حطت في مطار صنعاء الدولي، أمس، أول طائرة إيرانية بعد أقل من 24 ساعة من توقيع هيئة الطيران المدني اليمنية ونظيرتها الإيرانية مذكرة تفاهم على تسيير رحلات الطيران المدني بين صنعاءوطهران، بواقع 14 رحلة أسبوعيا. وتوعد الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بمحاسبة من وقع تلك الاتفاقية، في حين دعا شركات الطيران العالمية لاستخدام مطار عدن الدولي. وباشر الطيران الإيراني أمس أولى رحلاته إلى صنعاء، مما يشير بوضوح إلى أن العملية كانت مبرمجة وجاهزة ولم يكن يتبقى سوى الإعلان عن اتفاقية تشرعن ذلك، حسب مصدر حكومي تحدث إلى «الشرق الأوسط». وتجيء الخطوة أيضا بعد أن توعد زعيم الحركة المتمردة عبد الملك الحوثي بخطوات تصعيدية ردا على خروج الرئيس هادي، وقال في خطاب قبل أيام إن حركته ستسعى لبدائل في حال انقطع الدعم الاقتصادي السعودي، في إشارة إلى إيران. وحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية (سبأ) التي يسيطر عليها الحوثيون، فقد دشنت شركة «طيران ماهن إير» الإيرانية أولى رحلاتها الجوية (أمس)، من طهران إلى صنعاء، تنفيذا للاتفاق المبرم بين هيئتي الطيران المدني في البلدين الشقيقين والذي أتاح للشركة الإيرانية تسيير رحلات جوية للعاصمة صنعاء بواقع 14 رحلة أسبوعيا. وكانت على متن الطائرة الإيرانية في أول رحلة لها شحنة مساعدات طبية مقدمة كهدية من الهلال الأحمر الإيراني للهلال الأحمر اليمني. وأوضح مسؤول الهلال الأحمر الإيراني سارم نزاي أن المساعدات المقدمة من الهلال الأحمر الإيراني تتضمن 12 طنا من الأجهزة والأدوية الطبية التي يحتاجها الشعب اليمني، في حين أوضح معاون السفارة الإيرانيةبصنعاء سيد عابدين أن تدشين خطوط الرحلات الإيرانية من طهران إلى صنعاء سيسهم في تعزيز التعاون والنشاط الاقتصادي والسياحي بين البلدين، وأن هذا الخط الجوي سيمكن الحكومة الإيرانية من تقديم المساعدات للشعب اليمني بكل سهولة ويسر خاصة في مثل هذه الظروف الصعبة، حسب تعبيره وكما نقل عنه. وفي مقابل ذلك، قالت المصادر إن الرئيس هادي دعا في كلمة أمس شركات الطيران العالمية إلى التعامل مباشرة مع مطار عدن الدولي وعدم التعامل مع مطار صنعاء الذي يسيطر عليه الحوثيون. وأثار توقيع هذا الاتفاق والبدء السريع في تنفيذه سلسلة من التساؤلات في الأوساط اليمنية، عن سر الاهتمام الحوثي بفتح هذا الخط الجوي مع طهران التي لا تربطها، كثيرا، علاقات اقتصادية أو سياسية أو سياحية كبيرة مع اليمن. وعلقت بعض المصادر اليمنية على الاتفاق وسرعة تنفيذه بأنه «ضمن القرائن التي تظهر كل يوم لتثبت عمالة الحوثيين وتبعيتهم لإيران». وأضافت مصادر أخرى أن «الإيرانيين لن يكونوا مضطرين، بعد الآن، إلى تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، كما كان في السابق، فالطيران أصبح يصل إلى صنعاء بمعدل رحلتين يوميا والمطارات تحت سيطرة الحوثيين، وكذا الموانئ على البحر الأحمر»، إضافة إلى أنهم «لن يكونوا مضطرين إلى إرسال عملاء مخابراتهم إلى اليمن متخفين بجنسيات أخرى وعبر دول أخرى، وإنما سيصلون إلى صنعاء مباشرة، دون رقابة تذكر». وأضافت المصادر ساخرة أنه «لا توجد معالم شيعية يمكن للإيرانيين أن يقصدوها في اليمن، كما هو الحال في لبنان وسوريا». في سياق متصل، أعلنت مصادر إعلامية حوثية أن وفدا يمنيا توجه، أمس، إلى العاصمة الإيرانيةطهران، برئاسة، صالح الصماد، مستشار الرئيس اليمني، رئيس المجلس السياسي لحركة «أنصار الله» الحوثية. وحسب خبر رسمي حوثي بهذا الخصوص، فإن الوفد «الذي يضم وفدا اقتصاديا سيجري خلال الزيارة مباحثات مع المسؤولين في الحكومة الإيرانية تستهدف بحث آفاق تعزيز التعاون المستقبلي بين البلدين الشقيقين في المجالات الاقتصادية والسياسية وغيرها من المجالات». ونقلت وكالة الأنباء اليمنية عن الصماد قوله إن «هذه الزيارة تأتي في إطار ترجمة ما جاء في خطاب السيد عبد الملك الحوثي، الذي تحدث عن إمكانية فتح آفاق جديدة للعلاقات مع الدول التي تحترم إرادة الشعب اليمني وسيادة أراضيه». وأضاف أن «العلاقات بين اليمن وإيران كانت أخوية وإيجابية، لكن ارتماء الحكومات السابقة في أحضان بعض الدول أدى إلى التأثير سلبا على العلاقات مع إيران»، مشيرا إلى أن «عودة العلاقات بين البلدين الشقيقين أمر طبيعي ويصب في مصلحة تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين». وخلال السنوات الماضية، مرت العلاقات اليمنية - الإيرانية بحالة فتور ثم توتر، عقب اكتشاف حالات تجسس إيرانية وعمليات تهريب أسلحة إلى الحوثيين عبر البحر واستخدام المراكز الطبية الإيرانية في أنشطة استخباراتية، قبل أن تقدم السلطات اليمنية على إغلاق المستشفى الإيرانيبصنعاء وكذلك المركز الطبي، في الوقت الذي تأثرت فيه العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين. وكان العلاقات اليمنية - الإيرانية تأثرت في عقد ثمانينات القرن الماضي، إبان الحرب العراقية - الإيرانية، حيث كان اليمن يقف إلى جانب العراق في تلك الحرب وأرسل مقاتليه إلى العراق للقتال في صفوف الجيش العراقي.