أفاد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد بأن العبادة بغير نية عناء، والنية بلا إخلاص رياء، والإخلاص من غير اتباع هباء، ورأس مال العبد نظره في حقوق ربه، ثم نظره هل أتى به على وجهها وكما ينبغي, وفعل الطاعات، وأداء العبادات، قد يكون سهلاً وميسورًا، مع ما قد يلاقي العبد من بعض المشقة في أدائها. وقال: الأهم من ذلك كله المحافظة على هذه الطاعات، والحرص على هذه العبادات، حتى لا تذهب هباء منثورًا، فترى العبد يصلي الصلوات الخمس مع المسلمين في مساجدهم، ويصوم، ويحج، ويعتمر ، ويزكي، ويصل الرحم، ويعمل أعمال الخير ، والبر ، ثم يستحوذ عليه الشيطان، فيوقعه في أعمال محبطة، وأمور مبطلة، فيذهب تعبه، ويخسر أخرته. وأضاف: محبطات الأعمال هي أشد ما ينبغي على المسلم الحذر منه، والتنبيه له، والإحباط هو إبطال الحسنات بالسيئات, ومن المحبطات ما يحبط جميع الأعمال من الكفر ، والردة، والنفاق الأكبر الاعتقادي، والتكذيب بالقدر ، وهذا هو الإحباط الكلي. ومنها إحباط جزئي لا يذهب بالإيمان، ولكن قد يبطل العبادة التي يقترن بها بسبب المعاصي والذنوب، كما ينقص الأجر والثواب، وقد يرقى إلى الإحباط الحقيقي نسأل الله العافية, وحاشاه عليه الصلاة والسلام أن يشرك، ولكنه التحذير العظيم والإنذار المخيف من الشرك والقرب منه، وقد قال الله في مقام آخر في سياق ذكر الأنبياء، وفيهم أولو العزم عليهم جميعًا صلوات الله وسلامه، وحاشاهم ثم حاشاهم، ولكنه الخوف العظيم من الشرك والاقتراب منه، ومن وسائله وذرائعه، وحفظُ جناب التوحيد، وإفرادُ الله وحده بالعبادة، وصرفُ جميع أنواع العبادة له وحده لا شريك له. وأردف في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم: إن من فضله ورحمته، أن الكافر إذا أسلم ومات على الإيمان، كفر الله عنه سيئاته، وكتب له حسناته التي عملها في جاهليته وكفره, وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه: "أسلمت على ما أسلفت من خير "لافتاً إلى أن الردة من المحبطات التكذيب بالقدر ، فقد يتهاون العبد في ذلك، فيستهزئ بالقدر ، أو يكذب به وهو لا يدري، وفي حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لو كان لك مثلُ أحد ذهبا، أو مثلُ جبل أحد ذهبا، تنفقه في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر كله". وقال "بن حميد": من محبطات الأعمال مشاقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومخالفة أمره، وأن من لطيف تقرير أهل العلم في ذلك أن هذا الأدب ينبغي أن يكون حين قراءة حديثه عليه الصلاة والسلام، وسماعه، فقد قالوا: إن كلامه المأثور بعد موته، مثلُ كلامه المسموع من لفظه". وأكد أن السخرية بالدين وأهله باب عظيم ينبغي للمسلم أن يحذر منه وبخاصة حينما لا يوافق الشرع هواه ورغباته، أو يقع في نفسه نفرة منه، فيخشى عليه حبوط عمله، ولهذا كان من الذكر الذي ينبغي أن يحرص عليه المسلم ويداوم عليه: "رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا" ثلاث مرات في الصباح وفي المساء. وبيّن أن المحبطات اتباع ما يسخط الله من المعاصي، وكراهية العمل بما يرضي الله ومن المحبطات: إتيان الكهان، والسحرة، والعرافين، والمنجمين، ففي الحديث الصحيح: "من أتى عرافًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" (من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) . وأشار إلى قول أهل العلم: سؤال الكهان يمنع قبول الصلاة أربعين ليلة، وتصديقهم بما يقولون يوقع في الكفر عياذا بالله" . وقال والذهاب إلى العرافين، والمنجمين، وتصديقهم، والعمل بما يقولون قدح في التوحيد، وإذا ذهب توحيد العبد فما الذي بقي، وقد دخل المشعوذون، والكهنة قنوات التواصل، وأدواتِه فلبسوا على الناس، وغرروا بهم، فالحذر الحذر . كما أن من المحبطات: التألي على الله : وهو استبعاد الخير عن أخيك المسلم، فمن تألى على الله فقد استبعد شموله رحمة الله، وعفوه لأخيه المسلم، استعظم ذنب أخيه وتقصيره، فكأنه تحجر رحمة الله وفضله، فعن جندب بن عبدالله البجلي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث أن رجلا قال: "والله لا يغفر الله لفلان، وأن الله تعالى قال: ومن ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان، فإني قد غفرت لفلان، وأحبطت عملك، أو كما قال: "ومعنى يتألى عليّ: أي يقسم علي .وما علم هذا المتألي أن الجميع تحت المشيئة الربانية، لا يُقْطَع لأحد بدخول جنة أو نار ، فالمسلم لا يجزم لأحد بأن الله قد سخط عليه، أو رضي عنه، فهذا من علم الله وحكمه، والكل تحت رحمته وعدله وفضله . وقال الشيخ "بن حميد" إن من رأى في نفسه صلاحًا واستقامة فليحذر أن يحتقر أحدًا من المقصرين المذنبين، أو أن ينظرَ لهم بعين الإزدراء، وينظرَ إلى نفسه بعين الرضا والإعجاب، فهذا مورد من موارد الهلاك عظيم، نسأل الله العافية. وعليك أيها الناصح لنفسه بكسب القلوب لا بتسجيل المواقف.. وحذر من تَطلُّب ثناء الناس، ومراءاتهم، جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أرأيتَ رجلاً غزا يلتمس الأجر ، والذكر ماله؟"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له، فأعادها ثلاث مرات فمن سَّمع، سَّمع الله به وقد ابتلى أهل هذا العصر بهذه الأدوات المعاصرة، فترى بعض الناس يذكر أعماله من خلالها، ويذكر ما قدمة لإخوانه من دعوات، وأعمال صالحات، والمطلوب الدعاء بظهر الغيب وتذكر هذا الوعيد في هذه الآية قال تعالى تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ).