✒ تجاذب الناس وتنافر بعضهم من بعض يكمن في قضية تجانس الأرواح وتآلفها، وتعد الصداقة من أرقى العلاقات الإنسانية، إذ أنها تربط بين شخصين دون صلة دم أو قرابة نسب، وتقوم في أساسها على التقارب الروحي والتواصل الجسدي. اليوم خرجت من بيتي، وما أخرجني إلا إحساسي بفرحة غامرة تعتريني من كل جانب، فرحة عانقت قلبي من جديد، فرحة دفعت بي إلى الخارج دون ترتيب أو إعداد للخروج من بيتي. وفجأة.!! رايت رجل وجهاً لوجه، رجل ذكرني بطفولتي الجميلة، لقد رأيت رجل أحبه منذ أن كنّا اطفالاً صغاراً، حيث كنّا ندرس سوياً عند معلمة الحارة ثم في مسجد الحي ثم تزاملنا في المدرسة الإبتدائية ثم مرحلة الإعدادية واخيراً سنة من مرحلة الثانوية. ثم جاءت أزمة الخليج وتفارقنا منذ تلك الأيام.!! هو سافر إلى بلده وانا بقيت هنا ولم التقي به منذ ذلك اليوم إلا هذه اللحظة وبصورة فجائية.!! ودون سابق موعد رايته وجهاً لوجه، شعرت بالفرحة والسعادة تغمر قلبي، فاحتضنت صديقي الحميمي إلى صدري بعد سنوات عجاف لدقائق معدودة، شعرت بدفء المشاعر وحلاوة اللقاء. كانت ليلة ما أروعها، وليل كالفجر في حس ناظره، ليل أرى فيه كل شيء، وليل أشعر فيه بكل شيء.. إنها لحظات الحب تدفع بصاحبها أحياناً إلى البكاء من الفرح، إنها لحظة لقاء بين حبيبين. بهذه الفرحة الجميلة جلست مع صديقي الحميمي، جلست مع رجل بل صديق وأكثر من أخ لم تلده امي، جلست معه جلسة هدوء، جلسة نقاء، جلسة صفاء، جلسة ود، جلسة محبة. لقد عشت لذة اللقاء، ولذة الإخاء، ولذة الإجتماع، ولذة الحب، ولذة الود المتبادل، ولذة السعادة التي كفكفت دمعي واعادتني إلى ماضً جميل. وعندما خرج من بيتي مودعاً له، فتحت تلفوني ونفضت الغبار على أسماء كانت بيني وبينها مودةً وإخاء، وبدأت بالإتصال والإرسال، وأخذت على نفسي وعداً وعهداً أن لا أنسَ أصدقاء طفولتي وزملاء دربي. *ومضة: قال صلى الله عليه وسلم: (الأرواحُ جنودٌ مُجنَّدة، فما تعارَفَ منها ائتلف ، وما تنَاكَر منها اختلف).