في حج هذا العام 1434ه، وفي ضيافة أحدِ المشايخ الفضلاء، استأذن عليه منسقُ مواعيده؛ ليخبره بأن اللاعبين فلاناً وفلاناً -من اللاعبين الدوليين في كرة القدم وغيرها- قدِمُوا لزيارته! استقبل الشيخُ ضيوفَه بالابتسامة، وجرى بينه وبين اللاعبين حديثٌ وديٌّ، ومعايدة ومؤانسة، وكلمة توجيهية من الشيخ لهم، أشار فيها إلى أن ممارسة الرياضة هوايةٌ لا تَمنع من أن يحدِّد معها اللاعبُ رسالةً له في الحياة، تنقله إلى هموم أعلى، فهو مسلمٌ قبل أن يكون لاعباً. وضرَبَ الشيخُ نماذج لرياضيين نالوا الشهرة، مع التزامهم بالخُلُق الرفيع، والمحافظة على دينهم، ثم أبدعوا في ميادينَ أخرى، نفع الله بها الأمة، كما ضرب أمثلةً بمن ضاعت زهرة أعمارهم، فعضّوا أصابع الندم. انتهى اللقاء بوداعٍ رسم البسمة على الشفاه، وخُتِمَ بالرغبة من الجميع في مزيد من التواصل. توقفتُ كثيراً بعد وداع الإخوة اللاعبين أتأملُ في عوائد مثل هذه اللقاءات بين أهل العلم والدعوة وبين مختلف فئات المجتمع، ومنهم لاعبو الرياضة! إن الرياضة بمختلف أنواعها([1]) فرضت نفسها واقعاً ترعاه الدول منذ عقود كثيرة، ودخلها أعدادٌ كبيرة من الشباب، وتعلقت نفوسُهم بها ممارسةً وتشجيعاً، فهل الحل أن يَهْجُرَ أهلُ الحقّ التواصل مع هذه الفئة العريضة من المجتمع؟ أم الصواب أن يتواصلوا معهم، وتوجيه هذه الفئات الطيبة من الرياضيين -وهم كُثُر ولله الحمد- لاستثمار ممارستهم للرياضة في إيصال المعاني الحسنة، والتحذير من السلوكيات السيئة، التي تعصف بالشباب. لا أنسى أطفالاً من أقاربنا -قبل سنوات- كانوا يتحدثون عن تأثير مشهدٍ تكلّم فيه بعضُ اللاعبين المشهورين عن الصلاة، وأهمية المحافظة عليها، ومشهدٍ آخر تحدّث فيه آخرون عن ضرر المخدرات، في جملةٍ من المشاركات الجيدة، التي وصلت رسالتها لقطاعٍ عريض من الشباب لم تكن لتصل إليهم بمثل هذه السرعة والانتشار لو لم يشارك فيها هؤلاء المشاهير؛ نظراً لمتابعة كثير من الشباب لهم ولأخبارهم. إن آثار التقارب بين أهل العلم والدعوة وبين أهل الرياضة سيحقق فوائد كثيرة، وآثاراً حسنة، منها: 1) كسر الحواجز المصطنعة بين الطرفين. 2) تصحيح ما قد يقع من أخطاء في الساحة الرياضية. 3) ابتكار أساليب جديدة لنشر العادات الحسنة، ومحاربة العادات السيئة المنتشرة في أوساط الشباب بالذات. 4) التأمل في كيفية الإفادة من المحافل الدولية، في الدعوة إلى الله بواسطة هؤلاء اللاعبين الفضلاء. 5) التعاون بين الجميع فيما ينشر الخير عموماً بين الناس. إنني كما أحمدُ للشيخ استقبالَه وحفاوتَه باللاعبين؛ فإنني أشكر للإخوة اللاعبين تواصلهم مع أهل العلم والدعوة، وأرجو منهم أن يزيدوا من هذه اللقاءات، فهم أصحابُ رسالةٍ بإسلامهم- قبل أن يكونوا لاعبي كرة.