كلنا يعرف أسرى الحرب حين يقعون بين أيدي العدو، ليس باختيارهم بل إجباراً وكرها. أما هو أختار أن يكون أسيراً بمحض إرادته وبكامل قواه العقلية، فتح لذاكرته باباً في منتصف الطريق، لا هو عائدُ لماضيه ولا منطلقاً لمستقبله. كلما أراد أن يتقدم تحركت عيناه للخلف وحمّل الماضي شؤم عيشه. غدى فريسة سهلة وقعت في فخ الذكريات المريرة فصنع منها حاجزاً ضخماً عملاقًا، وخطت تجاعيد الحزن بأحبارها على محياه، تضحك شفتاه لكن لايدري ما منتهاه. الأرواح المتعلقة بالله تعرف كيف تدير عجلة الماضي إلى أحداث حاضرة ومستقبلية مليئة بالدروس والعبر، بل وتعرف كيف تمحو معالم اليأس وتنسج على لوحة الزمن حقول الأمل والتفاؤل وتزينها بأغصان تمتد إلى الله ، فتنمو زهور الأنس والسكينة على قلبها، ويفوح أريجها في مفترقات طرق حياتها.. نعم تلك هي الأرواح الراضية بالعطايا الربانية، التي تظن بخالقها خيراً في أحلك الظروف وتتلمس الخير في بواطن الأمور. دع الأيام تفعل ما تشاء وطب نفساً إذا حكم القضاء ولا تجزع لحادثه الليالي فما لحوادث الدنيا بقاء الحياة الحاضرة والمستقبلية ماهي إلا بوابة أنس ومسرة لمن صنع من ماضيه بستاناً في قلبه. أغلق الباب الخلفي وأفتح الباب الذي أمامك ولا تكن بين وبين فتضيع لحظاتك تائهاً لا تعبر الطرقات.. ( الأمل بالله والتوكل عليه) شعار كُتب على البوابة الأمامية وثق أنه زادك ومستزادك لخوض حياة أكثر رحابة بالقرب من الله.. أعلّلُ النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ ولا تنسى أن تجعل للتفاؤل مساحة في روحك لتبصر عينيك نعيماً لا يبصره إلا من وثق بربه.. بقلم إيمان عسيري