صلاح المجتمع بصلاح الأسرة، وصلاح الأسرة بصلاح أفرادها، وأعظم أفرادها المرأة الصالحة ، تلك المرأة التي حملت على عاتقها تربية الأجيال ، ولله در حافظ ابراهيم عندما قال ( الأم مدرسة إذا أعددتها – أعددت شعبا طيب الأعراق ). إن أمة تفتخر بنهضتها لابد وأن تكون قد قامت على التربية ، فالتقدم والازدهار والتطور الملحوظ لأي مجتمع لابد أن للمرأة الدور الريادي فيه من خلال ما تزرعه من قيم لأبنائها، فالصدق والأمانة وحب العمل والإخلاص كلها قيم ترعاها وتسقيها الأم الفاضلة في أي مجتمع – بيد أن المجتمع المسلم قد فاز بالأفضلية بين سائر الأمم في رعاية تلك القيم بجانب العقيدة الإسلامية التي تحث على الفضيلة. إلا أن اللافت للنظر في الوقت الحاضر انشغال الأم عن تربية أبناءها نظير انشغالها بأعمالها خارج المنزل ، فضلا عن سوء التربية الملحوظ عند بعض النساء ، واعتبار أن التربية الجسمية وتوفير الطعام والشراب هو الغاية التي أزعم أن جميع النساء على الإطلاق يحرصن عليها – وانشغل الجميع بالفوز بالشهوات من طعام وشراب ومسكن وملبس وغيره – فلم تزرع الأم حب الله وحب رسوله في قلب ذلك الفتى أو تلك الفتاة ، ولم تفلح الأم في الحرص على أبناءها بتغذية العقول بالقراءة والبحث والاطلاع ، فنشأ جيل لم يعرف من الحياة إلا إشباع الشهوات..في ظل مجتمع بات معظم أفراده قد تخلوا عن تلك القيم التي كنا ننادي بها والتي كانت جزءا من حياة الناس في عقود خلت. أما حاضرا فقد تمايز الناس وتفننوا وانشغلوا بما يمكن الحصول عليه بالمال، فزاد الطغيان ( كلا إن الإنسان ليطغى – أن رآه استغنى ). فلا العقول تم استثمارها ولا القلوب تم إصلاحها، لأن فاقد الشيء لا يعطيه , وما لم تكن هناك محاضن تربوية للأسرة المسلمة تقضي فيها وقت فراغها وتتعلم فيها ما تستطيع معه القيام بالمسئولية ، فلا ترجو بعد ذلك إلا جيلا مترهلا ضعيفا مفككا.. لا يصمد أمام أي أزمات قد تواجهه.. مما قد يسبب له الانهيار والضياع .