بلا رعاة رسميين ولا عربات نقل فضائي تصور، اختار القرّاء الذين تجاوزوا الألف، النزول قبالة البحر والقراءة في الهواء الطلق متوحدين فقط مع كتبهم، احتفالا بفعل القراءة وباليوم العالمي للكتاب (23 أبريل). إنه مهرجان اقرأ كتابك الذي نظمه نادي اقرأ كتابك على كورنيش القطيف بالتعاون مع مكتبتي الدماموالقطيف العامتين، عصر يوم الجمعة. المهرجان القرائي افتتحه القراء بداية باختيار كتبهم من طاولة طويلة وضعت عليها كتب فكرية وثقافية وأدبية حديثة وزعت مجانا على الحضور الذي اختار ما يناسبه من كتب كان العديد من الكتاب فضّل أن يهديها لجمهور المهرجان الذي توجه جماعيا إلى الجلوس والقراءة بصمت لمدة ربع ساعة، في طقسٍ قرائي بديع، جلست فيه الأب والأم بجوار أطفالهما والشباب والمسنون بجانب بعض، وهم يقرأون بهدوء تام في تلك "العصرية" التي ساهم صفاء الأجواء البحرية بأن يهب الفقرة الأولى من المهرجان دفعة قوية لانطلاق بحماس من أمام مشهد البحر والسفن الخشبية ذات الطراز الخليجي. المهرجان شمل عدة أركان لكن اللافت فيها كان تخصيص ركن للمكفوفين، جاؤوا بكتبهم التي كتبت بطريقة "بريل" لقراءة المكفوفين، عندما جلس معلم الكفيفين أحمد العلوان وهو يضع على عينيه نظارة سوداء ليقرأ نصا من كتاب (الأيام) لعميد الأدب العربي طه حسين، ذي النظارة السوداء أيضا، في مشهدٍ شدّ الحضور للإصغاء إليه بينما قرأ واحد من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة قصيدة شعرية وهو الطالب الموهوب والمتفوق دراسيا أحمد الرميح. الشعراء لم يغيبوا عن المهرجان، حيث شهد مهرجان اقرأ كتابك في عامه الثاني عدة قراءات شعرية لأنيس الجشي ومحمد الحمادي وعلي الناصر، إلى جوار بعض الأركان التي توزعت ومنها ركن (أنا أفكر إذن أنا موجود) للأطفال بإدارة غسان الشيوخ وركن (اقرأ والعب للأطفال) بإدارة منير الشيخ وركن (معارف مقروءة) بإدارة محمود الدبيس وهو ركن مهتم بنشر المعرفة القرائية من خلال شبكات التواصل الحديثة. إلى جانب أركان (القصة) و(كيف تنشر كتابك) وغيرها. من جهته عبر مدير اللجنة المنظمة وصاحب فكرة المهرجان الكاتب حسن حمادة، عن سعادته بنجاح النسخة الثانية من المهرجان الذي يتزامن مع اليوم العالمي للكتاب، مشيرا إلى أن ما يميز المهرجان هذا العام هو إضافة ركن للمكفوفين وركن آخر للأطفال وتوزيع أكثر من ألفي كتاب مجانا، شمل أعمال شعرية ونقدية ومسرحية لأدباء من المملكة إلى جانب كتب عربية ومترجمات أجنبية. أما عن فكرة إقامة المهرجان أشار حمادة إلى أن فكرة القراءة في الأماكن العامة تبلورت في رأسه قبل أكثر من عشر سنوات. مضيفا: أشرت إليها في كتابي "العلاج بالقراءة"، بعد أن قرأت عن نزول وزير الثقافة الفرنسي عام 1993م للمتنزهات والحدائق العامة لتشجيع القراءة، وقلت: ينبغي أن تكون لنا أنشطة مثل هذه وأكثر ولأنني كتبت الكثير من الأفكار حول تشجيع عادة القراءة وكان أولها كتاب (أمة اقرأ... لا تقرأ!) فقد رأيت من الواجب على أمثالي البدء في الخطوات العملية، وبدأت مع من اشترك معي إلى أن أطلقنا نادي (اقرأ كتابك) التطوعي بالتعاون مع المكتبة العامة في الدماموالقطيف، وهكذا نجحت التجربة التي أتمنى أن تنتشر في بقية مدن المملكة.