أصحاب العمل لمنشآت القطاع الخاص يحتّم عليهم القيام بدورهم الحقيقي تجاه وطنهم عندما يمنحون الشباب فرصة للعمل لديهم ويبعدونهم عن البطالة التي تكبّد الوطن الكثير وتقضي على الفراغ الذي يعيشونه وما له من أخطار وما أكثرها. وقبل هذا كلّه يجب أن يتم غرس حب العمل في نفوس شبابنا وتعريفهم به لكي يحبّونه، وحب العمل يعتبر سمة تتميّز بها الشعوب المتقدّمة، وكلّما كان العمل بإخلاص كان هناك تقدّم ونجاح وتطوّر، وديننا الإسلامي الذي أنعم الله به علينا حثّ على العمل وحب العمل، وقد قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (105) سورة التوبة، وقال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بالحديث الشريف: (إنّ الله يحب أحدكم إذا عمل عملاً أن يتقنه) ولهذا تفوّقنا نحن المسلمون على غيرنا في جميع المجالات الصناعية والتجارية والزراعية وغيرها، وهذا ما يمنحنا الأمل والقوة في أن يكون شبابنا في مقدّمة شباب العالم كلّه. كذلك يا أصحاب العمل: لا تنتظروا من أصحاب المنشآت الأجنبية بالقطاع الخاص أن يهتمّوا بتعيين الشباب السعودي لديهم، ولإنصاف البعض منهم فيمكن أن يقوم بهذا ما نسبته حسب توقّّعي (5%) ولكن بعد إقرار السعودة وبرنامج نطاقات أجزم بأنّ نسبة ذلك ارتفع إلى حوالي (50%) ويجب أن تكون المبادرة منكم أنتم يا أصحاب المنشآت السعوديين بالقطاع الخاص، حيث ستعينونهم على تكوين حياتهم وتأمين متطلّباتها، فهل فكّرتم بأن تضعوا ابنكم أو أخيكم مكان أولئك الشباب الذين ذاقوا المرارة من كثرة مراجعاتهم وحملهم لملفاتهم بطلب العمل وبحثهم عن الوظائف في أغلب منشآت القطاع الخاص ولا مفرّ من أنّهم سوف يقابلون الصالح والطالح في مقابلاتهم التي سيجرونها وسيقابلون التعجيزات الكثيرة من طلبات المؤهلات العليا والخبرات والدورات التدريبية وتمييز لون البشرة وتمييز من لبسه حسن أو غير حسن أو كلامه حسن أو غير حسن أو يتملّقونه بالنظرات من أسفل قدميه إلى رأسه وغيره الكثير، فلتكونوا منصفين لهم. ويجب أن يتم النظر إلى جميع شبابنا ممّن لا يحملون المؤهلات وممّن يحملونها، فعندما تسألونهم عن مؤهّلاتهم الدراسية يجب أن تعرفوا أنّ لكلّ شاب ظروفه ممّن لم يتم منحه فرصة الدراسة وممّن لم يستكملوا دراستهم وغيره، لذا كونوا متفاعلين ومتفهّمين لظروفهم، ولا ضرر عليكم بمنحهم الدورات التأهيلية والتدريبية وتطويرهم لكي تستفيدوا منهم على الوجه الأكمل، فصدّقوني عندما تقوموا بهذه الأمور إضافةً لتحفيزهم ومنحهم المكافآت بعملهم على ما يقوموا به بكلّ جدارة وأياً كانت تلك المكافآت فإنّ ذلك يعدّ بمثابة مكسب كبير لكم ولهؤلاء الشباب وللوطن فاحرصوا جزاكم الله خيراً على تطبيق ذلك. للعلم يجب أن تقوموا بهذا بكل نيّة صادقة تجاه هذا الوطن الكبير والغالي على قلوبنا جميعاً وتجاه شباب هذا الوطن المعطاء سترتقون إلى النجاح وستستفيدون وتفيدون، ويجب أن تكونوا لهم القدوة الحسنة الصالحة في الجد والإخلاص والإنتاج والالتزام بالعمل ومواعيد العمل واحترام الوقت وسيقضي ذلك على كثرة غياباتهم وتأخيراتهم بالعمل وسيقضي على التسرّب الوظيفي والاستقالات والإنقطاعات وخلافه. ويجب أن تمنحوهم الإحساس بالأمن الوظيفي، وقد قال الدكتور غازي القصيبي رحمه الله يجب أن نجد الحلول المتكاملة لتوفير البيئة المناسبة لهم وتطويرهم، وحتى نصل إلى مجتمع متكامل يجب عليكم أن تأخذوا بيد هؤلاء الشباب حتى يقفوا على أقدامهم بالشكل الصحيح ويعطوا وينتجوا، فأين الكثير منّا من هذه التوجيهات. تعليق بسيط ومتواضع على برنامج (حافز): لقد منح هذا البرنامج فرصةً للبعض باستغلالهم له والاستفادة منه، فأين الرقيب على ذلك، وهل ننتظر من أحدهم أن يتقدّم لحافز ويفيد بأنّه لا يستحق هذه الإعانة لكونه يعمل، الله أعلم، وليس بغريب أن يقوم البعض القليل بذلك؟؟؟ ولا ننكر الجهود التي قامت سابقاً وتقوم بها وزارة العمل حالياً مشكورةً بكافّة المجالات إضافةً إلى بعض القطاعات الأخرى كالغرفة التجارية وصندوق تنمية الموارد البشرية وغيرهم في تغيير فكرة دامت طويلاً للأسف وهي أنّه بات من العرف أنّ الموظف الأجنبي عمله في منشآت القطاع الخاص والسعودي عمله في الحكومة. ولا ننكر بأنّ هناك الكثير من المعوّقات التي تعترض طريق شبابنا: منها طول وقت ساعات العمل حيث تبلغ (48) ساعة أسبوعياً فلماذا لا تكون هذه الساعات مثلاً (40) ساعة، ولعلّ الاقتراح الجديد بأن يتم تقليصها إلى (40) ساعة يرى النور قريباً، كما أنّ العطلة الأسبوعية هي يوم واحد فقط فلماذا لا تكون يومين بالأسبوع، ولعلّ الاقتراح الجديد بأن تكون الإجازة الأسبوعية يومين يرى النور أيضاً، وهناك بعض منشآت القطاع الخاص تعمل على فترتين صباحاً ومساءً وهذا يقضي على اليوم بأكمله ويضيعه على الموظف، فلماذا لا يتم توحيد وقت العمل ليكون فترة واحدة لكي يستفيد هؤلاء الشباب من باقي وقت اليوم بقضاء الاحتياجات بكافة أنواعها، كما أنّ الرواتب تختلف اختلافاً جذرياً ما بين منشأة وأخرى ولا أعرف لماذا لا يتم إقفال هذا الموضوع بوضع حد أدنى للراتب الشهري للموظف بالقطاع الخاص ويتم إلزام الجميع بها فنحن نرى شباباً يعملون برواتب (ما بين 1500 وحتى 2000 ريال شهرياً) فهل هذا الراتب يكفي للوازم الحياة، ولكن الوزارة قامت مشكورةً باعتماد أدنى راتب للشاب السعودي هو (3000) ريال شهري، وأيضاً لماذا لا يتم تسليم الرواتب على الشهور الهجرية بدلاً من الشهور الميلادية أسوةً بموظفي الحكومة، وأيضاً يجب تفعيل إقرار العلاوات والزيادات السنوية ومنح الدورات التدريبية والتأهيلية حيث إنّها موجودة بنظام العمل وهي عند الكثير مجرد كلام فقط بدون تفعيل؟، كما يجب الإشارة إلى أنّه يوجد بعض منشآت القطاع الخاص التي تتّبع بعض الأساليب الخاطئة كتسجيل أسماء بعض الشباب مقابل منحهم رواتب وهم في منازلهم سواءً بعلم بعضهم وبموافقتهم أو العكس والاستغناء عن الشباب عندما ينتهي المشروع وغيره الكثير من الأمور. رسالة كبيرة: يجب أن يتم دمج الشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة بالعمل فهذا واجب وطني كبير وقد أولت وزارة العمل دوراً كبيراً لهذا الأمر فقد أقرّت بأنّ الشاب السعودي صاحب الاحتياجات الخاصة سيكون تسجيله بالمنشأة مقابل (4) موظفين سعوديين فأين أصحاب المنشآت من هذه الميّزة الكبيرة، ويجب أن أنوّه إلى عدم استغلال هذه الميّزة لدى البعض من شبابنا السعودي وبعض أصحاب المنشآت. كما أنوّه إلى ضرورة توظيف الشباب السعودي المفرج عنهم من السجون والمقيم المتزوج من سعودية والمقيم من والدة سعودية فهذا واجب وطني أيضاً. فوالله من واقع عملي بالقطاع الخاص على مدار (14 سنة) أجزم بأنّ شريحة كبيرة من شبابنا لديهم هذه الطموحات والرغبة بالعمل الجاد فلنأخذ بيدهم، وأقول أيضاً بأنّ لكلّ قاعدة شواذ فقد قابلت الكثير من شبابنا هداهم الله عكس ذلك (ولا تعليق؟؟؟). وقد قال الأخ الكاتب الأستاذ عبدالرحمن بن محمد السدحان عن ذلك بمقالة (ماذا يقلقني عن شباب اليوم) بجريدة الجزيرة بصفحة الرأي بالعدد رقم (14536) بتاريخ: 26/شعبان/1433ه: الشباب نور ونار، فهم نور: إذا أعدّوا الإعداد المتين خلقاً وتأهيلاً وقدرات، وهم نار: إذا هم كانوا دون كذلك قواماً، فإمّا أصبحوا عوناً لأمّتهم بعد الله صلاحاً وإصلاحاً، وإمّا أمسوا عبئاً عليها فساداً وإفساداً. الموضوع كبير ويجب تكاتف الجهود من الجميع وأرى أن يتم طرح ذلك ونشره عن طريق العائلة والمدارس والجوامع وأي طرق أخرى للحثّ على العمل وحب العمل واستقطاب الشباب السعودي. ما كتبته أعلاه كان عامّاً ولا أقصد توجيهه لأحد بالاسم، إنّما هذا ما رأيته، فليسامحني الجميع لأنّ ما يهمّني هو الوطن وشبابنا هذا الوطن، لنصل إلى أرقى وأفضل المجتمعات المتطوّرة. وأوجّه رسالة إلى شبابنا السعودي بألاّ يتركوا باباً إلاّ ويطرقوه وعليهم بمراجعة وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية والغرفة التجارية وصندوق تنمية الموارد البشرية ومكاتب التوظيف وغيره الكثير من الجهات التي يتم عن طريقها التوظيف وأيضاً بأن يتحلّوا بالصبر ولا يستعجلوا بطلب رزقهم وأتمنّى لهم الصعود للمراتب العليا فذلك يحتاج إلى الجد والاجتهاد، والله من وراء القصد.