✒المبدع صاحب فكر خلّاق. المبدع لا يعترف بالرتابة والنمطية. المبدع لا يقتنع بالقوانين والأنظمة، بل يتعامل معها باحترافية، دون إخلال بها، ودون انصياع لها. المبدع متجدّد في أفكاره ورؤاه، مثل نهر جارٍ لا يأسن ولا يتكدّر. كلّ عائلة ومؤسسة تعتز بانتماء المبدعين لها، وتسعى لتطويرهم، والأخذ بأيديهم.. ولكن هل تعلمون أنّ المبدع يعيش في عوالم عجيبة؛ فهو لا يرضى بالقليل، ولا يحفّزه الثناء، ولا تسعده الشهادات، ولا تخلب لبّه الكراسي.. المبدع ليس مثاليًا، ولا خياليًا.. إنّه واقعي من الدرجة الأولى، ولكنّ بين جنبيه نفس تعشق المعالي، وروح ترتوي بالطموح، لسان حاله يقول: (وأرى الوجود يضيق عن أحلامي) ويغريه أبو الطيب بنسيج طموحه؛ إذ يقول: إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم وينصت إلى قول البارودي: ومن تكن العلياء همّة نفسه فكلّ الذي يلقاه فيها محبّب المبدع طاقة إنتاجية وثروة بشريّة عندما تلتفت إليه المؤسسة التي يقضي فيها عمره، وينفق فيها ساعاته. متى يتسرّب المبدعون؟ يتسرّبون عندما تؤطّر أفكارهم بإطار القانون الهشّ. يتسرّبون عندما يقودهم من لا فكر له. يتسرّبون عندما يحاربون من قيادات تسعى لنجاحها لا لنجاح المؤسسة. ويخرجون غير آسفين عندما تذبح إبداعاتهم بحجّة النظام الزائف. ويرحلون بلا عودة حين يجدون الحريّة في أرض جديدة تسقي إبداعاتهم بماء الحياة. كم من المبدعين تسرّبوا وماتوا ملأى، وكان حلم أحدهم أن يموت فارغًا، ولكنّه مات غارقًا بدماء إبداعه! هؤلاء المبدعون ثروات الأمّة وقادة التغيير وسلاح العصر... ولكن أين سيجدون لهم مكانًا بين ركام القشور التي أصبحت هي أُسّ البناء!؟