تشكو نوائب الدهر إن آلمتك واحدة وبين يديك كنوز وأثمان من النعمِ يستجدي الأخرين بدعوة له، لماذا؟ لأنه يرقد على السرير الأبيض، يتأوه وجعاً. تودع زوجها مسافراً إلى بلاد لا يعرفها تاركة طفلها عند قريبتها، لماذا؟ ليس لديهم مأوى ويبحثون عن لقمة العيش. دموعه تبلل وسادته قبل أن ينام، لماذا؟ يخشى أن يفقد أطفاله جرى الغارات الجوية. تسمع صوت والدتها عبر سماعة الهاتف فتجهش بالبكاء، لماذا؟ بينهما الآف الكيلومترات ولا تستطيع أن تراها. أنت والحزن وبينكما (لماذا؟) الإجابة كيفما كانت وبأي طريقة ذُكرت تظل لا شيء، أمام كل شيء لديك. الحزن سيرحل ويحل الفرح، المرض سيزول وينزل الشفاء، الغربة ستتبدل إلى أُلفة، والغياب منتهاه إلى لقاء. إن فقدنا واحدة فبين أيدينا العشرات، حزنا مرة فرحنا مرات، ولازالت العطايا تتوالى من رب البرايا. إذا ضاقت بك الأركان يوماً فنزوي في ركن لا يراك فيه أحد، تأمل الموجود ستنسى المفقود وستتذكر أن المرء إذا نظر إلى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته بل تلاشت. فكلنا في دروب الحياة سائرون ومن منغصاتها ذائقون وبفضل الله صابرون. طُبِعَتْ على كَدَرٍ وأنت تريدها صفواً من الأقذاءِ والأكدارِ دربّ نفسك على القفز الآمن في الأوقات الصعبة لتتخطى اللحظة الشائكة وتصل سريعاً إلى الضفة الآمنة ظافراً، بالنصر متلذذاً بالفوز. وغداً ستُزهر في البيداء أمنيتي وأحوم طيراً في سماوات الفرح لقلبك: لا تنشغل بأحزانك عن أفراحك بل تلمس الأخيرة بين طيات الأحداث الصغيرة واصنع منها لحظات كبيرة ممتدة لا تزول سريعاً، تعش راضياً شاكراً لفضل واهبك. بقلم : إيمان عسيري