراة الأربعاء." وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، حسام زكي، إنه "سيتم إبلاغ السفير رسالة قوية حول التواجد المصري في الجزائر، سواء الجالية أو المصالح أو الممتلكات، وبأن طلب القاهرة الذي تكرر أكثر من مرة في الأيام الماضية، بحماية وتأمين التواجد المصري بكافة مكوناته، إنما هو مسئولية الحكومة الجزائرية في المقام الأول والأخير." وحملت الخارجية في بيان لها على أحداث مباراة الخرطوم، ما وصفته ب"الإعلام المأجور"، مسئولية الأحداث المؤسفة التي أعقبت مباراة مصر والجزائر، و"إخراج الرياضة في العالم العربي عن الروح الرياضية، إلى روح النرجيسة." كما دعا البيان من وصفهم ب"الحكماء" فى مصر والجزائر، العمل على "تضميد الجراح التي ألمت بمشاعر شعبين وتشخيص داء العداء لمصر في الجزائر، ورد فعله الذي يبدو طبيعياً في القاهرة، ووضع وصفة لعلاجه واستئصال جذوره من فكر ووجدان الشعبين." وذكرت الخارجية المصرية أن "الفائز في مباراة الأمس، هو من واصل هجومه على المهزوم، بالألفاظ النابية وهمجية الممارسة، فأضاف إلى مرارة الهزيمة، ذكريات أليمة قد لا يجدي فيها دواء إلا الزمن"، كما دعت إلى ضرورة وضع "ميثاق رياضي عربي، يضع الأمور في نصابها." وتابع البيان أن "المباراة كان ينبغي لها أن تكون في أجواء عرس عربي إسلامي، عرس أفريقي، يتم إحالتها إلى تنافس غير شريف، وإلى بوق يبث سماً زعافاً، وتفوح منه رائحة الكراهية والحقد الدفين، ليس بين شعبين، وإنما بين أجهزة إعلامية، هنا وهناك." وذكر أن تلك الوسائل الإعلامية اتخذت "التهييج والإثارة هاجسها، ولغة الشحن الإعلامي المريض دينها، وحولت كلمة مصري إلى اتهام في الجزائر، ولفظة جزائري إلى مجرم في القاهرة، والأصل في الأمر أنها مباراة كرة قدم فيها الخاسر والفائز." واتهم البيان صراحةً فضائية "الجزيرة" القطرية ب"تأجيج المشاعر بين جماهير البلدين، حتى تضيف زيتاً إلى النار، وقامت ببث فيلماً وثائقياً عن تاريخ الخلافات المصرية-الجزائرية، وكأننا بصدد الإعداد لموقعة حربية بين البلدين، وكأن القاهرة تعد جيشاً جراراً لغزو الجزائر، أو العكس"، وفقاً لما نقل موقع "أخبار مصر" التابع لإتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري.