: سقطت محافظة صعدة في أيدي الحوثيين بالكامل في مارس من العام الماضي في الوقت الذي كان فيه نظام الرئيس السابق علي صالح يترنح جراء الثورة الشعبية ضده، لتكون بذلك صعدة أول المحافظات التي سقطت بيد الثوار حسب إعلان مناهضي صالح حينها، وهم أحزاب اللقاء المشترك والحوثيين الذين كانوا في جبهة واحدة يعملون من أجل إسقاط صالح ونظامه. وقام الحوثيون وقبائل صعدة بالتعاون مع المشترك بطرد محافظ صعدة طه هاجر، ليتسلم الحوثيون ومشايخ المحافظة مقاليد الأمور فيها، وبدأوا في إدارتها اعتبارا من 24 مارس 2011 م ليختار الحوثيون تاجر السلاح الشهير فارس مناع محافظا لصعدة، ولازال حتى اليوم يسيّر أمور المحافظة بتنسيق كامل مع الحوثيين الذين أصبحوا الحكام الفعليين للمحافظة خارج سيطرة الحكومة والدولة التي لا توجد في صعدة الا بألوية عسكرية تتبع اللواء علي محسن الأحمر تتمركز في جبال المحافظة ولا تستطيع فعل شيء لأنها محاصرة بقوات الحوثي وأنصارهم الموجودين في كل مناطق صعدة إلى مشارف العاصمة صنعاء مرورا بسفيان وعمران وصنعاء المحافظة وبني حشيش. وغادر صعدة إبان سقوطها بيد الحوثيين كل المشائخ الكبار الذين قاتلوا مع الجيش ضد الحوثيين، ليقوم الحوثيون باحتلال بيوتهم ومزارعهم وأملاكهم والتعامل معها كغنيمة حرب وليست ملكا لأناس هم من سكان هذه البلاد ولدوا هم وآباؤهم وأجدادهم على ترابها. في بداية تسلم الحوثيين لإدارة مقاليد حكم محافظة صعدة، عمل المشترك بكل أحزابه مع الحوثيين وهللوا لسقوط صعدة باعتبارها أولى ثمار الثورة الشعبية غير أن الحوثيين سرعان ما انقلبوا على المشترك ليتحول المشترك وخصوصا أكبر أحزابه «التجمع اليمني للإصلاح « هدفا لاستفزازات الحوثيين إلى درجة وصلت أن يحظر الحوثيون على الإصلاح العملَ السياسي في المحافظة في تجاوز سافر لكل النصوص القانونية التي تسيّر العملَ السياسي في البلاد، ومؤخرا اقتحم الحوثيون منازل قادة الإصلاح وعبثوا فيها بحجة تفتيشها. دولة حزب الله في شمال اليمن أسس الحوثيون دولتهم في صعدة ونشروا نقاطهم الأمنية وأنهوا مهمة الأمن والجيش ليصبحوا هم الأمن والجيش والسلطة المحلية والقضاء وكل ماله علاقة بأدوات الحكم والإدارة.. عينوا أنفسهم مسؤولين في المحافظة وأقصوا غيرهم ونصبوا أنفسهم سادة القوم يأمرون وينهون ويحرمون كل مايخالف توجهاتهم المذهبية والعقائدية. يقول أحد قادة حزب الإصلاح في صعدة الذي رفض الإفصاح عن هويته خشية بطش الحوثيين ل «الشرق»: إن أتباع الحوثي يديرون المحافظة وكأنهم جهاز مخابرات وليس دولة، يتجسسون على كل من يدخل ويخرج ولا أحد يستطيع أن يرفض لهم طلبا، والدولة غائبة والجيش والأمن يتفرجان عليهم وهم يعتقلون ويسجنون كيفما شاؤوا. ويضيف القيادي الإصلاحي أن صعدة تحولت إلى دولة داخل الدولة وهي شبيهة بحزب الله في لبنان، حيث الحوثيون يقلدون حزب الله في كل شيء حتى في الاسم أطلقوا على أنفسهم اسم «أنصار الله»، وأن زعيم الحوثيين في خطاباته يقلد نصر الله حتى في إشارات يده، ويضع الزجاج الواقي للرصاص أمامه على المنصة ويتخفى دون أن يخرج للناس وكأنه ملاحق من الموساد والمخابرات الأمريكية كما يتوهم أتباعه. الوثيقة العنصرية للحوثيين مؤخرا أعلن الحوثيون عن وثيقة فكرية أطلقت عليها الجماعة الوثيقة الفكرية والثقافية للجماعة ووقعها زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي وترى «الوثيقة الفكرية والثقافية» للجماعة أن الله اصطفى الجماعة على بقية الخلق تحت بند «الاصطفاء». وتُلغي الوثيقة حق الجماعات الأخرى أياً كانت، وتذكر الوثيقة أن نهج الهداية والأمان من الضلال محصور -إلى جانب القرآن- في أهل بيت الحوثي دون سواهم، لأنهم حجج الله في أرضه، وقرناء كتابه!! وتضيف أن أي اجتهاد أو تجديد لا يتفق مع آرائهم وفكرهم أو يخالف أهل بيتهم فهو مرفوض، بل هو مفسد للدين، لأنه يعتبر خلافاً لمن أمر الله بطاعتهم..». وتنص الوثيقة على: أن الله اصطفى أهل بيت الحوثي على المسلمين، كما اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، وجعلهم هداة الأمة وورثة الكتاب. و تؤكد الوثيقة: «إنما يقع من النقد للعلماء فإنه لا يقصد به علماء أهل البيت وشيعتهم وعلومهم». وأثارت وثيقة الحوثيين ردود فعل كثيرة من بينها موقف الباحث الأكاديمي شادي خصروف الذي اعتبر أن الإنسان اليمني صاحب الأرض تحول في وثيقة الحوثيين (العفنة) إلى هندي أحمر جديد لا يملك إلا أن يكون تابعا لجنون الرغبة السلطوية لدى الأئمة الذين تسلطوا على رقاب اليمنيين الذين فتحوا لهم أرضهم وقلوبهم، ولدى أحفادهم إلى يوم القيامة. ويضيف خصروف أن الحوثيين في صعدة وفي هذا الإقليم الذي تحكموا بشعبه ولم يراع الله فيه.. لا يريدون إلا اسم «السيد»، والسيد لا يقابله إلا العبد والتابع طبعا، وحاشى أن يكون اليمني كذلك مجددا. ويقول أحد أبناء محافظة صعدة : إن الحوثيين أغلقوا محلات بيع الأغاني بالقوة وفرضوا أناشيدهم وأناشيد حزب الله وأناشيد إيرانية ومحاضرات علمائهم بديلا عن كل المحاضرات التي كانت تباع في الأسواق، وحتى في الأعراس لايستطيع أحد أن يفرح بعرسه بحرية دون تدخل الحوثيين الذين يفرضون طقوس العرس على توجهاتهم. كما أن طلاب وشيوخ السنة في صعدة نالهم نصيب وافر من بطش الحوثيين وتسلطهم فهم لايستطيعون التحرك بحرية وتدريسهم لطلابهم يتم فقط في منطقة دماج التي يحاصرها الحوثيون منذ فترة طويلة من أجل طرد طلاب دار الحديث منها كما يشن الحوثيون بين الحين والآخر هجمات على السلفيين. بدوره قال القيادي في تحالف قبائل النصرة التي تدافع عن السلفيين وطلاب دار الحديث بدماج مطلق دبوان ل «الشرق»: إن الحوثيين يحاولون زرع الفتنة وإشعال الحروب من خلال استفزاز الناس وإهانة القبائل واحتلال بيوتهم وطردهم من مزارعهم مضيفا أن القبائل اليمنية تداعت إلى منطقة كتاف بصعدة لقطع الطريق على الحوثيين الذين يحاولون اقتحام دماج وطرد السلفيين منها. وأكد أن عددا كبيرا من قبائل اليمن ينتشرون في جبال كتاف للوقوف ضد الحوثيين ولن يغادروا الجبال حتى يسلّم الحوثيون سلاحَهم الثقيلَ والمتوسط للدولة وتقوم الدولة ببسط سيطرتها على كل محافظة صعدة وإنهاء دولة الحوثيين فيها. وحذر دبوان الحوثيين من الاستمرار في إهانة المواطنين في صعدة، وقال إن طريقة تعامل الحوثيين مع الناس وصلت إلى حد لايطاق والجيش والأمن يتفرج على انتهاكات الحوثيين ولايحرك ساكنا. وقال دبوان إن الحوثيين أقدموا على اقتحام مراكز العلم في سفيان وأحرقوا كتب السنة ونهبوا ممتلكات الطلاب إضافة إلى أنهم قاموا باقتحام منازل قادة الإصلاح في صعدة وهذا يعد استهتارا بكل القوى السياسية التي وقفت مع الحوثيين في بداية إسقاط صعدة ليقوم الحوثيون اليوم بالانقلاب عليهم بعد أن زعموا أن الله اصطفاهم وباقي الشيعة مثلما اصطفى بني إسرائيل على حد زعمهم كما نقلت ذلك صحيفة الشرق .