✒جلست ليلى على كرسيها الهزاز ترقب النافذة بصمت ولم تكترث لحركة عصفور صغير يتحرك حول النافذة0 تجول في مخيلتها أخبار سمعتها ليلة البارحة من ارتفاع لأعداد المصابين بعد فك الحظر جزئيًا وماذا سيكون خلفه؟ حوار هادئ بين ليلى وذاتها متى ستنتهي هذه الأزمة وما أن تسأل إلا وتعود لتجيب، بإذن الله قريب الله يفرجها.. رن الهاتف ليبعثر الهدوء ويقطع الصمت ألو أهلاً أهلاً ليلى وش أخبارك؟ ليلى : بخير الحمدلله طمني كيف أمي؟ محمد : الأمل بالله كبير الدكتور كلمني وقال الوضع هالفترة صعب جدا لكن بكرة الصباح تطلع نتيجة المسحة ولعل الأمر خير.. ليلى: يارب ألطف بنا محمد الله يخليك مر خذني خلينا نروح نشوفها.. محمد : مانقدر أبدا تعرفين الوضع كيف مالنا إلا الدعاء صلي الآن وادعي ولو استجد شيء أكلمك.. ليلى : الحمدلله على كل حال الله يسمعنا أخبار حلوة ويطمنا عليها.. أغلقت ليلى سماعة الهاتف وعاد الهدوء محملاً بخيبة أمل، رفعت كفيها يارب يارب.. جرت خُطاها متثاقلة ورمت بجسدها على سريرها وضعت رأسها تحت مخدتها وضغطت عليها بشدة كأنها لا تريد أن تسمع شيئًا آخر.. كلمة واحدة كفيلة بأن تجعل الكرة الأرضية فوق رأس صاحبها وترديه متهالكًا لا يرى النور.. أنينُ ليلى تصارعَ مع الهدوء ليرديه قتيلاً ويكتسي هو المكان.. بدأ الأنين يخفت حركت ليلى الغطاء ونهضت مسرعة إلى المرآة.. عينان حمراوتان وأنف منتفخ وشعر منكوش.. تأملت ذاتها قليلاً ومشت بخطى ثابتة لا تدري إلى أين.. فتحت باب الغرفة تسير بلا هدف وتنظر إلى ممر طويل وكأنه مدخل كهف مهجور سمعت صوتًا ينبعث من صالة المنزل اتجهت للصوت وما أن اقتربت إلا وتذكرت أنه صوت التلفاز إتكأت على أريكة والدتها.. كانت والدة ليلى تجلس على تلك الأريكة وبيدها كأسًا من الشاي وباليد الآخرى ريموت التلفاز تتنقل بين قنواته وتستقر على قناة السنة النبوية .. وتجلس ليلى على يمين والدتها قريبة من المطبخ لتلبي احتياجاتها.. ترى في والدتها العالم أجمع بعد أن عوضتها عن كل ما فقدت بعد رحيل والدها.. *( الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ) سمعتها ليلى بصوت القارئ الذي تحبه والدتها، قشعريرة تسري بجسدها وكأن تلك الآيات موجهة لها .. رفعت صوت التلفاز ركضت بسرعة واغتسلت وعادت إلى غرفتها واتجهت للقبلة.. أحاديث كثيرة بغير ترتيب تُستفتح ب (يارب) وترسلها ليلى للسماء.. لا شيء يأتي صدفة حتى الرسائل الربانية التي تأتي بغير موعد في طياتها لُطف خفي، وتربيتة هادئة وطمأنينة للقلب .. ثلاث ساعات قضتها ليلى على سجادتها و لم تشعر بتلاحق عقارب ساعتها.. الساعة العاشرة مساءًا.. منهكة ولكن النوم يُجافي عيناها، تتنقل في أرجاء الغرفة بخطى متثاقلة تنتظر بزوغ الفجر ومايعقبه من أخبار وإلى أي الفئتين سيكون فرح أم حزن.. ألقت بجسدها على كرسيها الهزاز وعادت تنظر لتلك النافذة ولكنها أفتقدت حركة عصفورها الصغير جزمًا أنه نائم ليغرد مع شروق الشمس باحثًا عن رزقه في مناكب الحياة.. الله أكبر الله أكبر أذان الفجر ومع كل فجر فرج توضأت وصلت وجلست على سجادتها بانتظار أخيها وما يحمل من أخبار.. رن الهاتف ألو مين.. هذا جوال حنان ليلى : لا غلطان أغلقت الهاتف يالله مالقى يتصل إلا بهالوقت.. طق طق على باب الغرفة مين تفضل.. خالد ليلى : تفضل ياخالد.. خالد : عندي لك خبر يطير قلبك من الفرح محمد بيجيب أمي الساعة 10 الصباح مسحتها طلعت سلبية ليلى: أحلف يااااربي لك الحمدلله والشكر هذي يبغالها سجدة شكر .. عادت لنافذة الأمل وهي تبتسم و تشير بيدها لعصفورها الصغير، تنظر لساعة يدها تعد الثواني قبل الدقائق لتستقبل إمرأة واحدة لكنها العالم أجمع.. لا نريد أن نكون كليلى حين خشيت الغد وبكت على مالم يحدث .. لكن كُلنا ليلى حين وقفت على نافذة الأمل محسنة الظن بالله مرددة (قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المتوكلون)..