لماذا غابت الطمأنينة في حياة كثير من الناس وملأ القلق نفوس البشرية واعصابها؟ سؤال حائر بين النفوس بعد ان سقطت في مستنقع توترات العصر، فتكالبت عليها المتاعب والمخاوف والتوترات، فزادت امراض العصر النفسية والعصبية والعضوية، لكن هيهات ان ينجح وحده الدواء للنفس دون علاج الاسباب ومكامن الداء للذين اغرتهم مظاهر الدنيا وعرضها الزائل. حري بكل نفس ان تعمق فيها معاني الخير والسكينة بذكر الله وتقواه لتطمئن القلوب، فالنفس المطمئنة هي مستقر الايمان، لانها نفس خاشعة محبة لله متوكلة عليه، تأنس بالله وتشتاق اليه سبحانه، فيكرمها يوم القيامة لقوله تعالى (يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) وهكذا النفس المطمئنة من اعلى درجات النفس الانسانية، التي ترتقي باعمالها حتى تصل الى مرتبة السكينة. من الواجب في كل لحظة العودة الى الله والتوبة النصوح، وان نمارس الجهاد الاكبر، جهاد النفس، وفي الحديث الشريف الذي يروى عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يتوب الى الله في اليوم، والليلة اكثر من سبعين مرة، ويعلمنا ان التائب من الذنب كمن لا ذنب له، كل هذا لنعلم ان الاخذ بالاسباب هو سبب الفلاح. محاسبة النفس تربي نعمة الاحساس بالوعي فيبقى القلب نابضا بالخير يبدد ظلمة الغمام والتفريط، والوعي بأن ما نفعله او نهم بفعله يجب ان نزنه بميزان التقوى دون خداع الاماني ولا ظلم للنفس قبل ان تنتهي الآجال والاعمال، فاليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل فلنتذكر ايها الاحبة ان بامكاننا استثمار تلك الاوقات والانفاس في ذكر الله عز وجل وفي الدعاء والتوبة وفي الكلمة الطيبة والصادقة ونفع الناس، فخير الناس انفعهم للناس، حتى لا نُكتب من الغافلين وحتى ترجح تلك الحسنات ميزان اعمالنا عند الله عز وجل يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم، ومن رحمة الله سبحانه وتعالى انه يضاعف الحسنات بعشر امثالها والله يضاعف لمن يشاء. ان للاخلاق منزلة رفيعة في الاسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الا اخبركم باحبكم الى الله، واقربكم مني مجلسا يوم القيامة قالوا: بلى، قال: احسنكم خلقاً) واكتساب الاخلاق الحسنة الرفيعة بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في حسن خلقه، وقد امرنا الله عز وجل بذلك في قوله تعالى (لقد حكان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا). من كانت الغفلة اغلب اوقاته كان الصدأ متراكما على قلبه، وكل انسان على نفسه بصيرا تجاه احياء القيم والتأسي باخلاق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وان نعيد الاخلاق الى نبعها الصافي، ولو عدنا الى جوهر الاخلاق لما شكونا الغلاء وشح النفس والغش في البيع والشراء وفي المعاملات، والانشغال بأمور الدنيا، لذا فان صلاح الاخلاق يكون على الاسس المتينة من اخلاق الدين الحنيف، حتى تستقيم الحياة ونعالج الادران في النفوس والمجتمعات. ففي الحديث الشريف "احب الناس الى الله انفعهم للناس" وهي منزلة عظيمة ودرجة عالية رفيعة، ذلك ان محبة الله للعبد شيء عظيم، فان الله اذا احب عبدا احبه اهل السماء والارض، وكما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ان الله تعالى اذا احب عبدا نادى جبريل فقال: يا جبريل اني احب فلانا فاحبه، فيحبه جبريل فينادي جبريل في اهل السماء: ان الله يحب فلانا فاحبوه، فيحبه اهل السماء، ثم يوضع له القبول في الارض". ما اعظم ان يحفظ الانسان قلبه في الصلاة وان يحفظ لسانه في المجالس وللشاعر قوله: صلاح امرك للاخلاق مرجعه فقوم النفس بالاخلاق تستقم اللهم ات نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، انت وليها ومولاها. للتواصل 6732069