تُعدّ الأسرة الحاضن الأول والأساسي للطفل منذ نعومة أظفاره وحتى بلوغه، إذ يقع على عاتقها مسؤولية تربيته وتعليمه وتوفير البيئة المناسبة لرعايته، إلاَّ أنَّ ذلك كلَّه يتضاعف حينما يكون لديها طفل موهوب يحتاج لعناية أكبر من الطفل العادي. وقد يتعرض الطفل الموهوب للخطر وهو حال أغلب أطفالنا الموهوبين إذا لم يتمّ اكتشافه أو حتى لم يتمّ تطوير أدوات تعليمه، فتجده غالباً ما تُقتل موهبته وطموحه لتتحول طاقته إلى خمول وانكسار، والسبب يرجع في المقام الأول إلى أسرته، إمَّا بسبب قلَّة تعليمها أو قلَّة توفّر المادة لديها، والغالب انشغال الأبوين عنه. يتساءل الكثير من هو الطفل الموهوب؟، وكيف يتم اكتشافه؟، والجوال أنَّ الطفل الموهوب غالباً ما يكون متميزاً عن غيره من الأطفال من ناحية البنية الجسدية، فأحياناً يكون هزيلاً مقارنة بأنداده، وأحياناً أخرى يكون أكثر صحة، أمَّا من الناحية العقلية، فهو متطور جداً وملتزم بتأدية المهام الموكلة إليه على أكمل وجه، كما أنَّه الطفل الذي يُظهر أداءً مميزاً مقارنةً مع المجموعة العمرية التي ينتمي إليها؛ لذلك قد يُوصف بأنَّه طفل سابق سنَّه من الناحية العقلية والفكرية واللفظية. من الخطأ أن ترفع الأسرة سقف توقعاتها وتضغط عليه لتحقيق ما تريده في زمن قياسي إنَّ الخوف من ألاَّ يكتشف الطفل الموهوب يوازي تماماً ضغوط بعض الآباء لأطفال مجتهدين دراسياً ليكونوا ضمن دائرة الموهوبين، فنجد الطفل يُصاب بالخوف من الفشل، إلى جانب الإحباط الذي قد يصيب أسرته إن لم يكن متميزاً، وهذا عبء قد يدمره. مناهج تقليدية وقالت "البندري المشاري" –معلمة-: "حينما يبدأ مجتمعنا بالتحدث عن الموهبة يعني أنَّنا بدأنا بالتطور، فالطفل الموهوب واستيعابه من أشق المهام على الأسرة والمدرسة والمجتمع"، مُضيفةً أنَّ الطفل الموهوب يحتاج لتزويده بقدرات ملائمة لاحتياجاته، مثل مهارات التفكير والإبداع وطرق تعلّم مختلفة عن أقرانه، موضحةً أنَّ مناهج التعليم الحالية، التي تعتمد على التلقين والحشو والحفظ غير ملائمة أبداً له، ومن هنا نجد أنَّ النظام التعليمي التقليدي الذي غرقت به مدارس أبنائنا قد يدمر موهبته وعقله. حماية الموهوب وأشارت "قماشة عبدالعزيز" –معلمة- إلى أنَّ عبء اكتشاف الموهوبين يقع على عاتق الدولة وليس الأسرة، موضحةً أنَّ بعض الأسر غير متعلمة بالشكل الذي يسمح لها بذلك، داعيةً الجهات المعنية إلى سن قوانين وتشريعات ولوائح لحماية المبدع والموهوب فكرياً، ثمَّ العمل معهم وتعليمهم وترجمة أفكارهم إلى مشروعات واقعية، إلى جانب تشجيعهم معنوياً ومادياً، وكذلك التسويق لهم، لافتةً إلى أنَّ هؤلاء ثروة واستثمار ومستقبل. مراكز خاصة وشدَّدت "منيرة محمد" -مديرة مدرسة إبتدائية- على أهمية إنشاء مراكز خاصة بالعناية بالموهبة وتشجيعها وتبنيها منذ الصغر وحتى الرشد، داعيةً لتمهيد الطريق للموهوب واستثمار عقله وقدراته الإبداعية لخدمة نفسه ومجتمعه، مُبيِّنةً أنَّ "وزارة التربية والتعليم" أنشأت برنامج "موهبة"، مُشيرةً إلى أنَّ الخلل يكمن في بعض الكوادر التعليمية، لافتةً إلى أنَّ بعض المعلمين والمعلمات يهتمون بالطلاب والطالبات المتفوقين دراسياً، بينما يهملون غيرهم ممَّن قد يتمتعون بمواهب جيدة. وأضافت أنَّ ذلك من شأنه وأد موهبة الموهوبين والموهوبات في مهدها، مُشيرةً إلى أنَّ الأمر يزداد سوءاً حينما لا تتفهم الأسرة الحاجات والقدرات العقلية والفكرية والإبداعية لديهم، مؤكدةً أنَّ الموهبة لا ترتبط بالمستوى الدراسي للطالب أو الطالبة، حيث إنَّ بعض الموهوبين والمخترعين لم يكملوا دراستهم. وأيَّدتها الرأي "موضي الزومان" -معلمة تربية خاصة-، مُضيفةً أنَّ الكثيرين ما يزالون يجهلون من هو الموهوب، مُشيرةً إلى أنَّ كثيراً من الأسر تحكم على ابنها بالغباء أو التأخر العقلي أو أنَّه من ذوي الاحتياجات الخاصة، موضحةً أنَّها تستقبل بين الحين والآخر طالبات تصنفهنَّ معلمتهنَّ بأنَّهنَّ متأخرات في القدرات، إلاَّ أنَّها تكتشف لاحقاً أنَّ بعضهنَّ موهوبات، مؤكِّدةً أنَّ الموهبة لا تتعلق بسرعة الفهم أو الحفظ أو التفكير. وتساءل "أبو لين" -موظف حكومي-: "ماذا سيحدث حينما يعلم الوالدان أو المدرسة أنَّ الابن أو الابنة موهوبون؟"، مُوضحاً أنَّ الاهتمام هنا سيتضاعف، مُشيراً إلى أنَّ حجم اهتمام الأسرة بالطفل الموهوب قد يكون مضراً له، مُؤكداً أنَّ الاهتمام الزائد هنا قد يؤدي إلى خنقه وإحباطه، لافتاً إلى أنَّ هناك من يمنع طفله الموهوب من اللعب مع أقرانه بحجة أنَّ عقله أكبر منهم بأربع أو خمس سنوات، والحقيقة أنَّ الموهوب يظل طفلاً يريد إشباع غرائزه الفطرية باللعب واللهو وتكوين الصداقات مع الأقران. وأضاف أنَّ الأسرة قد تدمر الطفل الموهوب حينما ترفع سقف توقعاتها منه، وبالتالي الضغط عليه لتحقيق ما تريده منه، مُشيراً إلى أنَّ الطفل قد يصاب بالإحباط وخيبة الأمل. وبيَّنت "صالحة الشمراني" -موظفه حكومية- أنَّ ممَّا قد يقتل الموهبة أن يكون بعض الآباء والأمهات على علمٍ تام بأنَّ ابنهم موهوب، إلاَّ أنَّهم قد يضغطون عليه ويطالبونه بمزيد من التفوّق في التحصيل الدراسي، مُشيرةً إلى أنَّ الموهوب في مجتمعاتنا العربية لم يجد من يعتني به، وذلك بعكس ما تقدمه المجتمعات المتطورة من عناية خاصة للموهوب منذ عقود من الزمن، موضحة أنَّ الموهبة تكون في أيّ مجال من المجالات، سواءً في الموسيقى أو اختراع أدوات بسيطة يستطيع من خلالها الموهوب تأسيس شركته الخاصة، التي تدر عليه الأرباح في حال وجد العناية المطلوبة مبكراً. التعامل مع الموهوب وأوضحت "سمية الجهني" -موظفة في القطاع الخاص- أنَّ التربية الحديثة تخدم كلاً من الطفل العادي والموهوب، مُشدِّدةً على أهمية توفير الأسرة لابنها الموهوب مكتبة سمعية وورقية وموسوعات جغرافية وتاريخية وعلمية تختص بكل مرحلة من المراحل العمرية المختلفة، إلى جانب توفير ألعاب ذهنية من المتوفرة في المكتبات؛ لتحفز الدماغ وسرعة البديهة، وكذلك توفير ركن للرسم بأنواعه؛ ممَّا سيساعد في خلق الإبداع الفني والراحة النفسية للموهوب. وأيَّدتها الرأي "سارة الجهني" –معلمة-، مُضيفةً أنَّ العصر الحالي الذي نعيشه هو عصر المعرفة والتقنية الحديثة، وبالتالي فإنَّه من المفترض أن يمتلك الآباء والأمهات المعلومات والمهارات اللازمة للتعامل مع ابنهم الموهوب وتربيته وتطوير موهبته وتعزيزه اجتماعياً، مُشيرةً إلى أنَّ هناك العديد من المقالات لأخصائيين نفسيين واجتماعيين عن طريقة تنشئة الطفل الموهوب والتعامل الصحيح معه، ومن الممكن أن يطّلع عليها الاباء والأمهات لزيادة حصيلتهم في هذا الشأن. وروت "أم فيصل" –ربَّة منزل- تجربة ابن أختها وموهبته في مجال الإلكترونيَّات، مُضيفةً: "لم تكن أختي وزوجها على علم بموهبة ابنهم، إذ كان على قدرٍ كبير من الموهبة في التعامل مع الأرقام السرية لشبكات الانترنت الخاصة بالجيران"، مُشيرةً إلى أنَّ الجميع كان يعتقد أنَّ قدرته تلك كانت بالمصادفة؛ لأنَّه كان يحاول كثيراً إلى أن يتمكن في النهاية من النجاح، موضحةً أنَّه بدأ بعد ذلك في التعامل مع البريد الالكتروني "الإيميل"، مُبيِّنةً أنَّه كان يخترق "إيميلات" أسرته ويعبث بها. وأكَّدت أنَّها رغم إعجابها بموهبته تلك، إلاَّ أنَّها كثيراً ما كانت تنهره وتنهاه عن ذلك، موضحةً أنَّها أضطرت في النهاية إلى إخبار والدته، حيث عاقبته أكثر من مرَّة على فعلته دون جدوى، مُشيرةً إلى أنَّه عبث في إحدى الإجازات الصيفية بنظام الرحلات في مطار إحدى الدول الأوروبية، حيث كان ينتظر مع أسرته موعد إقلاع رحلتهم التي تأخرت أكثر من خمس ساعات، مُبيِّنةً أنَّ والدته أخبرتها أنَّها لاحظت حينها أنَّ هناك فوضى وحركة غير معتادة في المطار، قبل أن تطلب من ابنها تدارك الأمر وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه. اكتشاف الموهوب ولفتت "لطيفة الحمد" -مستشارة أسرية- إلى أنَّ الموهبة غير مرتبطةٍ بالتحصيل العلمي، مُضيفةً أنَّ الحاجة تدعو للاهتمام بالموهوبين ودعمهم وتشجيعهم، سواءً من قبل الأسرة أو المؤسسات التعليمية، موضحةً أنَّ الموهبة لا تقتصر على الأطفال الأصحاء، بل تشمل أيضاً الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو الإعاقات، مُشيرةً إلى أنَّ البعض لم يستوعبوا