أكد عضو بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شئون الحكم في مصر استمرار العمل بقانون الطوارئ بالبلاد حتى يونيو ٢٠١٢، إثر القرار بتفعيله في أعقاب الأحداث التي واكبت "جمعة تصحيح المسار" يوم الجمعة الماضية، واصفًا ما يشهده الشارع في الوقت الحالي بأنه يمكن إدراجه تحت بند "الإرهاب". يأتي هذا في الوقت الذي يثير فيه تطبيق القانون سيئ الصيت اعتراضات واسعة، بعد أن مثلت المطالب بإلغائه أحد أهم الأولويات التي دعا إليها الثوار عقب الإطاحة بنظام حسني مبارك تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية في فبراير. وقال اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع، عضو المجلس العسكري مبررًا تفعيل القانون في مداخلة هاتفية مع فضائية "الحياة" الأحد: إنه "سيتم تطبيق قانون الطوارئ حتى لا يتم اللجوء إلى الاعتقال"، مشيرًا إلى أنه هناك ضمانات كافية لتطبيقه. وأضاف: "حق الاعتقال للشرطة المدنية قائم، و(الطوارئ) يطبق على البلطجية والخارجين على القانون"، معربًا عن أمله فى عودة الاستقرار للبلاد، وربط إعادة تفعيل القانون بالأحداث المستجدة على الساحة السياسية التي تتطلب وجوده. ليس اختراعًا!! وقرر المجلس العسكري تطبيق كل البنود الواردة في قانون الطوارئ الساري العمل به في مصر منذ 32 عامًا، في إشارة على ما يبدو إلى منع أية تجمعات أو تظاهرات. وقال شاهين: "نحن لم نخترع شيئًا، ولكن قانون الطوارئ موجود منذ عام ٥٨ وسينتهي في يونيو ٢٠١٢"، لافتًا إلى أن "المجلس العسكري لم يستخدم أي حكم من أحكام الطوارئ منذ توليه المسئولية، ولكن في ضوء ما يستجد على الساحة لابد من تفعيله حتى نعطي قوةً لوزارة الداخلية لمواجهة الفوضى". وأضاف: "لكننا يجب أن نطمئن المواطنين، حيث قمنا بتعديل القانون، فبجانب تطبيقه على حاملي الأسلحة والمخدرات سيتم تطبيقه على بث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة، وعلى قطاع الطرق"، مشيرًا إلى أن "المجلس يطبق قانون الطوارئ في الوقت الحالي حتى لا يلجأ إلى الاعتقال". وتابع: "نحن كمجلس نريد إلغاء قانون الطوارئ اليوم قبل الغد، ولكن ما حدث خلال الأيام الماضية لا يشجع بالمرة، فهل يعقل أن نلغي القانون فى ظل هذه الظروف؟"، مشيرًا إلى أن كل الدول الأخرى "تحاول التربص بمصر"، و"نحن كمجلس عسكري نريد إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، ونريد عمل دستور محترم وتسليم السلطة في أسرع وقت، وما حدث في التحرير والسفارة "الإسرائيلية" ومديرية أمن الجيزة ينذر بالخطر". وأعلنت السلطات المصرية مقتل أربعة أشخاص وإصابة 1049 آخرين، نتيجة الأحداث التي وقعت الجمعة أمام السفارة "الإسرائيلية" ومديرية أمن الجيزة، ودفعت بالبعثة "الإسرائيلية" إلى مغادرة القاهرة. كما قام متظاهرون بالهجوم على وزارة الداخلية مساء الجمعة وأسقطوا شعارها وأحرقوا مبنى الأدلة الجنائية الملحق بها. اعتراضات الإسلاميين: ويثير الإعلان عن تطبيق الطوارئ اعتراض الإسلاميين خاصة الذين كانوا الأكثر تضررًا من تطبيق هذا القانون إبان النظام السابق. واعتبرت "الجماعة الإسلامية" وحزب "الحرية والعدالة"، الذراع السياسية لجماعة "الإخوان المسلمين"، تفعيله عبثًا سياسيًّا ومأساة كبرى، محذرين من تطبيق الأحكام العرفية. وقال طارق الزمر - المتحدث الإعلامي للجماعة الإسلامية، والذي أمضى نحو 30 عامًا في السجن قبل الإفراج عنه منذ شهور -: "إن إعلان تطبيق قانون الطوارئ عودة للخلف لم تكن متوقعةً، وبداية ومقدمة للأسوأ في مصر، ومصادرة لجميع الحقوق والحريات". وأضاف في تصريح لصحيفة "المصري اليوم" نشرته الثلاثاء: "إن الأسوأ الذي نتوقعه ربما يكون التفكير في تأجيل الانتخابات البرلمانية". ووصف إعلان تطبيق الطوارئ بأنه "عبث سياسي ربما يؤدي إلى عودة العنف بعودة الاستبداد الذي كان من نتائجه ثورة ٢٥ يناير، وهو لن يؤدي إلى الاستقرار في البلاد". من جانبه، قال الدكتور أحمد أبو بركة - المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة -: "في الوقت الذي كنا نتطلع فيه إلى إلغاء حالة الطوارئ نفاجأ بأن المجلس العسكري يوافق على تفعيلها ويستغل دوره التشريعي في تعديل قانون الطوارئ وتوسيع نطاق عمله، فهذه مأساة كبرى، وتعتبر ضد المسار الذي تم رسمه، والطريقة التي وافق عليها الشعب في انتقال السلطة وإدارة البلاد، كما أنه يهدد مدنية الحكم". وقال المهندس عاصم عبد الماجد - مدير المكتب الإعلامي للجماعة الإسلامية -: إن "الأوضاع السياسية تتدهور يومًا بعد الآخر، وربما يكون أحد السيناريوهات المطروحة على الساحة إعلان الأحكام العرفية، وبالتالي العودة بالبلاد إلى الوراء". وأضاف: "لا أتوقع إعلان الأحكام العرفية وإن كانت بعض السيناريوهات ترجحه، وبالتالي فمن الضروري التعامل مع الأمر بالحكمة وضبط النفس حتى لا تتم مصادرة حق الشعب المصري وتكون هناك ثورة ثانية". فيما اعتبر الدكتور محمد حبيب - وكيل مؤسسي حزب النهضة - أن ما حدث الجمعة أعطى المجلس العسكري المبرر لتفعيل قانون الطوارئ. وأضاف: "مشهد الاحتشاد يوم الجمعة الماضي في ميدان التحرير كان رائعًا، حتى السادسة مساءً، وكنت أتمنى أن ينصرف الجميع بعد هذا المشهد، خاصة أن رسائلهم وصلت، وبالتالي كان يمكن تضييع الفرصة على من يخطط لأحداث السفارة "الإسرائيلية" وحرق مبنى الأدلة الجنائية بوزارة الداخلية، واستثمار هذه الأحداث في محاولة تلويث قوى الثورة، وإجهاض ما تم خلال جمعة تصحيح المسار، وتفعيل قانون الطوارئ، وإعداد المشهد لتأجيل الانتخابات البرلمانية، في ظل وجود انفلات أمني".