أشار فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي، الشيخ علي بن عبد الرحمن الحذيفي، في خطبة الجمعة أمس، إلى ضعف الإنسان بذاته، وعجزه عن تحقيق الخير لنفسه إلا بالله العلي القدير، قال الله تعالى "قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْكُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ". وقال، إنه إذا كان هذا في حق سيد البشر عليه الصلاة والسلام، فمن دونه من باب أولى أنه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، ومن رحمة الله تعالى للمكلفين، أن بين لهم في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، كل ما يصلحهم وما ينفعهم في الدنيا والآخرة، ويسر لهم أسباب السعادة، وحذرهم من أسباب الشقاوة والخسران، فقال تعالى "وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ"، وقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ". كما أورد فضيلته ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه في فضل الدعاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني، والله، لله أفرح بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في الفلاة، ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعاً ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً وإذا أقبل إلي يمشي أقبلت إليه أهرول"، رواه البخاري ومسلم. وأوضح الشيخ علي الحذيفي، أن الدعاء من أعظم ما يتقرب به العبد إلى ربه عز وجل مستشهداً بقول الله سبحانه في كتابه الحكيم "وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرينَ" مبينا أن هذه الآية الكريمة تتضمن دعاء العبادة ودعاء المسألة، لافتا إلى أن دعاء العبادة هي كل عبادة أمر الله بها وجوبا أو استحبابا، وأن المسلم إذا أدى أي عبادة فرضا أو نفلا فقد توسل بهذه العبادة إلى الله عز وجل، أن يثيبه عليها ويدخله جنته ويعيذه من عذابه، وأن يصلح بها حاله ومآله، فكل عبادة مفروضة أو مستحبة يطلب بها المسلم ما عند الله من الخيرات، ويطلب بها من الله صرف الشرور والمكروهات. وقال، وأما دعاء المسألة فهو الطلب من الله تعالى قضاء الحاجات التي يعيّنها العبد، كالشفاء من المرض وطلب الرزق ورفع الكربة وقضاء الدين ومطالب الآخرة، كدخول الجنة والنجاة من عذاب النار والثبات عند السؤال في القبر والاستعاذة من أنواع الشرور. مبينا أن كلا الدعاءين دعاء العبادة ودعاء المسألة، حقّ خالص لله تعالى، لا يكون إلا لرب العالمين جل وعلا، فلا يكون لملك مقرب، ولا لنبي مرسل,، ولا لأي مخلوق، فمن صرف الدعاء لغير الله فهو مشرك بالله عز وجل، قد حرم الله عليه الجنة وخلده في النار إلاَ أن يموت على توبة، قال الله تعالى "لَقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَابَنِيَ إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ إِنّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنّةَ وَمَأْوَاهُ النّارُ وَمَا لِلظّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ"، وقوله تعالى "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا". واستدل فضيلته بالحديث الذي رواه النعمان ابن بشير رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "الدعاء هو العبادة" رواه أبو داوود والترمذي، وبحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "الدعاء مخ العبادة" رواه الترمذي.