مجهولون يمارسون بعض أعمال الزراعة ( تصوير: أحمد السبعي ) | الشرق 21-02-1434 10:52 PM أزد - عسير : لاتزال قضية المجهولين المتسللين عبر الحدود الجنوبية للمملكة تثير قلقاً أمنياً واسع النطاق، ليس فقط على مستوى الخطر الذي يمثلونه على الأمن، من جرائم وانحرافات تهدد المجتمع واستقراره، وإنما أيضاً على صعيد إحساسهم المتزايد بالأمن، وبأنهم بمعزل عن أيدي العدالة، الأمر الذي يجعلهم يبالغون في جرائمهم، بل ويعيشون حياة طبيعية وسط الأهالي، بعضهم يقوم بأعمال كالرعي والزراعة وأي عمل يدرُّ مالاً، وآخرون لا همَّ لهم سوى قطع الطرق ومداهمة المنازل وقتل الأبرياء، ناهيك عما ينشب بينهم من صراعات مسلحة تثير هلع الأهالي وتساؤلاتهم. «الشرق» تابعت القضية من أكثر من جانب، والتقت ممثلين للجهات الرسمية، وأهالي في عسير وفي محافظة بيش، كما التقت أحد المجهولين الذي كشف عن تفاصيل مثيرة، نحسبها كفيلة بأن تلفت أنظار الجهات الأمنية لما أصبح يشكله هؤلاء من أخطار تستحق تحركاً واسع النطاق. تحت الخطر وتشهد محافظة بيش انتشاراً كبيراً للمجهولين، وبخاصة من الأفارقة الذين أصبح عددهم يتزايد بين الفينة والأخرى، ويستوطنون عدداً من الأماكن البعيدة عن الطرقات والشوارع العامة. ويتخذ هؤلاء المجهولون من وادي بيش وكراً وملجأً لهم، يرتكبون فيه شتى أنواع الجرائم من قتل وسرقة وقطع للطرق وترويج للمخدرات التي أصبح الترويج لها أمراً يسيراً يقوم به هؤلاء المجهولون، وغيرها من الجرائم التي يحسنون التفنن في فعلها، ما جعلهم يشكلون مصدر قلق كبير لأهالي المحافظة والقرى التابعة لها. الأوكار إلى العلن ومؤخراً، طغى انتشار هذه الفئة على جميع أرجاء المحافظة، وتجاوزوا الأوكار إلى الأماكن العامة، وأصبحوا يتعايشون مع المجتمع في جميع الأعمال التي يمارسونها في أوساط المجتمع بيسر وسهولة. وقد أبدى عدد من أهالي المحافظة، ممن قابلتهم «الشرق» قلقهم وتخوفهم من انتشار هذه الفئة. حيث أشار المواطن محمد الحكمي إلى أن تزايد عددهم هذه الأيام بدا ظاهراً، وبخاصة في الأماكن العامة، فلم يعودوا يختفون في الأماكن المشبوهة في ظل شعورهم بالأمان وعدم الرقابة وأصبحوا يمارسون أعمالاً حرة كالسباكة والبناء ورعي المواشي، وغيرها من الأعمال التي تجعلهم يتعايشون مع المجتمع بشكل عام، والبعض منهم لا يعمل ولا يبحث عن العمل بل يتجول في الطرقات والمواقع العامة للقيام بالجرائم ونشر الرعب بين أوساط الناس دون خوف من أحد. وأضاف أن هؤلاء المجهولين أصبحوا لايخافون من التهديدات والدوريات الأمنية المنتشرة في المحافظة، موضحاً الدور الذي من جانبها تقوم به تلك الدوريات الأمنية المختصة بمتابعة لبعض هؤلاء المجهولين الذين أصبحوا يشكلون الخطر الأكبر على المواطنين والمقيمين. وأشار المواطن حمود حمد إلى أن هذه العمالة المجهولة تشكل خطراً على الفرد والمجتمع؛ لما تقوم به من أعمال فساد وتخريب، وساعدها المأوى الآمن على الانتشار، حيث يلجؤون إلى أماكن يصعب الوصول إليها من قبل الدوريات الأمنية المعززة بالعتاد والأفراد. لذا يتوجب على الأهالي التعاون مع جميع الجهات الأمنية للقضاء على هذه الفئة الخطيرة قبل انتشار جرائمهم في المجتمع. التدخل الأمني من جهته، بيَّن الناطق الإعلامي في شرطة جازان العقيد عوض القحطاني ل «الشرق» أن هناك جهوداً واضحة ومستمرة يقوم بها أفراد الأمن في شرطة محافظة بيش، وأن تلك الحملات الأمنية لم تتوقف إلى الآن. وأضاف أن تلك الحملات تواجه عدة معوقات عند مواجهة هؤلاء المجهولين، وبخاصة في «وادي بيش» بسبب العقوم الترابية وغابات الوادي، خاصة أشجار الموز التي أصبحت وكراً لهم يقومون بالاختفاء فيها. وأفاد بأن الشرطة تنفذ عدة مداهمات يكون أغلبها ليلاً بين تلك الأشجار والعقوم الترابية حتى لا يشاهدهم أحد من تلك الفئة ويلوذ بالفرار. وذكر أن هناك محاولات كبيرة قامت بها شرطة بيش في شهر محرم لمكافحة وضبط المجهولين في وادي بيش، حيث ألقي القبض على 1054 شخصاً من جنسيات إفريقية، وضبط 317 قارورة خمر مسكر، وألقي القبض على 31 شخصاً وهم في حالة سكر، وتم ضبط ستة أشخاص في حوزتهم إقامات مزورة وضبط 243 حبة مخدرة و195 مصنعاً للخمر المسكر، وقبض بحوزتهم على ثلاثة مسدسات مع أربع طلقات نارية، علماً بأن هؤلاء المجهولين جميعهم مخالفون لنظام الإقامة وأغلبهم دخل إلى الأراضي السعودية متسللاً. حملات مستمرة وتشهد منطقة عسير، من آن لآخر، ضبط عديد من مصانع الخمور والبحيرات الخمرية، حيث تمكَّن رجال الهيئة في منطقة عسير خلال العام الماضي وبداية العام الحالي من ضبط أكثر من مليوني طن من مادة العرق المسكر بالإضافة إلى الخمور المهربة وإتلافها. وكانت العصابات تقوم بتصنيع الخمور في المنازل التي تستأجرها، ولكن مع تضييق الخناق عليهم عن طريق مداهمات رجال الهيئة والجهات الأمنية وتطهير الأحياء، لجأوا إلى سفوح الجبال والسدود ومواقع جريان الصرف الصحي. وكشف الناطق الإعلامي في فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة عسير، الشيخ عوض الأسمري، عن استمرار جهود الهيئة بالتعاون مع جميع الأجهزة المعنية للقضاء على تلك العصابات عبر حملات مكثفة وخطط مدروسة. وأشار إلى تدمير عديد من مصانع الخمور والبرك المخمرة خلال الفترة الماضية. وقال ل «الشرق» لا تزال حملاتنا مستمرة على تلك العصابات حتى يتم تطهير المنطقة من شرورهم مهيباً بالمواطنين التعاون المستمر والإبلاغ عن كل مَنْ يحاول الترويج لمثل هذه الآفة أو يصنعها. 28 ألف متسلل من جانبه، أوضح الناطق الإعلامي في شرطة منطقة عسير المقدم عبدالله بن علي آل شعثان، أن الحملات الأمنية مستمرة للقبض على المتسللين ومخالفي نظام الإقامة. وقال إن الحملات تقوم على خطط يتم التنسيق لها وتنفذ بصفة يومية أو أسبوعية أو شهرية عن طريق حملات فجر الأمنية. وأكد أن هذه الحملات أسفرت عن ضبط أعداد كبيرة من المتسللين، حيث تم القبض خلال عام 1433ه على أكثر من 28 ألف مخالف، بينهم أكثر من 12 ألفاً من الأفارقة. وبيّن أن هؤلاء يتم التعامل معهم وفق الأنظمة والقوانين المعمول بها في المملكة، ومَنْ يتم القبض عليهم في قضية يتم التحقيق معهم وتقديمهم إلى المحاكمة. وقال آل شعثان إن شرطة عسير تقوم بواجبها من خلال مواصلة الحملات، مشدداً على ضرورة تعاون المواطنين بالتبليغ عنهم وعدم التستر عليهم أو إيوائهم أو نقلهم أو تقديم أي دعم لهم. وأوضح أن الحملات الأمنية المتتالية تقوم بأعمالها بتوجيهات من أمير منطقة عسير ومدير الأمن العام وبمتابعة من مدير شرطة منطقة عسير اللواء عبدالرحمن الأحمدي. من جهته، أوضح الناطق الإعلامي في هيئة الهلال الأحمر بمنطقة عسير أحمد إبراهيم عسيري أن فرق الهلال الأحمر باشرت في بداية هذا العام أربعة حوادث مرورية لمجهولين حاول مهرب تهريبهم على طرق منطقة عسير متعمداً الطرق الترابية والوعرة، مشيراً إلى أن فرق الهلال الأحمر فور تلقيها البلاغات تباشرها فوراً، وتنقل المصابين إلى المستشفيات لتقديم الرعاية الصحية الكاملة واللازمة لهم ثم تتسلم القضية الجهات المختصة. وقد حاولت «الشرق» كشف المزيد عن القضية من خلال قيادة حرس الحدود بمنطقة عسير، حيث تم الاتصال بالناطق الإعلامي بقيادة حرس الحدود بمنطقة عسير العقيد عبدالله الحمراني إلا أنه اعتذر بعدم وجوده في العمل حالياً. وكانت حوادث تهريب المجهولين قد طفت على السطح مع تزايد أعداد الحوادث المرورية التى يقترفها المهربون. حيث شهدت المنطقة منذ بداية العام أربعة حوادث في عدة مناطق حدودية لقي خلالها تسعة أشخاص من المجهولين حتفهم، وأصيب سبعة آخرون في حادث انقلاب سيارة حوض كانت تحاول تهريبهم كما أصيب 13 شخصاً في انقلاب سيارة بمركز الحرجة أثناء عملية تهريبهم، كما أصيب نحو عشرين شخصاً بعد انقلاب سيارة التهريب أسفل عقبة النماص أثناء عملية تهريبهم.