بعد أنَّ الموهبة لا يعيقها أيّ عائق، مُبيِّنةً أنَّ اكتشاف الموهوب من الممكن أن يبدأ في الصف الثالث الابتدائي. وأضافت أنَّه يبدأ في هذا التوقيت تشكّل الحصيلة اللغوية والفكرية لدى الطفل، موضحةً أنَّ دراسات الاكتشاف تكون في الصف الثالث والسادس الابتدائي؛ لما فيها من تغيّر "سيكيولوجي" للطفل، مُبيّنةً أنَّه لا يمكن إغفال التركيز على موهبة التحصيل الدراسي إذا أُكتشف أنَّ لدى الطفل سرعة بديهة، وبالتالي لابُدَّ من اختباره، مُشدِّدةً على ضرورة إعادة اختباره إن فشل، حتى لأكثر من (10) مرات، للتأكّد من نوعية موهبته وكفاءتها، داعيةً لعدم تركه من أول مرة وتبنيه، ليكون الإثبات أقوى. وأشارت إلى أنَّ التمرين أكثر متانة وزرعاً لثقة الموهوب بنفسه، مُضيفةً أنَّ المواهب قد تتعدد، سواءً في الشعر أو الرسم أو الخط، وغيرها، داعيةً لتنظيم الورش لتعزيز موهبته وإحضار متخصصين لإعطائه دروساً متقدمة عن منهجه الدراسي، لصقل هذه الموهبة، وحين انتهائه من هذه الورش يُطلب منه إعداد دروس لزملائه في الفصل نيابة عن معلمه، مُبيِّنةً أنَّ المعلم بذلك يكون قد عمل على تنمية موهبته وتعزيز الثقة بداخله. وأوضحت أنَّه مهما بلغ التقصير من جانب الأهل في تعزيز الموهوب، إلاَّ أنَّ المدرسة إذا أدَّت دورها في التربية والتعزيز، فإنَّ ذلك كفيل بتنمية موهبته ورعايتها، أمَّا إذا كان العكس ولم تكتشف المدرسة هذا الطفل وعمل الأهل على تعزيزه بأنفسهم، فالأفضل أن يكون التعزيز تحت دراية شاملة وكاملة حول أصول التنمية وعدم الضغط على الطفل من ناحية التوقعات التي قد تتسبب بخنق موهبته واندثارها، داعيةً لتوفير جميع احتياجات الموهوب من قبل الأهل. وشدَّدت على أهمية تعزيز ودعم الموهوب من قبل الأهل، موضحةً أنَّه يمكن أن يتم في اجتماعات العائلة تنظيم برنامج بسيط لتعزيز المواهب، كعرض لوحات تشكيلية واختراعات وقصائد ومنظومات شعرية أو مسائل علمية يكون الطفل الموهوب متمكناً منها؛ لكي يشعر أنَّه يمتلك شيئاً لا يمتلكه الآخرون، مُشيرةً إلى أنَّه لا يمكن أن نغفل عن أهمية الدور الاجتماعي، إذ إنَّ المجتمع مسؤول أيضاً عن تنمية مواهب أطفاله. وبيَّنت أنَّه يوجد مركز يدعى "موهبة" تابع لوزارة التربية والتعليم، وهو خاص بالتحصيل الدراسي، مُشدِّدةً على أهمية إيجاد مراكز متخصصة لجميع المواهب أو إقامة معارض خيرية في المجمعات التجارية أو المدارس ومناطق التجمع، لافتةً إلى أنَّ عرض أعمال الأطفال الموهوبين كفيل بتوعية المجتمع بأهميتهم، مؤكِّدةً أنَّه لابُدَّ أن يكبر هذا الطفل الموهوب ليكون رجلاً أو امرأة بقدرات أعلى من غيره، فإذا ما تم الاعتناء بموهبة هؤلاء في صغرهم وأشير إليهم أنَّهم يمتلكون شيئاً مختلفاً، نمى لديهم حس الاختلاف وحب الموهبة فيبدأ دورهم بإثبات فائدتها وفاعليتها. الطفل الموهوب قيمة وطنية تحتاج إلى رعاية واهتمام الأسرة هي المحرك الأساس لموهبة الطفل المنافسة الجماعية تظهر إمكانات الأطفال الموهبة تنتظر دعماً ومشاركة في المسابقات لمنح المزيد من الثقة # هشتقة السمنة وأد الموهبة من الأسرة..! "لم يعد هناك من يئد بناته، انتهى زمن الجاهلية"، الجميع يُردِّد ذلك وهو مازال لا يعلم أنَّ هذه العادة لا زالت قائمة، حيث إنَّ "سارة" ابنة ال (14) عاماً، لطالما كانت متفوقة في دراستها ومُميزه عن غيرها من الفتيات، فحدّة ذكائها وسرعة تلقيّها للمعلومة أثارتا إعجاب الجميع من حولها، خصوصا معلمة اللغة العربية "نورة"، وفي يوم ما وأثناء حصَّة فراغ دخلت المعلمة "نورة" لتضبط الفصل وتشغلهم بشيء ما؛ منعاً للفوضى، فما كان منها إلاَّ أن طلبت من أن تكتب كل طالبة قصة قصيرة، إذ بدأ الجميع حينها بتمزيق الورق وتجهيز الأقلام وعمَّ الهدوء المكان وانشغل الجميع بالكتابة، بعد ذلك رن الجرس وبدأت أبله "نورة" بجمع الورق والاستعداد لحصتها الأخرى. مر الأسبوع الأول ولم تقرأ أبله "نورة" ما كتبته طالباتها إلاَّ في مغرب أحد الأيام وهي تحتسي قهوتها وتريد تصحيح أوراق اختباراتها، حينذاك تساقطت الأوراق الملونة من أحد الملفات لتقرأ ما كُتب فيها، بدأت بالتبسم والضحك على كتابات طالباتها لتنتهي أخيراً بقصة "سارة"، قرأتها أبله "نورة" أكثر من مرة ولم تصدق عيناها تناسق الجمل وخلوّها من الأخطاء الإملائية والنحوية، إلى جانب الحبكة وتنوّع الشخصيات، كل ذلك فوق طاقة فتاة في عمر ال (14) ربيعاً. لم يساور الشك أبله "نورة" أنَّ غيرها كتبها، فالجميع كتب قصته أمام عينيها بمن فيهم "سارة"، لم يهدأ بال أبله "نورة" وحماسها حتى ذهبت إلى المدرسة لتقابل "سارة" قبل إذاعة الصباح وتسألها عن ماذا كتبت؟، وكيف استطاعت فعل ذلك؟، أشارت أبله "نورة" لطالبتها "سارة" بأن تشركها في برامج الموهبة التابعة للوزارة، حيث وافقت "سارة" بسرعة مُتحمّسة لثقة معلمتها بأدائها. في صباح يوم جديد ومع إذاعة الصباح بدأت المعلمات يتفقدنّ طوابير فصولهنّ لترى أبله "نورة" أنَّ "سارة" ليست على حالها وقد اعتلاها الحزن نوعاً ما، لم تسألها ليمضي الجميع نحو الفصول، مرَّ اليوم الأول والثاني والثالث و"سارة" لا تزال غارقة في حزنها، إلاَّ أنَّ معلمتها لم ترتح لتجذبها خارج الفصل وتسألها: - إن كنت خائفة من نتيجة تقييم قصتك فلك شرف المحاولة يا "سارة". - معلمتي والدي يرفض أن أكتب أيّ شيء. - ولماذا؟