أين أصوات العلمانيين والليبراليين ضد مناهج التعليم الإيرانية ودورها في صناعة الإرهاب والتطرف والعنصرية والطائفية؟ اقرأ ?? بعد قرون مضت، نهض الرجلان من بين الأموات، وجابوا الأقطار من أجل الدمار، كل منهما يترك بصماته في كل عملية تفجير تُنفذ في الشرق أو الغرب. لم يكن ذلك أحد مشاهد أفلام الزومبي أو جزءًا من إحدى روايات الرعب ل إدجار آلان بو، لكنه المشهد الثابت في مخيلةِ أشقى القوم في بلادي، والذين يتحينون أعمال العنف والتفجيرات، ليشيروا بأصابع الاتهام إلى من يسكنون بطن الأرض، أمثال الشيخين: ابن تيمية، ومحمد بن عبد الوهاب رحمهما الله. فبعد كل عمل إرهابي ينفذه من لا فقه له ولا بصيرة، ينبري فئام من بني جلدتنا، يصرخون لتغيير المناهج التعليمية التي تُربي الأطفال على أفكار الشيخين وأمثالهما من المُصلحين، وعلى سيرة رموز العلم والجهاد والدعوة، ويتهمون تلك المحاضن بصناعة وإنتاج الإرهاب، وصياغة العقلية المتطرفة. ونتيجة لذلك تآكلت الفكرة الإسلامية من المناهج التعليمية في البلاد العربية، وصارت المناهج تُصاغ وفق ما يتوافق مع الآخرين بعصا فزاعة الإرهاب. تلك الأبواق لم نسمعها يوما تنتقد المناهج التعليمية التي تغذي الإرهاب والتطرف والعنصرية والطائفية في بلدان أخرى، لا لشيء إلا لأنهم يقتاتون على معاداة شمولية الإسلام وهيمنته على مناحي الحياة، وعلى هذا الأساس الخبيث بنوا مناهجهم وصاغوا أفكارهم. *لا بأس في أن نقوم بجولة قصيرة للتعرف على المناهج التعليمية والتربوية لدولة لها مشروعها التوسعي، وأصبحت المصدر الأساس لتصدير الأزمات للعالم الإسلامي العربي. في إيران ومنذ ثورة الخميني، تصاغ المناهج التعليمية بما يضمن صياغة شخصية الطفل وفق توجهات الثورة التي قامت لإطلاق مشروع قومي إيراني يعيد مجد فارس، يرتكز على الطائفية المتمثلة في المذهب الشيعي الإمامي الإثنى عشري. مناهج التعليم في إيران تركز على التشويه المنظم لصورة الدول العربية، واختزال التاريخ الإسلامي في صراع مذهبي، يظهر فيه الشيعة موضع المُضطهد مسلوب الحقوق. كما تركز تلك المناهج على تعظيم القومية الفارسية، لتغذية النزعة الشعوبية لدى الإيرانيين الناشئة، يقول د. نبيل العتوم في دراسة بعنوان "صورة أهل السنة في الكتب المدرسية الإيرانية": "يحاول صانعو القرار التربوي المزاوجة بين المذهبة الشيعية والقومية الفارسية، وذلك بإكساب المفاهيم التربوية صبغة مذهبية قومية، باعتبار الثورة تعبيرا عصريا للفارسية الشيعية، فالتربية تستقي مقولاتها من المذهب والقومية الفارسية، الهدف النهائي هو إقامة دولة ثورية على أرض إيران ، وأن تصبح الدولة الشيعية المركزية مقرا لكل شيعة العالم، وهذا الهدف الثوري سيجعل من إيران دولة توسعية بشكل حتمي تلقائي". *اعتمدت منهجية الدراسة على تحليل وتفكيك نصوص المقررات الدراسية في مراحل التعليم الإيراني، نقتبس منها بعض المقاطع. *جاء في أحد النصوص تحت عنوان المجتمع الإسلامي بعد الرسول..خلافة "أبو بكر". (بعد وفاة الرسول وعندما كان سيدنا عليّ مع أقرب صحابة الرسول مشغولين بدفنه، اجتمع فريق من الأنصار معا وذلك لانتخاب واحد من بينهم ليحكم المسلمين، ولم يأخذوا بوصية الرسول في "غدير خم") وغدير خم هو المكان الذي زعم الشيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بأن يكون الأمر من بعده لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. إلى أن يصل النص إلى خطبة الصدّيق: (في خطابه، فضَّل المهاجرين على الأنصار، عند ذلك عادت الخلافات القبلية من جديد). ما هي الفكرة التي ستختزنها عقلية الطفل من هذه النصوص؟ أن الصحابة مارقون عن طاعة نبيهم، وأنهم أصحاب أهواء، يجتمعون على الجور والظلم، وفيه طعن في خلافة الصديق رضي الله عنه. والنتيجة الطبيعية أن الطفل الإيراني سينحصر ولاؤه في آل البيت وحدهم، وأما بقية الصحابة فهم أعداء لهم، ومن ثم يَتكوَّن لديه الشعور بالمظلومية التي يعتمد عليها الشيعة في تأجيج الطائفية وإثارة الفتن والاضطرابات ضد أهل السنة. * في نصوص أخرى يجد الطالب الإيراني تبجيلا وتمجيدا للدولة الصفوية الشيعية، من ذلك: (الملك إسماعيل صفوي في البداية هزم الأوزبكيين، وبعد ذلك التقى مع جيش العثمانيين في غابة شالدران، وبما أن العثمانيين كان عندهم قذيفة ومدفعية، فإن جزءًا من أذربيجان وقعت بيد الأتراك العثمانيين، ولكن بعد فترة قام الجنود الإيرانيون بطرد الأجانب من أراضيهم، وأعادوا جميع أراضي أذربيجان إلى إيران، وبالنتيجة فإن هذه الجهود أثمرت عودة النظام إلى البلاد). يلاحظ في هذا النص وما شابهه، تعظيم الدولة الصفوية الشيعية الجائرة التي ذبحت آلاف العلماء، وأمعنت في قتل أهل السنة، وتحالفت مع البرتغاليين والبريطانيين وغيرهم من القوى الصليبية، ضد الدولة العثمانية، وكان زحفهم إلى بغداد أحد أبرز الأسباب التي أدت إلى رجوع الجيوش العثمانية التي كانت على مشارف فيينا. ولا شك أن هذه التربية تغذي الشعوبية والشوفينية لدى الطفل الإيراني، والذي يرى دولته امتدادا لتلك الدولة الصفوية. *جاء في نص آخر من نصوص المناهج الإيرانية: (الإمام الثاني عشر هو غائب بأمر من الله، واستمرار النضال حُوِّل إلى علماء الدين ونواب الإمام الثاني عشر، هؤلاء وبتوجيه من الإمام الغائب، فإن واحدا تلو الآخر كان يناضل ضد حكومات الظلم، ومَن بعده كان يسلم الراية إلى عالم ومرجع آخر، هذا الظلم استمر حتى وقتنا هذا ، فقد تحقق النصر على يد فقيدنا القائد نائب إمام الزمان، حضرة آية الله العظمى الإمام خميني، وسوف يستمر حتى النصر الكامل على عالم الكفر والظلم والغطرسة، وظهور حضرة ولي العصر وتحقيق الحكومة الإسلامية العالمية". يلاحظ في النص تناوله للإمامة من المنظور الشيعي، وانتظارهم الإمام الغائب الذي سيظهر بزعمهم للقضاء على أهل الكفر والغطرسة (بلدان أهل السنة)، إضافة إلى تعميق نظرية ولاية الفقيه التي ينوب بموجبها الولي الفقيه عن الإمام الغائب، ومنهم كان الخميني الذي حارب العرب. كما يغرس النص في الطفل الأطماع التوسعية لإقامة نظام عالمي تحكمه إيران. *المناهج التعليمية في إيران تربي الطفل على الكراهية ضد البلاد العربية وخاصة السعودية، وتستغل محورية قضية الأقصى لهذا الغرض، حيث تربط بين تحرير القدس وبين ضرورة احتلال السعودية ودول عربية أخرى. نقل صاحب كتاب "أأيقاظ قومي أم نيام" عن الصحف السعودية قبل سنوات قولها: "أقرّ النظام الإيراني خطته لاجتياح الدول العربية، ضمن مناهج المدارس هذا العام، تم طبع كتب التربية الوطنية لتلاميذ المدارس للعام الدراسي الجديد متضمنة فصلا كاملا عن خطة اجتياح الجيوش الفارسية لأربع دول عربية هي: العراق وسورية والأردن والسعودية في طريقها لتحرير القدس". وأضافت (الصحف): أن النظام الإيراني يستغل أسطورة تحرير القدس ليبرر إعلان خطته لاجتياح العراق وسوريا والأردن والسعودية". *بالرغم من ذلك لم نسمع صوتا للعلمانيين والليبراليين في بلادنا يصرخون ضد مناهج التعليم الإيرانية ويتهمونها بصناعة الإرهاب والتطرف والعنصرية والطائفية، بدلا من الحملة على مناهج التعليم السعودية تحديدا، لاهتمامها بتنشئة الطفل على العقيدة الصافية، ومنهج أهل السنة والجماعة (القرآن والسنة النبوية بفهم الصحابة الكرام)، والتربية على الأخلاق والقيم الإسلامية، وسير العظماء المصلحين، والمجاهدين الذين دافعوا عن الحقوق المشروعة، وضربوا أمثلة فريدة للخصومة مع الأعداء، والتسامح مع أصحاب الديانات الأخرى، ويا ليت قومي يفقهون. ———