عندما أتذكر كلمة طفل وطفولة يتبادر إلى ذهني الصفاء والنقاء والبياض والبراءة والزهور وبراعم الأشجار والربيع، هؤلاء الأطفال هم زهور هذه الحياة وقلب هذه الإنسانية وهم نبض حياة هذه الحياة.. لكن في بعض البلدان ما هم سوى مغتالين، مشردين، جائعين، مظلومين، محتاجين، محرومين، مُتألمين، يتيمين، ضائعين، مستغلين، غير آمنين، عنيفين، منحرفين، هاربين، متسولين، هيكل تسكنهُ الظلمة والذهول والدهشة والرعب. على العموم فإن الطفل يولد على الفطرة وينشأ طبقاً للمنهج العقدي والتربوي الذي يربى عليه ويتعلمه وقد أشار الحديث النبوي الشريف إلى ذلك، والأسرة هي العامل الأساسي قبل كل شيء، والمعلم أيضاً يقتل تلك المواهب عند طلابه وذلك بعدم إعطائهم حرية التعبير وعدم السماح لهم بالحوار والمناقشة، وكذلك منع الطلاب من إلقاء الأسئلة على المعلم، فتقتل مواهب الطلاب، وقد يتخرج الطفل وهو لا يعلم بما لديه من إمكانات وقدرات مواهب.. من هذا التعبير أنقل لكم قصة معروفة تظهر كيف يتم اغتيال المواهب في أغلب بلداننا العربية والإسلامية. يقول راوي القصة: كلفت مديرية التربية مفتش من مفتشيها بزيارة احد المدارس، فذهب المفتش الى المدرسة، وفي الطريق تعطلت سيارة المفتش، فوقف حائراً رافعاً غطاء محرك سيارته، فمرّ طفل فسأله إذا كان يريد المساعدة؟ فقال المفتش: وهل تفهم شيئاً عن السيارات؟ فردّ قائلاً والدي يعمل ميكانيكياً وأساعده أحياناً، فألقى نظرة على المحرك وطلب من المفتش مجموعة من المفاتيح والأدوات.. وبعد دقائق من العمل والمفتش يراقب الوضع باندهاش طلب منه الطفل تشغيل المحرك، وفجأة عادت السيارة للسير من جديد..! شكر المفتش الطفل وسأله لماذا لم تكن في المدرسة في هذا الوقت؟ أجاب الطفل: لأن المفتش سيزور مدرستنا اليوم ولأني الأكثر غباء في الصف كما يقول المعلم فقد أمرني ألا أحضر اليوم وأبقى في البيت. تعليق بسبط: الذكاء والإبداع ليس مقتصراً على فهم المنهج الدراسي فحسب، وإنما بوضع كل شخص بمكانه المناسب لتتجلى إبداعاته ومهاراته الخاصة، ولا يوجد طفل غبي إنما تتعدد مواهب كل طفل، فكل طفل يولد وداخله موهبة من صنع الخالق، وتبقى موهبة الطفل مدفونة في أعماقه وتحتاج إلى من يخرج تلك الموهبة إلى الواقع ويحولها إلى ما يفيد بها نفسه والمحيطين به. ترويقة: من هو المسؤول عن إخراج تلك المواهب؛ هل هو المجتمع بمراكزه المتخصصة؟ أم أنها المدارس التي تتعهد هؤلاء الشباب؟ أم هي الأسرة التي تقوم بالتنشئة والتربية؟ أم أن المسؤولية تقع على عاتق الشخص نفسه؟ ومضة: وبهذه القصة ونحوها، تظهر لنا كيف يم اغتيال هذه المواهب، والسؤال الأهم قتلة المواهب من يحاكمهم..؟!