توافدت جموع غفيرة من حجاج بيت الله الحرام منذ وقت مبكر إلى مسجد نمرة في مشعر عرفات اليوم لأداء صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً ؛ اقتداء بسنة النبي المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم والاستماع لخطبة عرفة . وامتلأت جنبات المسجد الذي تبلغ مساحته (110 ) آلاف متر مربع والساحات المحيطة به التي تبلغ مساحتها ثمانية آلاف متر مربع بضيوف الرحمن . وتقدم المصلين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية وسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ ، حيث ألقى فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ ، خطبة عرفة – قبل الصلاة – استهلها بحمد الله والثناء عليه على ما أفاء به من نعم ومنها الاجتماع العظيم على صعيد عرفات الطاهر . وأثنى فضيلته على الله سبحانه وتعالى على ما تفضل به على العباد بأنواع الأرزاق والدلالة على أفضل الأخلاق ، ، موصياً بتقوى الله والاستجابة لأوامره وتعليق القلوب به سبحانه محبة وخوفاً ورجاءً ، مؤكدا أن من اتقى الله أفلح وفاز في الدنيا والآخرة ، وأن من اتقاه هدي إلى الحق ، مستدلا بقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " وبقوله في كتابه الكريم " وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ " وبقوله عز شأنه " الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ " وبقوله جل وعلا عن إبراهيم عليه السلام " وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ " . وأشار فضيلته إلى أن من تقوى العبد لربه أن يوحد الله جل وعلا في عبادته وأن لا يصرف شيئاً من العبادة لغير الله ، كما قال الله سبحانه وتعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ " وقال " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ " وقال عز وجل " وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ " . وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ " جميع الأنبياء والرسل جاؤوا بالتوحيد وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل نوح ،وإبراهيم ،وموسى ،وعيسى ، وخاتم الأنبياء محمد – صلوات الله عليهم أجمعين – ، فكل الأنبياء يقولون لأقوامهم " يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ" " . وأشار فضيلته إلى أن الله جعل العاقبة الحميدة لأهل التوحيد واتباع الرسل ، وجعل العقوبة على من خالف طريقهم كما ورد ذلك في كتابه الكريم " وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ " . وأكد أن هذا هو التوحيد الخالص الذي دعا اليه الأنبياء بإفراد الله بالعبادة وهو معنى شهادة أن لا إله إلا الله ، كما قال الله جل شأنه " وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ" وقال جل وعلا " قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ" وقال عز وجل " وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ، وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ ، وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ، ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ " .