عاد التصعيد، مرة أخرى، إلى جبهة القتال في مديرية لودر بمحافظة أبين (المنطقة الوسطى)، وذلك بعد أن أثمرت هجمات المقاومة الشعبية الجنوبية والقوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، التي قامت بها خلال اليومين الماضيين، عن بسط سيطرتها على مناطق واسعة من المديرية بعد قتال عنيف مع الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، في تلك المنطقة الاستراتيجية المهمة، التي يقع فيها طريق إمدادات قوات المتمردين. وحتى وقت متأخر من مساء أمس كانت الاشتباكات تدور بشكل عنيف في «جبل يسوف» و«جبل - عقبة ثرة». وقال مصدر محلي في لودر، ل«الشرق الأوسط»، إن عددا كبيرا من القتلى والجرحى سقطوا في صفوف الحوثيين، في تلك المواجهات، وإن قبائل المنطقة بدأت في التجمع والانضمام إلى صفوف المقاومة، مؤكدا أن التحاق القبائل بالقتال سوف يشكل عامل مساعدا للحسم لصالح القوات الموالية لهادي والمقاومة. وأكدت مصادر «الشرق الأوسط» أن أجزاء من مدينة لودر وقراها والجبال المحيطة بها باتت تحت سيطرة المقاومة، وأن المدينة سوف تكون تحت سيطرتها، بشكل كامل، في غضون الساعات القليلة المقبلة. وتحدثت المصادر عن جبهة قتال عنيفة تجري في «عقبة ثرة»، وهي طريق ومرتفع جبلي استراتيجي، تستخدمه الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع صالح لنقل تعزيزات العسكرية واللوجيستية من صنعاء عبر محافظة البيضاء إلى محافظة أبين ثم إلى عدن. وقالت المصادر إن اشتباكات عنيفة تجري في تلك المنطقة، حيث تسعى المقاومة والقوات الموالية لهادي إلى السيطرة على المنطقة وقطع طرق الإمدادات للمتمردين. وبنظر المراقبين، في المنطقة، فإن سقوط ذلك الطريق الاستراتيجي سوف يمثل «نصرا كبيرا» وقطعا كاملا لكل أنواع الإمدادات التي ظلت تغذي الحوثيين في عدن طوال الأشهر الماضية. وكانت قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، كثفت، خلال الأيام القليلة الماضية، ضرباتها الجوية على مواقع الحوثيين وقوات صالح في محافظة البيضاء التي يمر بها ذلك الطريق. في هذه الأثناء، شن طيران التحالف سلسلة غارات جوية على عدد من مواقع الميليشيات وقوات صالح في محافظة أبين. كما شن الطيران غارات أخرى على «قاعدة العند» العسكرية الاستراتيجية في محافظة لحج بجنوب اليمن. وجاءت هذه الغارات، فيما تقدمت المقاومة الشعبية نحو مواقع جديدة كانت في قبضة المتمردين بمدينة لحج في جنوب البلاد. وذكرت مصادر محلية أن المقاومة تقدمت نحو منطقة المحلة والجلاجل التي تبعد عن مدينة الحوطة عاصمة المحافظة نحو أربعة كيلومترات. ولا تزال القوات الموالية لشرعية الرئيس هادي والمقاومة الشعبية تواصل محاصرة قاعدة العند في ظل استمرار المعارك مع الحوثيين وقوات صالح في محيطها. وقالت القوات الموالية لهادي إنها لن تقتحم القاعدة، في الوقت الراهن، بسبب وجود مئات المعتقلين بداخلها. وأكدت مصادر حقوقية في عدن أن الحوثيين يحتجزون ما لا يقل عن 1500 معتقل من محافظاتعدن، ولحج، وأبين، والضالع، في القاعدة العسكرية. وفيما أرجئ الحسم العسكري في العند، تواصل المقاومة عملياتها العسكرية في باقي المناطق بمحافظة لحج. وفي العاصمة صنعاء، عاد شبح التفجيرات، مرة أخرى، إذ استهدف انفجار بسيارة مفخخة، عصر أمس، مسجد «الفيض الحاتمي» في منطقة نقم، بشرق العاصمة صنعاء. وأسفر الانفجار عن مقتل 5 أشخاص، على الأقل، وإصابة آخرين. وقال سكان في الحي ل«الشرق الأوسط» إن القتلى هم رجل وامرأة وثلاث فتيات، والمسجد المستهدف يضم مدرسة تعليمية، وهو أحد المساجد التي يرتادها أتباع طائفة البهرة وهم شيعة فاطميون من أتباع المذهب الإسماعيلي المعروفين في اليمن بالمكارمة، ويتوزع أتباع هذه الطائفة بين اليمن والهند. ونقلت وكالات الأنباء عن «مسؤول» في تنظيم داعش الإرهابي تبنيه للاعتداء. وهذا الانفجار هو واحد من سلسلة انفجارات مماثلة استهدفت، في الشهرين الأخيرين، مساجد في صنعاء أغلبها لجماعة الحوثي الشيعية، وراح ضحية تلك التفجيرات العشرات من القتلى والجرحى، في الوقت الذي لم يثبت فيه تورط أي جهة في هذه الحوادث. وقد تبنى تنظيم داعش التفجيرات التي وقعت خلال الفترة الماضية. ودعا مصدر أمني في صنعاء «المواطنين إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية والإبلاغ عن أي أعمال خارجة عن النظام والقانون تقوم بها أي عناصر إرهابية في محاولة يائسة لإحداث الفوضى وزعزعة الأمن والاستقرار في العاصمة صنعاء»، حسب قوله. و«طائفة البهرة» التي جرى استهداف مسجدها، أمس، ينتشر أتباعها في بعض المناطق اليمنية الجبلية، ومنها العاصمة صنعاء، وأغلب من ينتمون لهذه الطائفة، من القاطنين في اليمن، يحملون الجنسية الهندية ولديهم مراكز تعليمية ومزارات وبالتحديد في منطقة حراز، بمحافظة صنعاء. وجاء هذا التفجير الجديد رغم الإجراءات الأمنية الاستثنائية التي تفرضها سلطات الأمن الموالية للحوثيين في العاصمة صنعاء التي تخضع لسيطرة الحوثيين منذ سبتمبر (أيلول) المنصرم وحتى اللحظة. من ناحية ثانية، لقي ما لا يقل عن عشرين مسلحا مصرعهم في مواجهات ضارية تدور في محافظة مأرب النفطية في شرق البلاد، بين القوات الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي من جهة، والمسلحين الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح، من جهة أخرى. وذكرت مصادر قبلية في مأرب، ل«الشرق الأوسط»، أن قبائل مأرب على قلب رجل واحد في مواجهة محاولات الحوثيين اجتياح المحافظة وإخضاعها وقبائلها للسيطرة العسكرية. وأكد المصدر أن مأرب «منذ اليوم الأول وهي تقف إلى جانب شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي»، وأنها «تقدم يوميا التضحيات من خيرة أبنائها في سبيل الشرعية وفي سبيل الدفاع عن الأرض والعرض أمام هذه الميليشيات الغازية»، حسب تعبيره.