، أبله "نورة" أُصيبت بالاندهاش من قرار والد "سارة"، فهي لم تتوقع أن تكون ردَّة فعل أب من موهبة ابنته مقابلتها بالرفض. - أخبرني أنَّ من يكتب القصص كاذب، ومن يحاول كتابتها سيصبح كذَّابا، وعقوبة الكاذب دخول النَّار، لذا أرجو منك أن تسحبي قصتي، فلا أريد أن أدخل النار. هكذا يتم وأد المواهب، فبسبب ضعف تعليم والد "سارة" وسطوته، أصبحت "سارة" فتاة كغيرها تذهب كل صباح إلى المدرسة وترجع لتحل واجب القراءة. الموهوب «فكاهي» ويثيره الجمال معرفة ما إذا كان طفلك موهوباً أم لا، لا بُدَّ أن تجد سمتين أو واحدة على أقل تقدير تتواجد فيه، حيث تجد الطفل الموهوب يصنع نكتة في عمر الأربع سنوات أو موقفا فكاهيا يثير فيه انتباه البالغين، كما يثير انتباهه الأشياء الجميلة والألوان الزاهية ويُعبِّر عنها بجمل كاملة ومفيدة، كما يتميَّز الموهوبون عن غيرهم بحب ألعاب الفك والتركيب والإبداع فيها، كما أنَّهم يستطيعون التمييز بين اليمين واليسار في سن مبكرة، ولا ننسى اختيارهم لأصدقائهم، فهم يُفضِّلون الأطفال الأكبر سناً منهم. ويتميز الموهوب منذ سن صغيرة بحصيلته اللغوية، فتجده غالباً في سن السنة والنصف لديه حصيلة لغوية بما يقارب ال (12) كلمة بما فيها الضمائر، ولا ننسى انتقاداته للأشياء بشكل مستمر، إلى جانب طرح كثير من الأسئلة، التي دائماً ما تحرج الكبار، وهذه الأسئلة توضح مدى أصالة التفكير وعدم الرضى عن المعلومة أو الإجابة المُقدَّمة له، فتجده يبحث عن إجابته الخاصة، ففضوله العقلي أكبر ممَّا يُقدَّم في حصة الدرس، ولا ننسى أنَّ الموهوب قيادي بالفطرة ومحبّ للتجارب ولديه فضول شديد نحو المجهول، لكنَّه غير متهوّر. الطفل الموهوب مستعد فطرياً وليس وراثياً يعتقد "أفلاطون" أنَّ الموهبة لا تنتقل وراثياً، وبالتالي هي موجودة في أيّ طفل من أيّ طبقة اجتماعية، ويؤكد ذلك من خلال إصراره على أنَّ أولئك الموهوبين الملائمين سيتم تدريبهم من قبل الدولة؛ حتى يكونوا مؤهلين للقيام بدور الطبقة الحاكمة، لذا فهم يُصرف على تعليمهم أكثر من غيرهم من الطبقات، فمن البديهي أنَّه سيثمر في إنتاجه، فالتعليم انتقائي قائم على افتراض أنَّ الأقلية المتعلمة من السكان، بحكم تعليمهم وقدرتهم الفطرية على التعليم، مؤهلون للحكم السليم، أمَّا البقية فهم مزارعون ومدنيون، ومن المفترض فقط تجنيد الأطفال لأن يكونوا حرسا لدولة وليسوا قادة. أما العالم "تيرمان"، فأكد أنَّ الموهبة تتحد بعاملين مهمين، هما الوراثة والبيئة، فالوراثة رغم صعوبة إثباتها، إلاَّ أنَّ الطفل يُولد باستعدادات فطرية وجسمانية، أمَّا البيئة فهي الحاسمة، فإمَّا أن تكون داعمة أو محبطة، وبالتالي فإنَّ الموهبة -كما عرَّفها- ملكة لدى الإنسان وطاقة كامنة متى تمَّ اكتشافها فإنَّها تكون داعمة له ولمجتمعه، فهذه السمة المعقدة تؤهل الفرد إلى الإنجاز المرتفع في بعض الوظائف والمهارات التي تتحدَّد غالباً في مجال الموسيقى والرسم والشعر.