مع اقتراب القوات المشتركة، التي تضم الجيش الوطني اليمني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف، من تخوم العاصمة صنعاء، التي أصبحت على بعد عشرات الكيلومترات منها، توقعت مصادر متابعة للشأن اليمني انحياز مشايخ وأعيان القبائل المحيطة بالعاصمة إلى قوات الشرعية والقتال إلى جانبها، فيما تواصل ميليشيات الحوثيين المتمردين حفر الخنادق في الجبال المحيطة بصنعاء ونشر أسلحة ثقيلة لتطويقها ووضع سكانها رهينة تحت نيران قذائفها أسوة بما تفعله في محافظة تعز. وذكر شهود عيان أن الانقلابيين من الحوثيين وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح واصلوا للأسبوع الثاني على التوالي حفر الخنادق والمتاريس على الجبال المحيطة بصنعاء، مثل جبل نقم وجبل عطان. وقال سكان ل«الشرق الأوسط» إنهم شاهدوا تحركات للحوثيين في محيط جبل نقم الذي يطل على صنعاء من الشرق، وسمعوا انفجارات في وقت مبكر من صباح أمس، حيث يعتقد أن الانقلابيين يسعون إلى حفر خنادق ومتاريس ونشر دبابات ومدافع بمحيط الجبل الاستراتجي. فيما شاهد السكان معدات ثقيلة لشق الطرقات برفقة عشرات المسلحين الذين كانوا يقومون بإعادة فتح الطرق المحيطة بالجبل والتي دمرتها قوات التحالف في غارات جوية سابقة. وتحيط بجبل نقم من الجهة المطلة على صنعاء معسكرات للجيش تحت سيطرة الميليشيات من أهمها معسكر الحفا الذي يضم أكبر مخازن للسلاح الثقيل، كما يضم الجبل عشرات الأنفاق والمخازن الضخمة التي تم تحويلها لمخازن سلاح طيلة فترة حكم صالح. وبحسب مراقبين فإن التحركات الأخيرة للانقلابيين تهدف إلى تقوية خط الحماية على صنعاء، في حال وصول قوات الجيش الوطني والمقاومة، إضافة إلى الحصول على العتاد العسكري والذخائر لتعزيز جبهات القتال بعد نفاد الأسلحة من قواتهم التي انكسرت في تعز وباب المندب ومأرب. وكانت «الشرق الأوسط» نشرت قبل أيام عن إجراء الانقلابيين مناورات بالأسلحة الثقيلة في الضواحي الغربية لصنعاء، استخدموا فيها الدبابات والمدافع الثقيلة، كما نشروا مدرعات ومنصات صواريخ في منطقة وادي حضور في مديرية بنى مطر، بعد أن نجحوا في إخفاء عشرات الدبابات والمدرعات التابعة لمعسكرات ما كان يعرف بالحرس الجمهوري، وقاموا بتوزيعها في عدة مناطق من مديرية بني مطر التي تدين في غالبيتها بالولاء للرئيس السابق. في غضون ذلك، توقع مراقبون ألا تكون «معركة صنعاء» صعبة في حال واصلت قوات الجيش والمقاومة طريقها لتحريرها. ويؤكد متابعون للتطورات المحلية أن الكثير من المناطق القبلية المحيطة بالعاصمة صنعاء لا تدين بالولاء في غالبيتها للحوثيين وصالح، حيث تبدو الخريطة القبلية لصالح قوات الشرعية التي لا يزال بيدها كثير من الأوراق يمكن استخدمها لتعجيل الانتصار بأقل الخسائر. وأوضحت مصادر قبلية أن زعماء قبليين وأعيانا من قبيلة خولان توجهوا مؤخرا إلى مأرب وأكدوا وقوفهم إلى جانب قوات التحالف والشرعية. كما أن قبائل حاشد تقف منذ بداية المعارك مع الشرعية، وهي أكثر القبائل التي يشارك أبناؤها إلى جانب قوات الشرعية في مأرب، بعد أن دمر الانقلابيون معاقلها في محافظة عمران، واستباحوا منازل ودماء قيادات قبلية وعسكرية في 2014. كم تضم الخريطة قبيلة نهم شمال شرقي صنعاء، والتي تعتبر بوابة دخول صنعاء، ويمر فيها الخط البري الواصل بين مأربوصنعاء. وهناك زعماء قبليون منها أعلنوا انضمامهم إلى الشرعية. كما أن قبيلة أرحب في شمال صنعاء تنتظر دورها لمحاربة الحوثيين، وهي القبيلة التي تعد كبرى القبائل في قبيلة «بكيل» المشهورة، وفيها مخزون بشري يمكن الاستفادة منه في معركة صنعاء. وتشير مصادر محلية إلى أن عددا من زعماء القبائل الأخرى لن يقفوا مع الحوثيين وصالح في حال واصلت قوات الشرعية التقدم إلى صنعاء. أما قبائل همدان وبني مطر، وأغلبها تدين بالولاء الكبير لصالح، فيمكن تحييدها بسهولة، خاصة أن تأثير الحوثيين وصالح عليها كان يرتكز على إغرائها بالمال. وتشير المصادر إلى أن هناك قيادات عسكرية كبيرة تقف إلى جوار قوات التحالف، وهي قادرة على التأثير على مشايخ القبائل والقيادات العسكرية الموجودة في صنعاء، ويأتي على رأسهم الجنرال المخضرم علي محسن الأحمر الذي يملك الأدوات الخاصة بالتواصل مع معظم القيادات القبلية والعسكرية باعتباره أكثر المسؤولين الذين كانوا يمسكون بمقاليد الجيش والحكم طيلة حكم صالح.