أكدت مصادر عسكرية أمس أن قوات الجيش الوطني اليمني أحرزت تقدمًا أمس في محافظة مأرب الاستراتيجية الواقعة وسط البلاد، حيث تتابع منذ عدة أيام حملة واسعة ضد المتمردين الحوثيين وأتباع الرئيس المخلوع عبد الله صالح، بدعم من قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية. وتهدف هذه الحملة إلى هزيمة المتمردين في مأرب الواقعة شرق صنعاء وصولا إلى إخراجهم من العاصمة. وأكد محافظ مأرب سلطان عرادة ل«الشرق الأوسط» أن طيران التحالف دمر ترسانة أسلحة ومنصات صواريخ استخدمها الانقلابيون والموالون لصالح. وأشار إلى تحديد عدد من المواقع التي يتمركز فيها مقاتلو جماعة «أنصار الله» الحوثية وقوة الحرس الجمهوري التابعة لصالح، وبدء استهدافها عبر الطائرات، مؤكدا أن ذلك أسهم في ضعف معنويات الميليشيات وخسارتها عددا من المراكز الاستراتيجية. وبدأت قوات خليجية وأخرى من الجيش اليمني التقدم للصفوف الأمامية في معركة مأرب ضد ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح، ودخلت قوة برية من السعودية والإمارات وقطر على الخط البري، لمساندة مسلحي اللجان الشعبة وقوات الشرعية على جبهات القتال والمضي في تحرير مأرب. وأفادت مصادر عسكرية بأن قوات الجيش الوطني تمكنت أمس من السيطرة على تلتين استراتيجيتين بالقرب من منطقة سرواح التي تعد معقلا للمتمردين. وصرح النقيب زيد القيسي العامل ضمن اللواء 14 في الجيش اليمني: «لقد أخرجنا الحوثيين من هاتين التلتين ودخلنا منطقة الزور». وأضاف أن «قوات برية تابعة للتحالف، لا سيما للإمارات والسعودية، تشارك في العملية». وبحسب القيسي فإن القوات البرية للتحالف «تقوم بعمليات نزع الألغام وتمهيد الطريق لقواتنا التي تستمر بالتقدم نحو سرواح». كذلك، ذكرت مصادر عسكرية أن المواجهات تستمر على الجبهة الجنوبية الغربية لمدينة مأرب، عاصمة المحافظة، بين قوات الجيش الوطني والمتمردين الذين لا يزالون يسيطرون على مواقع قرب سد مأرب. وإلى الجنوب من مأرب، شن طيران التحالف صباح أمس تسع غارات على مواقع المتمردين في محافظة شبوة، بحسب المصادر العسكرية. وطالبت الرئاسة اليمنية، في الآونة الأخيرة، من المتمردين الحوثيين بالاعتراف بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي ينص على انسحابهم من الأراضي التي سيطروا عليها مقابل المشاركة في محادثات سلام أعلنت عنها الأممالمتحدة. وقالت الحكومة اليمنية إنها لن تحضر بعد الآن لمحادثات السلام التي تتوسط فيها الأممالمتحدة مع الحوثيين. وجاء ذلك بعد اجتماع الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه خالد بحاح، وشددت الرئاسة على ضرورة تنفيذ القرار الدولي دون قيد أو شرط. واعتبر مستشار في الرئاسة اليمنية أن «الوضع في البلاد لم يعد يحتمل، ومقدرات البلاد تنفد، والدماء تسفك من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الذين لم يعد يهمهم من الأمر شيئا». وشدد على أنه لا لقاء مع الميليشيات قبل خروجها من المناطق التي تسيطر عليها وتسليم سلاح الدولة وتمكينها من ممارسة مهامها الدستورية. من جانبه، أكد ستيفان دوغريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يكثف جهوده لجلب أطراف الأزمة اليمنية للجلوس على مائدة الحوار. وكرر دوغريك موقف الأممالمتحدة إنه لا يوجد حل عسكري للازمة، مشيرًا إلى ضرورة المشاركة في المفاوضات بحسن نية بهدف التوصل إلى عملية سياسية لتحقيق السلام. وأوضح مصدر دبلوماسي أن رد الحكومة اليمنية على الأممالمتحدة لا يزال ثابتا حول المطالبة بتطبيق قرار مجلس الأمن 2216 الذي يطالب المتمردين بتسليم أسلحتهم والانسحاب من المدن التي احتلوها. وأوضح المصدر الدبلوماسي أن الحكومة اليمنية طالبت المبعوث الأممي بضمانات «حقيقية» من الأطراف الدولية المعنية باليمن تؤكد التزام الحوثيين بتنفيذ القرار 2216 قبل الإقدام على أية خطوات تمهيدية لمفاوضات مباشرة. وأضاف المسؤول بالأممالمتحدة أن الحكومة اليمنية طالبت الأممالمتحدة بالبحث عن آلية لتنفيذ بنود القرار 2216 باعتباره الحل لإيقاف الحرب وإلقاء الأسلحة والإفراج عن المعتقلين وتحرير المدن المحتلة من قبل ميليشيات الحوثي. وأكدت الحكومة اليمنية قدرتها على حفظ الأمن وإعادة الاستقرار في المحافظات التي سينسحب منها ميليشيا الحوثي والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح. في سياق متصل، أبدت لجنة حقوق الإنسان العربية أمس، أسفها للانتهاكات الجسيمة التي بدرت من الميليشيات الانقلابية، ووقف وفد من اللجنة ميدانيا في اليمن أمام كثير من القضايا المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان، خصوصا في مدينة عدن، والمآسي الإنسانية والبنيوية التي رافقت الأعمال الحربية بسبب القنص والقتل للمواطنين والتدمير للعمارات والأبنية والمنازل السكنية والمنشآت الخاصة والعامة وغيرها. وعبرت اللجنة الحقوقية عن استيائها لوقوع انتهاكات جسيمة لأحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان، وتبين من خلال الجولات الميدانية للجنة واللقاءات التي أجرتها خلال زيارتها وشهود العيان الذين التقتهم أنها ارتكبت من جانب قوات التمرد «الحوثي وحلفائهم» ضد المدنيين أثناء حصارهم ومن ثم سيطرتهم على مدينة عدن. وأوضحت اللجنة في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن هذه الهجمات والقصف العشوائي للمناطق المأهولة بالسكان المدنيين في أحياء مدينة عدن، علاوة على عدم التمييز بين المدنيين والمحاربين، قد أدّى إلى قتل وجرح وتشريد الآلاف من المدنيين وتدمير البنية الأساسية المدنية في انتهاك جسيم لقوانين الحرب، «وستعمل اللجنة على توثيق هذه الانتهاكات حتى لا يفلت مرتكبوها والمخططون لها من طائلة الملاحقة لارتكاب جرائم حرب والإفلات من العقاب، والبعثة قلقة جدًا للممارسات اللإنسانية لهذه الميليشيات ومخالفتها للقانون الدولي والإنساني والتي شملت التعذيب الإعدام خارج القانون والاعتقال التعسفي وكثيرا من حالات الاختفاء القسري والتجنيد الإجباري للأطفال ضمن هذه الميليشيات وأعمال التخريب والسلب والتهجير القسري للمدنيين وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها في المناطق المحاصرة». وعبرت اللجنة عن قلقها إزاء من تفاقم الوضع المعيشي الصعب في مدينة عدن جراء توقف الخدمات العامة وتدمير البنية التحتية لها، وبخاصة في الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والصرف الصحي وانتشار الأوبئة كحمى الضنك، وأكدت على أهمية سرعة العمل لإعادة الخدمات العامة للمواطنين وبناء المؤسسات واحترام سيادة القانون وحقوق الإنسان. كما أشادت بالجهود المبذولة في سبيل إعادة التيار الكهربائي وإمدادات المياه، وتشغيل المستشفيات العامة وإعادة العملية التعليمية بعد توقفها وتشيد بجهود العون والإغاثة المكثفة من الدول المشاركة في التحالف المساند للحكومة اليمنية لعود الحياة إلى طبيعتها في مدينة عدن ولاحقا في كل المدن التي شملتها الحرب.