✒حين نتحاور ، ونتناقش ، أو نتجادل ، من الطبيعي أن نختلف فالله خلقنا بطباع مختلفة لكل منا أفكار وأساليب وأراء تميزه عن غيره. مما يؤدي إلى أن نتعايش أو نتفق أو نتعاون، أو تضطرب علاقاتنا ، أو نتصالح أو أن نتقاطع وغيرها من الأمور الحياتية التي تحصل جراء الإختلاف ؛ ولكننا نسير بمبادئ ثابتة وقواعد راسخة تحتم علينا إعادة النظر في سلوكيتنا وتعاملنا ومراجعة أفعالنا بصورة متكررة كي نرتقي ونسلك المسلك الصحيح في التعامل مع الناس وخير هدي يسلك في هذا الجانب هو الهدي النبوي. قال الرسول صلى الله عليه وسلم :"خير الناس أحسنهم خُلُقاً" صلاحُ أَمرِكَ لِلأَخلاقِ مَرجِعُهُ فقَوِّمِ النَفسَ بِالأَخلاقِ تَستَقِمِ والنفسُ مِن خَيرِها في خَيرِ عافِيَةٍ وَالنَفسُ مِن شَرِّها في مَرتَعٍ وخِمِ لماذا حسن الخلق يقود للخيرية؟ أن حسن خلقك حسن تصرفك ،وغلب حلمك غضبك، وتهافتت إليك الأرواح، وتسابقت نحوك الخطى، وارتفع ذكرك عند الناس ورب الناس. (أن كان المقصد والغاية والوجهة لله جل جلاله). وماذا يحصل الآن في حسن الخلق؟ وكيف هو تعامل الناس فيما بينهم؟ وماهو حال الأرحام وذوي القربى؟ هناك خير في الناس وفيما بينهم أدام الله هذا الخير وفي الجانب المضاد لهذا الخير تجد قطيعة، وتشاحن، وتباغض، وتقديم لهوى الأنفس، وانتصاراً للذوات، وتكبراً على أوامر الله، وترك الواجبات بسبب ضغائن، وترهات ومشاحنات، وغيرها من توافه الدنيا فلماذا كل هذا؟ وإلى أين تقود هذه الأفعال؟ وأين رضا الله هنا؟ الأنفس ألتوت إلتواءاً لايعود عليها بخير ولايجلب لها النفع ولا يرضي الله عز وجل! اختلفوا فتخالفوا! تناقشوا فتجادلوا! تجادلوا فتباغضوا! تباغضوا فتقاطعوا! فلا سلام ولا تحاور! ولا تراحم ولا تواصل! لربما يكون الأمر مؤلم ولكنها الحقيقة المؤلمة التي تعاش! والمعاملة المرة التي يتعايش بها من آثر نفسه ولم ينهها عن الهوى! واختم بعبارة وليدة موقف وقع في القلب موقع السهم في الرميّة ! يبقى الواجب واجباً مهما كان حجم الاختلاف والخلاف.. ولن ينتهج هذا النهج إلا من ارتقى بفكره وتسامى بفعله وقصد وجه الله تعالى في كل أمره، فمن الحكمة عدم إقحام الخلاف والاختلاف حين نقوم بواجبنا تجاه الناس فالواجب أوجب، وفعله أولى من أي جدل وخلاف. وأبدع الشاعر حين نظم هذه الأبيات نظماً يهز القلب: ويَهُزُّني ذكْرُ المروءةِ والندى بين الشمائلِ هزةَ المشتاقِ فإِذا رُزقتَ خَليقةً محمودةً فقد اصطفاكَ مقسِّمُ الأرزاقِ والناسُ هذا حظُّه مالٌ وذا علمٌ وذاكَ مكارمُ الأخلاقِ والمالُ إِن لم تَدَّخِرْه محصناً بالعلمِ كان نهايةَ الإملاقِ.