✒ يقول صاحب التغريدة: (عند سماع قولاً مؤذياً وجارحاً من قريب أو من بعيد يقع بالقلب ألم ويحدث في النفس خدوش غائرة، فإذا سكت وتجاوزت عنه سمي هذا العفو حلماً)*، وهذا ما حصل معي عندما سمعت كلاماً جارحاً من شخص حبيب إلى قلبي. تغافلت وكأني لم اسمع كلماته واتجهت بالدعاء له عسى أن يعفو الله عن اخطائي وزعلاتي.. كثيراً من الناس قد يدعي الحب في كلماته، وقد يصافحك ويلامس يديك، وقد يعيش معك في بيت واحد، لكنه بعيداً عنك محبة ومودة كما ما بين السماء والأرض، وقد تجد شخص آخر بعيداَ عنك جسداً لكن روحه تلامس شغاف قلبك بحسن خلقة وجمال كلماته، فيترك فيك أثراً جميلاً وبصمة تغير من حياتك.. وأنا أقرأ عن الكلمة الجارحة واثرها في النفس البشرية تذكرت على النقيض موقفاً جميلاً مازال عالقاً في ذهني بالرغم من حدوثه قبل سنوات خلت عندما وجه لي أحد الأصدقاء الكرام دعوةً بمناسبة حفل زواجه، فأخلفت موعده بغير مَلَكْي، ولم احضر يوم الفرح لخطأ في فارق التوقيت.. وفي اليوم السابع زرته، فما إن رآني حتى هش وبش في وجهي، وأقبل علي مرحباً ومهللاً، واصر على ضيافتي في بيته العامر، ولم يلبث قليلاً حتى جاء بكبش حنيذ فقربه إلي مع ثلة من أصدقائه، ومازالت عبارات الترحيب تنبعث من لسانه فيفوح أريجها معطراً أجواء المكان. إن الرجل لم يكن شاعراً منطيقاً، ولا خطيباً بليغاً، ولم ينل تعليماً متقدماً، لكنه لم يحرم إحساساً مرهفاً، وتعاملاً راقياً، ومنطقاً حسناً، الذي قد يحرم من ذلك الخلق الكريم بعض أرباب الشهادات وأصحاب المناصب والوجاهات. السعادة تحتاج إلى صناعة وتبدأ بالكلمة الطيبة، والكلمة اللطيفة، والكلمة الجميلة والكلمة تصنع حباً وسحراً حلالاً وجواز سفر تعبر بها إلى القلوب، والسعادة لا تصنع إلا بالحب والإنتباه إلى التفاصيل الصغيرة التي يعتقد الأغلبية أنها لا تشكل فارقاً كبيراً، لكنها في الحقيقة تفعل مالايفعله السحر في الإنسان. هناك سعادات مخبأه ككقطع الحلوى، منها صدفة لقاء حميمي أو كلمة جميلة أو إبتسامة عابرة أو موقفاً نبيلاً، فكن إحدى هذه الحلوى وإصنع سعادة وفرحة عابرة لكل من يعرفك أو قريب منك.. *ومضة: قال الله تعالى: (وقولوا للناس حسناً).. وقال سبحانه: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن).. وقال تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه).