✒بالأمس وأنا أتابع خبر أفزعني في إحدى القنوات الإخبارية بأن السجون قد امتلأت بالمديونين للبنوك والشركات وغيرهم من أصحاب الدين بعد تفشي ظاهرة الفقر والعوز والحاجة بين بعض أفراد المجتمع بشكل مخيف، فلا تجلس مجلساً إلا وتجد من يشكو عدم وجود العمل أو لا يستطيع دفع رسوم المرافقين أو تراكم فواتير الكهرباء والماء عليه أو لا يستطيع سداد قيمة الإيجار. عبارة كنت قد قرأتها منذ سنوات على مواقع التواصل الاجتماعي وظلت عالقة بذهني حتى اليوم.. "نحن مجتمع يبحث عن إطعام الفقير في رمضان، ولا يبحث عن الجائع طوال السنة ليطعمه"، وقد كثر الجائعون اليوم!! فهل ينتظر الفقير والمسكين لسد جوعته حتى يأتي شهر رمضان عندما يقوم الأغنياء بدفع زكاة أموالهم؟ في عام 2016 أطلقت محكمة النقض الإيطالية العليا قاعدة قانونية: بأن سرقة كميات صغيرة من الطعام لسد جوع الإنسان ليست جريمة، أي «لا عقوبة على الجائع»، ويرجع سبب صدور هذه القاعدة الاجتماعية إلى قصة رجل مشرد أوكراني مقيم في إيطاليا، كان جائعاً ومريضاً ودخل سوبر ماركت فلم يستطع مقاومة الجوع وإغراءات الأطعمة الرائعة، فالتهم بعضها، ووضع الآخر فى جيبه .. فضبط متلبساً بالسرقة وقدم للمحكمة التي عاقبته فى درجتها الأولى بالسجن والغرامة، فلما استأنف الحكم أمام المحكمة العليا الإيطالية قضت ببراءته بسبب إن حالة المتهم والظروف المحيطة بحصوله على المأكولات يظهر أنه أخذ الكمية القليلة من الطعام التي احتاجها للتغلب على متطلباته الفورية والضرورية للعيش والمحافظة على حياته. وأضافت المحكمة أنه يجب ألا يُعاقب الناس إذا أجبرتهم الحاجة على سرقة كميات صغيرة من الطعام لتلبية الاحتياجات الأساسية لإطعام أنفسهم، ثم أرست مبدأ قانونى بأهمية العدل الاجتماعي الذي هو أساس الإسلام أن «لا عقوبة على الجائع»، لحماية للإنسان الذى هو مناط كل الشرائع التى جاءت عدلاً ورحمةً وشفقة على المحتاج. وما جاء في حكم المحكمة الإيطالية ليؤكد ما قام به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في عام المجاعة حيث أمر بتعطيل الحدود ومنها حد السرقة إذا كان بغرض الحصول على الطعام البسيط للمحافظة على الحياة أي*إذا حملته الحاجة على ذلك والناس في مجاعة وشدة، فالشريعة نزلت أساساً لرعاية الإنسان وليس لإهدار قيمته أو القسوة عليه. ترويقة: عيّن الخليفة عمر بن الخطاب أحد ولاته على الأمصار، وسأله: ماذا تفعل إذا جاءك سارق؟ قال: أقطع يده، فقال عمر: فإن جاءنى من عندك أحد رعاياك يشكو أنه ليست له حرفة أو صناعة ولا يجد ما يتقوت به سأقطع أنا يدك.. ولهذا أرسى عمر بن الخطاب قاعدة قانونية وإنسانية عظيمة: عندما قال أراكم تستعملونهم وتجيعونهم، حتى يضطر أحدهم لأكل الحرام. ومضة: والمغزى أن لكل إنسان حق الحياة، أو كما قال شوقي " الكل في حق الحياة سواء " ولهذا فإن الجائع إذا سرق لا يعاقب، وحسب وجهة نظري البسيطة أن الجوع لا ينحصر على الأكل والشرب بل يتجاوز ذلك إلى الملبس والمسكن وضروريات الحياة.