الاديب الأريب سليمان بن عبدالله بن محمد الشريدة ( 1359 _ 13\12|1442) رحمك الله ايها المربي الفاضل. منذ نعومة الأضفار كنت أرى فيه حكيما مربيا وأديبا. كان يضفي على مجالس أسرة الشريدة تنوعا من القصص والقصيد التي يطرب لها من يستمع إليها. الأديب والمربي الشاعر سليمان بن عبدالله وحفيد ذائع الصيت الجد محمد بن عبدالرحمن الشريدة. تلك الشخصية التي يعرف تاريخ بريدة مواقفها أيام استعادة بريدة مع المؤسس وأيام المسغبة وسنة الجوع عام 1327 وصولات المعارك والاستشهاد في جراب عام 1333. هذا التاريخ الحافل بكل معاني الرجولة والبذل والكرم والقيادة والشهادة .. شكل شخصية الفقيد ( ابن الخال سليمان أبا فهد) رحمه الله وأكرم مثواه. وترى حسن التربية في اولاده وجميل عنايته بهم وعنايتهم به. كان من الرعيل الاول المتعلم والمعلم الذي تعرفه أروقة التعليم في اللغة العربية وآدابها. فقد التحق بكلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية وتخرج منها عام 1382\1383 . وعين معلما في تلك السنة في معهد المعلمين وكلف بالتعليم في معهد إعداد المعلمين الثانوي ببريدة عام 1390. ثم باشر عمله موجها ومشرفا تربويا في إدارة تعليم القصيم. وحسب من يعرف ملفات التعليم كان الموحه الأول في القصيم. حيث كان أول موجه سعودي يعين في القصيم لمادة اللغة العربية للمرحلتين المتوسطة والثانوية. وكان لجودته يكلف بزيارة المدارس في عدد من المناطق. وكان متواصلا مع الوزارة في اقتراح الكتب وإثراء المكتبات المدرسية. وكان شغوفا بتاريخ الوطن وكتب في ذلك رسالة غن أهمية التاريخ الهجري. ومن صفاته الأدبية أنه يجمع بين الشعر العربي والعامي مع جزالة في الالفاظ والمعاني. ومنها قوله رحمه الله في رثاء والده القدير عبدالله رحمه الله 17\12\1397 ( يا ساهرا ونجوم الليل شاهدة .. وباكيا حيث لا نجم ولا قمر .. وشاربا من يد الأحزان مترعة .. قد خُط باللوح ما يجري به القدر) وهنا تقرأ جودة المعاني وصفاء العقيدة لديه. ثم يقول: ( يا سائرين بعبدالله معذرة .. قفوا قليلا فما في الناس مصطبر .. لعل عينا تسح الدمع موفية .. حقا لشهم عليه القلب منكسر) هذا جزء من رائعته في حق والده الجليل. ( رحمهما الله). ومن قصيده الآخر الذي بيرز وطنيته ( كم منظر هيج ضميري بالأشعار .. وذكر إسنين ما ضيات صفايا .. بديار نجد للعرب فيها الأسرار .. دار الكرم والخير وزين السجايا .. يا ما تذكرني إربوعة والآثار .. اللي مضوا عبر السنين الخلايا .. هي دارنا ما مثلها بكل الأمصار .. في حضرها وفي بدوها والقرايا ) ابيات تشعرك بالذوق وسعة الخيال ومروءة الرجولة والوطنية. وفي مجالسته رحمه الله: استبشر كما غيري من الأسرة حينما نزوره او نلقاه في مجالس الأسرة الدائمة والعامرة برجالها الأكارم. لا يمكن ان تقوم من المجلس الذي كان فيه إلا وتتطعم بعدد من الفوائد سواء في الادب والشعر او قصص الأفذاذ من الرجال. ولا يسردها هكذا وإنما يعلق عليها بملامح تربوية وقيم إسلامية وأبعاد وطنية تشد سمعك. كان قلمه سيالا وفكره معطاء وقد الف عددا من الكتب منها ( كل الصيد في جوف الفراء) في عدة أجزاء يخرج القارئ منها بموسوعة من المعارف التي تعزز فيه معاني الأخلاق السامية التي يحملها. ولحب طلابه واصدقائه له قالوا فيه الشعر منها قصيدة الاستاذ سلطان الوسيدي ( يابن شريدة طيبكم من يخفِّيه .. ولو تختفي تشهد منازل بريدة .. والمجد ما كلٍ يمسٍّك عراويه .. إلا الرجال أهل المزايا الفريدة) وقال فيه فهد بن عقيل الطويان ( يا بو فهد ياوارث الطيب زرناك .. زرتك لو حالت مواعيد وظروف .. أستاذنا بك نفتخر ما نسيناك .. وجدك محمد بالعقيلات معروف .. في مهنة التعليم حنا فقدتاك .. لا شك دورك فيه محفوظ بحروف ) إلخ. وقال فيه آخرون كثر .. منهم الشاعر دخيل الدخيٍّل : مني سلام عد وبل المخايل .. وعد النبات وعد ما يجري السيل .. ابو فهد نجل الرجال الأصايل .. سليمان إليا عدوا إجزال المحاصيل .. تعيش،يا شهم للامجاد كايل .. أبوك وجدِّك مشبَعَين المهازيل ..) وقيل فيه الكثير في دماثة خلقه ولطفه وسعة أفقه. وقد كان رحمه الله يوثق كثيرا من العلوم فكانت المحبرة صديقة له منذ ريعان شبابه حتى أقعده المرض في سنيه الأخيرة .. رحمه الله. وفي ليلة الجمعة من أيام التشريق المباركة يوم 13\12\ 1442 وبعد معناة مع المرض بقي عدة ايام في المستشفى حتى توفاه الله .. رحمه الله وأكرم مثواه .. وتقبله في الصالحين الأبرار في مقعد صدق عند مليك مقتدر. وسيصلى عليه عصر هذه الجمعة. هذه سيرة عطرة سطرتها وفاء لشخصيته العزيزة على الجميع وهي موجزة عن شخصية من رجالات وأدباء بريدة وأسرة الشريدة التي فقدت هذا العزيز الأريب .. ولكن تاريخه وإرثه سيبقى مع أولاده البررة الذين يحملون إرث والدهم خلقا ورجولة وادبا. ✍ كتبه ا.د خالد الشريدة .. بريدة فجر الجمعة 13\ذو الحجة\1442